أبرياء يستريحون على قارعة الطريق، آمنين مطمئنين، يأتيهم وابل الرصاص يزهق أنفسهم ويرديهم قتلى، يتساءلون: بأي ذنب نقتل؟ وما الجرم الذي اقترفناه؟ هذه الأسئلة ستظل تدق في أسماعنا مع دقة كل قلب مؤمن، بحقه في الحياة على هذا الوطن سواء أكان مواطناً أم مقيماً، مسلماً أم يهودياً أم نصرانياً، مسالماً، فالله سبحانه وتعالى جعل الحياة حقاً مشروعاً لكل إنسان، بصرف النظر عن جنسه، أو ديانته، وهذه النقطة بالذات هي الكلمة الضائعة، في مربع الظلاميين، القابعين بأفكارهم على أرصفة الدماء. ليس لأحد أن يأتي وبضغطة زناد آثم ليزهق النفس التي حرم الله قتلها وجعل حرمتها فوق كل الحرمات، ويجعلها هدفاً لفكره المنحرف المعنون بالجنة، وهو في حقيقته سبيل إلى النار التي يرهبون بها الخلق، وهي تلتوي على أنفسهم وهم خلفها راكضون. فهل من معتبر؟ هي المعادلة التي كأننا لا نعيها:"وراء كل قتيل عقل من فتيل"، إنها العقول المنحرفة في وضوح الحق، والعقول الإقصائية في دائرة الحوار، والعقول التكفيرية في ظل الإيمان والعقول المفخخة في صور التبرير، والأفواه الصامتة في شكل التعاطف، وهي أمام أعيننا تزداد إصراراً على منطقها الدموي المتعطش لهلاك الأنفس وتدمير الإنسان، ليحلو لها العيش وبدم بارد على رفات الإنسانية، مهللة ومتبجحة بهذه الفعال باسم الدين، الرافض لها والمحذر منها، إنما هو دينهم الجديد الذي جعلوه هدفاً لتحقيق مآربهم العدوانية، الرامية إلى السيطرة على المجتمع، ومن ثم حكمه بمبادئهم المظلمة الهادفة إلى القضاء على الإنسان، والتنوير، والحضارة. إذا كانت الدول المتقدمة عندما يظهر الخلل في ساحتها تعود إلى التعليم وإصلاحه فنحن ليس بحاجه إلى إصلاح التعليم فقط، وإنما محاربة الخطاب الديني المتزمت ومحاربة الأفكار التي يروجها، ونراها في وقوفه ضد المرأة وضد الإصلاح وضد التنوير وضد المسرح وضد الآثار وضد الثقافة وضد كل القوانين الحضارية، مع صمت المبررين له وهم مكشوفون ومعروفون يستترون بكتاباتهم التحريضية وثقافتهم الدموية في ساحات الإنترنت، أمام صمت الفكر الديني المعتدل، أو لنقول المنفتح، الذي يحارب بكل الوسائل من أصحاب العقول المتعاطفة وكلماتها المطاطية المغلفة بالتبرير والتمييع باسم الدين البريء من هذا السرطان الفكري، الذي نراه ينمو بيننا كل يوم في المدارس والتجمعات الفكرية والثقافية وساحات الإنترنت وغيرها من الأماكن الممهورة بالدعوية وطرق أخرى كثيرة. نحن نثق بالمسؤولين عن الأمن ورجاله الذين سيتمكنون من القبض على هؤلاء الإرهابيين المجرمين القتلة، الذين اغتالوا الفرنسيين يوم الاثنين 26-2-2007 على قارعة الطريق، ولكننا لا نثق بالتصدي للأفكار التي تسري خلف الأقنعة وبمختلف الوسائل اللوجستية من تكفير وقذف ولعن وتحريض، بل والتدخل في القرارات السياسية عن طريق الكتابات"الإنترنتية"الاعتراضية وطاولت كل شرائح المجتمع، بدءاً من المشايخ المستنيرين مروراً بالوزراء المجتهدين، نهاية بالإعلاميين والكتاب من الرجال والنساء، فهل من متصد لهذه الأفكار الضالة التي بأفعالها هذه تستعدي علينا العالم ليدخل من أبوابها؟ [email protected]