في ظل طفرة عقارية غير مسبوقة تشهدها مدينة الجبيل، ظهرت إلى السطح سوق بيع أرقام منح القروض التي يقدمها صندوق التنمية العقاري للمواطنين، بنسب متفاوتة تصل إلى 50 ألف ريال لقيمة الرقم، فيما اعتبره بعض المقاولين سوق سوداء جديدة بدأت تتبلور في المدينة. ويأتي ذلك عقب ان شهدت الجبيل طفرة ازدهار عقاري كبيرة في ظل امتلاكها مقومات النجاح، خصوصاً بعد تدشين الجبيل2 والطفرة المقبلة المتوقعة في الجانب السكني، لأن المشاريع الصناعية العملاقة في الإنشاء التي بلغت نحو 30 مصنعاً ووجود مشروعي توسعة رئيسية في التنفيذ، إضافة إلى 44 مشروعاً من المقرر إنشاؤها، وهذا أسهم في تزايد عدد الأيدي العاملة، وبالتالي الارتفاع الجنوني والملحوظ في أسعار الأراضي وإيجار العقارات، وطاول الارتفاع أسعار مواد البناء، وبالتالي أصبح ذلك عائقاً كبيراً أمام ذوي الدخل المحدود ممن حصلوا على قروض عقارية فأصبح بناء مسكن في الجبيل حلماً لا يتحقق إلا لذوي الدخل المرتفع فقط. وتكمن"السوق السوداء"في تداول البيع والشراء في أرقام القروض التي حصل عليها مواطنون لم تمكنهم ظروفهم المادية من استغلالها في البناء، واستغل مقاولو البناء هذا الوضع في عرض خدماتهم بتقبل تسديد صندوق التنمية العقاري وتشييد المسكن للمواطن في مقابل مبالغ خيالية وفوائد يستحصلونها من ريع استثمارات البناء لمدة من الزمن. ويقول العقاري محمد الشهراني:"هذا وضع سوق العقار في الجبيل هذه الأيام، فقد شكلت أرقام القروض تجارة رائجة في مكاتب العقارات، ولها سماسرتها الخاصون، فقلما تجد حالياً مكتباً للعقار في الجبيل تخلو واجهته من إعلانات بيع أرقام قروض بشكل علني، أو عروض شراء من مواطنين أو عروض تقبل الأقساط من مقاولين والضحية والتي لا جدال فيها هو المواطن، الذي يقبل على مضض تقبل والاستسلام لهذا الطمع والاستغلال، وأشار الشهراني الى أن الارتفاع الملحوظ في إيجارات المساكن في الجبيل يعتبر معقولاً ومنطقياً في ظل ما تشهده من نقص حاد في المساكن، وأصبح الطلب أكثر من العرض بكثير، وأوضح أن أسعار الإيجارات ارتفع في بعض الأحياء الى 50 في المئة". من جانبه، يقول مد الله البلوي:"حصلت على منحة قرض سكني، من الصندوق العقاري للتنمية بعد سنوات من الانتظار، عانيت خلالها من مرارة الإيجار والتنقل من مسكن لآخر، فأطفأت فرحتي لأن الأرض التي أملكها لا يسمح بالترخيص للبناء فيها، فضلاً على أن تكاليف البناء تتجاوز قيمة ما سأحصل عليه من"الصندوق"بكثير، فقمت ببيع رقم منحة قرضي لزميل لي في العمل ب40 ألف ريال دفعتها كمقدم إيجار منزلي الذي أقيم فيه حالياً لمدة سنتين مقبلتين، ولا أخفيك أنه تملكني اليأس في بناء مسكن لي أضمن من خلاله مستقبل أسرتي". ومن جانبه، أكد إبراهيم ا لشمري صاحب مؤسسة مقاولات في الجبيل، أن العروض التي تقدمها شركات المقاولات في تبني تسديد قروض المواطنين وبناء مساكن لهم مقابل الاستثمار فيها حتى يستحصلوا على قيمة ما دفعوه يعتبر جيداً، وفي مصلحة المواطنين الذين لا يستطيعون بناء مساكن بكلفة عالية"، واعتبر الشمري أن قيمة الفوائد التي يحصل عليها المقاولون معقولة جداً، مقارنة بما تستفيد البنوك في حال القروض السكنية، فما نستفيده بين 20 و30 في المئة من الكلفة الإجمالية للبناء"، وراهن الشمري أن الجبيل ستشهد طفرة عقارية خلال السنوات المقبلة تتجاوز الحالية بكثير، بسبب النمو الذي ستشهده المدينة في عدد السكان قائلاً:"يجب الاستعداد له وتغطيته من الآن، في إقامة الكثير من المجمعات السكنية بجميع أنظمتها، سواء نظام ديبلوكس أم فلل أم نظام غرف للعزاب، وبات من الضروري أن تتجه المدينة نحو التمدد الرأسي من خلال السماح في تعدد الأدوار". وتوجهت الحكومة أخيراً إلى تشجيع ودعم الاستثمار في هذه المدينة، وأصدرت عدداً من التنظيمات لتحفيز الاستثمار الأجنبي فيها، وهي تحتضن نحو 50 في المئة من تلك الاستثمارات، إضافة إلى أنها تعكف حالياً على التخطيط لإنشاء خط السكة الحديد الجديد بطول 1065 كيلومتراً بين الجبيل والدمام وجدة والرياض للمسافرين والشحن، وهو ما سيعزز من أهمية الجبيل.