"أنت أيها المعلم، هل أنت من شلة المدير"؟، إذا كان جوابك ب?"نعم"، فستكون من المرضيِّ عنهم، ويتم التغاضي عن بعض التصرفات السلبية التي تصدر منك، وإذا كان الجواب ب?"لا"، فسيتم تطبيق القرارات بصرامة في حقك وتكون من المحسوبين على التيار المعارض في المدرسة من خلال موقعك في الطرف المقابل. "الشللية"تشكيل سلبي يظهر في المدارس، كحال بقية المؤسسات والإدارات الوظيفية، ويحتم على المنضم إليه أن يلتزم بأنظمته وأدبياته، ويتوافق مع قراراته، فبحسب الموظفين - والمعلمون جزء منهم - فإن لمدير المدرسة شلة خاصة يعتبرهم سنده، وعينه الثالثة داخل المدرسة، وحتى خارجها، وكنتيجة طبيعية لذلك، سيحظى المعلم المحسوب على الشلة، بمكانة خاصة وتعامل مختلف من مديره. ويؤكد عدد من التربويين وجود ظاهرة الشللية في المدارس والتي تندرج بسببها العنصريات القبلية أو الإقليمية، وهو ما يؤثر في المسيرة التعليمية في عدد من القرارات التي تصدر، خصوصاً من المدير المدرسة، في ما يتعلق بالمحاباة من خلال"تقويم الأداء الوظيفي، وتقليل نصاب الحصص عنهم، وعدم إلزامهم بالمراقبة أثناء الاختبارات، وغض الطرف عن التأخيرات"الذي يصدر من المقربين له وغيرها من الأمور السلبية على حد وصفهم. واتفق غالبية المعلمين أن سبب وجود تلك"المجموعات"في المدارس يعود إلى مدير المدرسة نفسه كونه يبحث عن معلمين يتجاوبون معه ويلبون رغباته بسرعة من دون جدال حتى ولو كان على حساب مصلحة معلمين آخرين، وذلك من خلال نقل الأخبار من هنا وهناك، عملاً على إرضائه، وطمعاً في الحصول على الرعاية والاهتمام والتقويم الوظيفي المميز، حتى لو جاء ذلك على حساب العملية التربوية. وحول هذا الأمر يؤكد معلم علم النفس حالياً المرشد الطلابي سابقاً عبدالرحمن الغامدي، وجود الشللية في غالبية المدارس، من أسبابه، العلاقات الشخصية والمصالح المتبادلة بين المنتسبين إلى تلك المدرسة، موضحاً أن هناك في علم الاجتماع تنظيماً رسمياً وغير رسمي، وتندرج تحت غير الرسمي، العلاقات الشخصية التي تعد لب المشكلة، ومن خلالها تقدم المصالح الشخصية على المصالح العامة، وهو ما يحصل حالياً في المدارس. ويشير الغامدي إلى أنه متى ما تقدمت المصلحة الشخصية بين إدارة المدرسة والمعلمين على مصالح العمل، ستكون النتيجة استقطاب أكثر من فرد لدخول"لوبي"معين يقوم على النفعية، ليتكون بالتالي ما يسمى ب"شللية المدارس"، مؤكداً أن القاسم المشترك في وجود تلك الشللية في المدارس هو المصالح الشخصية، وتقارب الأفكار والرؤى والاتجاهات بين تلك المجموعة. ويذكر الغامدي في معرض حديثه إلى"الحياة"حول هذه الظاهرة"أن رائد علم الاجتماع في العصر الحديث الأميركي سذر لاند، كوّن نظريتين مهمتين تدوران في مفهوم الإدارة، فالنظرية الأولى تشير إلى ان"البقاء في منصب قيادي لفترة طويلة يورث الفساد، وهو ما يحدث في المدارس، إذ من السهل أن تجد مديري مدارس تسمروا على كراسيهم من عشرات السنين، والنظرة الثانية أن"الفساد يبدأ من القمة إلى القاع"، ويحدث ذلك في حال فشل مدير المدرسة في القيام بواجبه على أكمل وجه، كأن يحابي معلمين على حساب آخرين، أو أن يقدم مصالحه الشخصية على مصلحة المدرسة، وهو بالتالي ما أدى الى ظهور الشللية في المدارس فتجد ان هناك دائرة مقربة للمدير، وبالطبع أخرى معارضة له". ويضيف الغامدي:"للإنسان الذي لا يريد تلك الأمور السلبية لكون لديه أخلاقيات معينة لا يستطيع من خلالها أن ينجرف مع تلك المجموعات، التي غالباً ما تكون غير إنسانية، لوجود الغيبة أو النميمة في أحد تلك المجموعات، مؤكداً في الوقت نفسه إلى أنه لا يسلم العامل من أثرها، لأنها ستطاول أي عامل موجود في المدرسة، وهو ما يجعله يحاول الخروج من المدرسة والبحث عما هو أفضل، ولو كانت الأمور متقاربة في جميع المدارس". ويؤكد تربويون ان من أهم الحلول للقضاء على الشللية في المدراس هو تفعيل القرار الذي صدر في عام 1412 هجري والذي ينص على تغيير مديري المدارس كل أربع سنوات، لأن ذلك القرار لم يفعّل بالطريقة الصحيحة. ويرى البعض أن بقاء المدير مدة طويلة في الإدارة، يجعله يكون شلة مع عدد معين من المعلمين، وأيضاً مع المشرفين من خارج المدرسة فيصبح أي رأي مخالف لرأيه يكون من الشلة المعارضة، وهو ما ينعكس على العملية التعليمية بالسلبية، ويعود الغامدي ليستشهد على مثل هذه الحال بوجود مدير قسم في إدارة التعليم له نحو 27 سنة في منصبه من دون تغيير".