كنت أسأل نفسي دوماً عند كل مظاهرة للشواذ وعند كل إحصائية تخص بني سام، لم هذا الشذوذ على رغم أن الفطرة الإنسانية تميل بطبعها إلى نصفها المكمل لها كزوج ثنائي! مما أثار فضولي للتنقيب عن هذه الظاهرة، فوجدتها مرفوضة دينياً واجتماعياً وفكرياً في أزمنة الغرب القديمة، غير أن استفحال الأمر وفشوه أجبر شرائح كثيرة في الغرب لتقبله وإقراره عبر الوثائق الرسمية على أنه"زواج مثلي"تقره بعض الكنائس هناك. فقراءة الواقع المعاصر، تؤكد أن لهذا المرض جذوراً ممتدة عبر الأزمان الغابرة، فقد أباد الله سبحانه وتعالى قوماً بأكملهم، كعبرة لكل من تسول له نفسه عمل قوم لوط المسرفين. وبعد هذا التجذر تساءلت إن كان الأمر محسوماً قديماً وحديثاً، إذ الشذوذ في ازدياد مطرد عند الغرب، حسب الإحصاءات والمهرجانات والاحتفالات الخاصة بالشواذ، ولماذا لم يسلم العرب منه؟ إذ تؤكد الإحصاءات العربية الأخيرة فشو الشذوذ عبر الملوثات البلوتوثات الفضائيات ومحاضر الشرطة، وهي إحصائية يمكن أن أشكك فيها، لولا الصحف التي تؤكد فشوه، وكان آخرها ما أصدرته وزارة الداخلية السعودية عن تنفيذ حكم القتل تعزيزاً بأحد الجناة بمدينة الرياض لإقدامه على فعل قوم لوط، إذ أقدم على اعتراض حدثين أحدهما سعودي الجنسية والآخر مقيم وأجبرهما على الركوب معه وفعل الفاحشة بهما... بل قام بتصوير ذلك متناسياً كونه رجل أمن ومستغلاً سلطته الرسمية. هذه الحادثة ذكرتني بحادثة مشابهة، إذ عقد شاب قرانه على شاب آخر وسط احتفال في إحدى الاستراحات شهدته مجموعة من الشواذ أخلاقياًً، وجسدياً، وتم القبض عليهما وأحيلا إلى القضاء... وحادثة أخرى حدثت في مدينتي، إذ قامت مجموعة من الشباب بخطف حدث صغير باكستاني وفعلوا الفاحشة به، وقاموا بقطع رأسه وإلقائه في السيل الراكد، وظلت الشرطة تبحث عن الرأس أياماً عدة حتى اكتمل التحقيق، وتوجد حادثة قديمة اشتهرت ب الترجمان إذ استدرجت مجموعة شبابية شاباً من بيته وفعلوا الفاحشة به وقاموا بقتله. وهناك ذلك الشاب الذي يحدث نفسه بشكل هستيري على أرصفة الطرقات لما تعرض له من الشواذ، وألقوا به في غيابات جب، ولم يخرج منه إلا بعد ثلاثة أيام ليعيش بعدها هائماً. تعمدت أن أضرب مثلاً عن الحالتين الغربية والعربية كي ألم بالموضوع الذي يعتمل في نفوس كثيرة تعرف مسبقاً مآل الشذوذ وخاتمته، ولأبصر بني جلدتي بأن التسابق على فعلة قوم لوط سيجعل منا نموذجاً مشابهاً للغرب بما يعانونه من تبعات الشذوذ، كالأمراض النفسية، والذهنية. إن القضاء على هذه الفعلة لا يقتصر على حصر الإحصاءات، أو نقد الذات وجلدها، أو التنفير منها بضرب المثل بقوم لوط. ولكنني أرى أن معرفة الأسباب هي سبيل العلاج، فربما تعرض الغاصب لحالة مشابهة في الصغر، أو ربما كانت نوعاً من التعبير عن الانتقام، أو نشأ في بيئة تنظر إلى ذلك الفعل بلا مبالاة، أو الخوف من الجنس الآخر فيعوضه بجنس من نوعه. أعتقد أنه آن الأوان لسبر أغوار المسألة كي لا تكون ظاهرة اجتماعية عامة كما الحال عند الغرب، فأخشى أن يأتي زمان يكون فيه الأطهار قلة كضيف إبراهيم وسط غابة من الشواذ فكرياً وجسدياً، فالأساليب المتبعة متشعبة، وتمول من الداخل والخارج... فقد قدم البنك الدولي مساعدة مالية للمنظمة التركية الوحيدة التي يتجمع تحتها الشاذون الأتراك وهي كاووس ج . ل، كما أن دولاً أوروبية تمنح حق اللجوء للشاذين الفارين من دول إسلامية كالمغربي أنس الجزولي الذي يعيش في فرنسا مدافعاً عن الشواذ المغاربة. [email protected]