عشرة أيام وتستقبل الرياض زعماء 22 دولة عربية لتعقد القمة العربية التي ينتظرها العالم بكثير من الترقب، في ظل جملة من الظروف السياسية التي تعصف بالعالم العربي، وسط تفاؤل من المراقبين وتفاوت في الشارع العربي، وغدت الرياض جاهزة بحلتها المعتادة لاحتضان التجمع العربي. شوارع العاصمة السعودية الجاهزة دوماً لاستقبال قادة العالم وكبار مسؤولي الدول والمنظمات العالمية، زاد جمالها توزع أعلام الدول العربية وعبارات الترحيب التي تفسر ما تريد الوصول إليه الرياض من جمع لكلمة العرب وتخطي جراحهم، أملاً في الوصول إلى نقطة تحول في العمل العربي المشترك. القمة التي يجمع المراقبون ان"اتفاق مكة"واجتماعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مع عدد من قادة الدول العربية، ولقائه الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، والمحادثات السعودية - الإيرانية تجاه الملفين اللبنانيوالعراقي، خففت من الملفات الشائكة وكثرتها، ما أسهم في الوصول إلى نقاط متقدمة، هيأت الأجواء أمام الرياض لخروج اتفاقات تاريخية. يقول المحلل السياسي الدكتور خالد الدخيل أن"أسباب عدة أعطت هذه القمة أهمية، الأول ان الرياض تحتضن أول قمة عربية شاملة، والآخر هو تزامنها مع الملفات العربية الساخنة جداً، خصوصاً على الساحتين اللبنانيةوالعراقية". وكانت الرياض احتضنت أول قمة عربية في السادس من تشرين الأول أكتوبر 1976، مقتصرة على ست دول وسميت"القمة السداسية"، وكانت تسعى لوضع غطاء عربي لدخول الجيش السوري إلى لبنان، ووقف إطلاق النار في لبنان وإعادة الحياة الطبيعية إليه واحترام سيادته ورفض تقسيمه، وإعادة إعماره، وتشكيل لجنة عربية لتنفيذ اتفاق القاهرة. ويرى الدخيل أن"من أهم الأسباب هو مجيء هذه القمة بعد اتفاق مكة، وانهيار النظام العربي، وفتور العلاقة بين السعودية وسورية بسبب الوضع اللبناني، والأوضاع المتدهورة في العراق، والوضع في الصومال والحراك في السودان". ويعتقد المحلل السياسي انه"من المتوقع ان يكون هناك حل للقضية اللبنانية قبل انعقاد القمة، إذ إن القضية اللبنانية إذا لم تحل قبل القمة فمن الممكن ان يؤدي ذلك إلى فشلها القمة، وتداول المشكلة بين السعودية ولبنان يقلل من دائرة التناول ما يسهل سرعة حلها". ويقلل الدكتور الدخيل من احتمال التعمق في الملف العراقي"لأن هذا الملف بالذات مرتبط بتشعبات كبيرة وكثيرة، على رغم المساعي السعودية التي تطالب بتدخل إيراني لإقناع حلفائها داخل العراق بإعادة النظر في كثير من الأمور، ما يسهم في تخفيف التوتر وصولاً إلى حل". الملف السوداني بحسب الدخيل هو الآن"بيد الأممالمتحدة، وكان يجب ان تتدخل الدول العربية في وقت باكر خصوصاً مصر التي لديها ارتباط جغرافي وتاريخي بالسودان، وتشاركها حوض النيل". ويخلص الدخيل إلى أن"الملف اللبناني سيكون حاضراً بقوة في القمة، ومن المتوقع التطرق إلى ملفات أخرى متنوعة أبرزها الصومال، ولكن ما يمكن ان يتنبأ به هو تسجيل القمة قرارات مهمة تجاه القضية اللبنانية، وعودة الدفء في العلاقات السعودية - السورية". ويعود تاريخ جامعة الدول العربية إلى دعوة رئيس الحكومة المصري مصطفى النحاس كلاً من: رئيس الحكومة السوري جميل مردم ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخوري ليتباحث معهما في القاهرة حول فكرة"إقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية لمنضمة لها". وكانت هذه المرة الأولى التي تثار فيها فكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح، ثم عاد بعد نحو شهر من التصريحات الشهيرة لوزير الخارجية البريطاني انتوني إيدن أمام مجلس العموم، ليؤكد استعداد الحكومة المصرية لاستطلاع آراء الحكومات العربية في موضوع الوحدة، وعقد مؤتمر لمناقشته، وهي الفكرة التي أثنى عليها حاكم الأردن في حينه الأمير عبدالله. وعلى إثر ذلك بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلي كل من: العراق وسورية ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر، وهى المشاورات التي أسفرت عن تبلور اتجاهين رئيسيين بخصوص موضوع الوحدة الاتجاه الأول، يدعو إلى ما يمكن وصفه بالوحدة الإقليمية الفرعية أو الجهوية وقوامها سورية الكبرى أو الهلال الخصيب. والاتجاه الثاني، يدعو إلى نوع أعم وأشمل من الوحدة يظلل عموم الدول العربية المستقلة، وإن تضمن هذا الاتجاه بدوره رأيين فرعيين أحدهما يدعو إلى وحدة فيدرالية أو كونفدرالية بين الدول المعنية، والآخر يطالب بصيغة وسط تحقق التعاون والتنسيق في سائر المجالات وتحافظ في الوقت نفسه على استقلال الدول وسيادتها. وعندما اجتمعت لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل من: سورية ولبنانوالأردنوالعراق ومصر واليمن بصفة مراقب في الفترة من 25 أيلول سبتمبر إلى السابع من تشرين الأول أكتوبر 1944، رجحت الاتجاه الداعي إلى وحدة الدول العربية المستقلة بما لا يمس استقلالها وسيادتها. كما استقرت على تسمية الرابطة المجسدة لهذه الوحدة ب"جامعة الدول العربية". وعلى ضوء ذلك تم التوصل إلى بروتوكول الإسكندرية الذي صار أول وثيقة تخص الجامعة. ومع وصول أول الوفود العربية المقبلة من الدول العربية ال22، تكون الجامعة العربية أكملت 62 عاماً وخمسة أيام منذ انطلاقها، إلا أن الرياض ستكون بحسب قراءة المراقبين المتابعين لتحركاتها"الجدية"لجمع الصف العربي، نقطة انطلاق جديدة يتعطش لها 323 مليون عربي.