لم يذهب بيان وزارة الداخلية الصادر أمس، المتضمن إعلان القبض على ثلاثة من المتورطين في شبكات الإرهاب من خلال الإنترنت، بعيداً عن التحذيرات التي كان يطلقها عدد من الخبراء والمهتمين بنشاط القاعدة من خلال الإنترنت، باعتباره المكان الذي يمنح"مساحة كبيرة في حرية الحركة والتجنيد"، كما يتمتع ب?"هامش واسع للمراوغة"أمام الجهود الأمنية التي تبذل لتطويقه. وجاء الإعلان عن اعتقال"أبو أسيد الفلوجي"الذي"يحتل موقعاً في قمة التنظيم الضال، ويمارس أدواراً تتعدى الجوانب الإعلامية، إلى التخطيط لعمليات الإرهاب داخل الوطن وخارجه"- بحسب البيان- نموذجاً لتلك النداءات التي تحذر من تجنيد الشباب واستقطابهم عبر الإنترنت. ويتركز نشاط أبو أسيد الفلوجي في الإنترنت من خلال، منتدى الحسبة الذي انضم إليه في 17 أيار مايو 2005، وكان آخر نشاطاته في 13 كانون الأول ديسمبر 2006، مسجلاً 557 مشاركة ما بين موضوع مستقل ومداخلات متفرقة، إلى جانب نشاط أقل في منتدى"النصرة"، ومنتدى"الفردوس"، واشتهرت كتاباته بخاتمة"الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية، قسم الإعلام التوعوي"، إضافة إلى الخاتمة الأكثر ولاءً للقاعدة،"المخلص لمجلس شورى المجاهدين". ويبلغ"أبو أسيد الفلوجي"من العمر 25 سنة، وقبض عليه في المنطقة الشرقية قبل قرابة الشهرين، واشتهر بالنشاط الإعلامي للجماعات الإرهابية، إذ يلعب في كتاباته دور"الناقد المؤثر"، وليس مجرد دور"المتعاطف"مع أفكار القاعدة. كما هو واضح في الموضوع الذي كتبه عن الإصدار المرئي الأول لأبي مصعب الزرقاوي، الذي كان بعنوان"هذا بلاغ للناس"، إذ أورد في موضوعه 44 ملاحظة عن الإصدار من باب"الارتقاء بالعمل الإعلامي الجهادي"، لكي يستفيد منها من سماهم الإخوة في"الهيئة الإعلامية لمجلس شورى المجاهدين في إصداراتهم المقبلة"، إضافة إلى عنوان موضوع آخر"هذه ملاحظاتي ال 30 على فيلم حصاد المجاهدين الذي أصدره جيش أنصار السنة في بلاد الرافدين". وفي السياق ذاته، كتب الفلوجي موضوعاً بعنوان"المختصر في تدابير الحيطة و الحذر، لرواد المنتديات الجهادية"، أورد فيه تفاصيل تقنية في الهرب من الملاحقة الأمنية، مشفوعة برسومات وشروح تفصيلية، إضافة إلى موضوع"المدونات Blogs وكيفية الاستفادة منها في خدمة الإعلام الجهادي"، إذ يؤكد الفلوجي في كتاباته على ضرورة"اعتماد أساليب تناسب هذه المرحلة، حتى يبقى الإعلام الجهادي قوياً في وجه التحديات"، وهنا يستحق أبو أسيد الفلوجي لقب"رئيس استخبارات القاعدة في بلاد الحرمين"، عطفاً على الأدوار التي كان يقوم بها، التي كشف عنها بيان وزارة الداخلية. ويشير الصحافي المتخصص في شؤون القاعدة فارس بن حزام في حديث إلى"الحياة"، إلى أهمية خوض معركتين في مواجهة الفكر المتطرف في شبكة الإنترنت، الأولى مواجهة التطرف في الإنترنت بمواجهة مضادة في المواقع الجهادية ذاتها التي تروج للعنف، والثانية معركة أكبر، تشترك فيها الفعاليات الدينية والتربوية والاجتماعية، فضلاً عن دور البيئة الصغيرة"الأسرة"، في تحصين الأبناء من الأفكار الضالة، مؤكداً في الوقت ذاته على أن مواجهة التطرف"عملية مستمرة"، لا تتوقف عند نموذج أو مرحلة.