سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الملك عبدالله يسلم رئاسة المجلس الأعلى إلى الشيخ حمد آل ثاني اليوم . خادم الحرمين يطلع قادة الخليج على إنجازات العمل الخليجي المشترك وتطلعات المواطنين وتحديات المستقبل
يخاطب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم قادة دول الخليج في الجلسة الافتتاحية للقمة الخليجية ال28 في العاصمة القطريةالدوحة، عارضاً مسيرة المجلس منذ توليه رئاسة الدورة السنوية ال27 دورة جابر، واضعاً إياهم في صورة تطلعات شعوب المنطقة، والتحديات التي تواجه الدول وأمنها واستقرارها. ويسلم خادم الحرمين عقب الكلمة، رئاسة الدورة الجديدة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وطبقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن مسؤولي دول الخليج الست، الإمارات والبحرين وقطر وعمان والكويت، إضافة إلى المملكة، فإن رئاسة خادم الحرمين طوال ال12 شهراً الماضية للمجلس الأعلى أثمرت حضوراً لافتاً لقضايا دول منطقة الخليج وتطلعاتها في المحافل الإقليمية والدولية، نتيجة للثقل التاريخي والسياسي والاقتصادي للمملكة العربية السعودية وقيادتها. وصادف تولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز لرئاسة المجلس الأعلى استمرار احتفال الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بمرور 25 عاماً - ما يطلق عليه مصطلح اليوبيل الفضي - على تأسيس الكيان الخليجي، الذي تقرر له أن يتجاوز مرحلة التعاون إلى مستوى التكامل وصولاً إلى تجسيد متطلبات المصير المشترك. وكان لافتاً، وفي مرة نادرة من تاريخ المجلس، حضور جميع القادة إلى العاصمة الرياض في التاسع من كانون الثاني ديسمبر الماضي، تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحضور القمة الخليجية ال27 ومباركة رئاسته لها. وهو مستوى الحضور الذي فسرته الأوساط السياسية العربية والدولية سريعاً، بما صدر عنها وتناقلته وكالات الأنباء العالمية، من حرص دول الخليج ممثلة في قادتها على التفاعل مع دور خادم الحرمين المشهود له بالصراحة والعمل الدؤوب من أجل مصالح بلاده ودول الخليج، بما يضمن ازدهارها ويعزز دورها الوطني والقومي على المستوى العربي والإسلامي، ومنه تفاعلها مع مجتمعات الأسرة الدولية. وكان مستوى الحضور والتصريحات الصحافية الرسمية التي رافقت أعمال قمة الرياض بمثابة رسالة خليجية واضحة، على تمسكها بالأهداف العليا لتأسيس مجلس التعاون الخليجي المبنية على التعاون المثمر بين دول المجلس، وتعبيراً عن المكانة البارزة التي تدركها دول الخليج قادة وشعوباً للمملكة العربية السعودية ومكانتها الدولية متعددة المستويات. من المرجح أن تشهد الدورة الجديدة للمجلس الأعلى لدول الخليج حضوراً مماثلاً لحضور قمة الرياض، تلبية لرؤية خادم الحرمين الشريفين وحرصه على العمل بروح منفتحة خلاقة، لتحقيق الآمال المبنية على مثل هذه المؤتمرات المهمة إذا ما تحقق لها المشاركة. وكانت كلمة الملك عبدالله في الجلسة الافتتاحية في"قمة جابر"حملت معاني عميقة على قيمة تفاعل القادة ومسؤولي الدول مع التحديات المتراكمة. ومنذ أن نقلت وسائل الإعلام على الهواء مباشرة كلمة خادم الحرمين الافتتاحية للدورة ال 27، عرف كل من المسؤول الخليجي في درجات المسؤولية المتسلسلة والمواطن الخليجي أن مستقبل مجلس التعاون يتجه إلى مساحات أوسع من التعاون والتكامل والدفاع المشترك. إذ بدأ خادم الحرمين تحيته لقادة الخليج باسم الشعب السعودي قبل أن يرحب بهم باسمه كزعيم مشهود له بالزعامة الحقيقية المبنية على التواضع والبساطة وبصيرة الرأي والحكمة التي ورثها، كما ورثها إخوانه الملوك السابقون، من المؤسس الأٍسطوري الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - رحمهم الله جميعاً -. وأكد لشعوب دول الخليج، ممثلين في قادتهم من السلاطين والأمراء والشيوخ، أن تطلعاته ودعاءه للمولى - جلت قدرته - أن يكون النجاح حليف هذا اللقاء، وأن نخرج منه بنتائج ملموسة تكون عزاً وقوة لخليجنا ولأمتنا العربية والإسلامية. وبعد أن وجه التحية لأهلها في الإمارات - لرئاسة الشيخ خليفة بن زايد أعمال القمة ال 26 بنجاح واقتدار - والكويت لرحيل قائدها الشيخ جابر الأحمد الصباح وتسمية خادم الحرمين لقمة الرياض باسمه، اعتبر الملك عبدالله"ان هذا اللقاء السنوي يمثل فرصة لمراجعة ما أمكننا تحقيقه خلال العام الماضي، وما لم نستطع لسبب أو آخر، فالمراجعة عندما تأخذ بمقاييس الواقع السياسي وبمعيار ما هو ممكن ستنتهي إلى أننا حققنا منجزات لا بأس بها سياسياً واقتصادياً". بيد أن خادم الحرمين الذي اشتهر بالصراحة وتلمس الواقع الحقيقي لما يدور في مخيلة الشعوب اعتبر انه:"عندما تكون المراجعة بمقاييس طموحات شعوبنا وبمعيار ما هو ضروري في هذا العصر فسوف تنتهي إلى أن كل ما توصلنا إليه لا يزال متواضعاً وبعيداً عن تطلعات شعوبنا". وفي هذا السياق، فإن العمل الخليجي المشترك في جانبه الرسمي طالما تلقى سهام النقد اللاذع على رغم الشهادة الدولية بأن مسيرة المجلس لا يمكن تصنيفها مثلما هي صورة"الانطباع الذهني"السائدة في أوساط المجتمعات الخليجية وبعض رموزها الوطنية المطالبة بالسرعة. وتعتمد الشهادات الدولية مقارنة مشروع التعاون الخليجي بنظائره إقليمياً ونسبة واسعة من التجمعات المشابهة دولياً باستثناء الاتحاد الأوروبي. وهنا سارع الملك عبدالله إلى توضيح أن"المراجعة لا تعني اليأس أو الإحباط بل على العكس من ذلك فهي تجديد للعزائم وشحذ للهمم". مشيراً بوضوح إلى أن"كل الأحلام التي تبدو مستحيلة اليوم يمكن أن تكون غداً أهدافاً في متناول اليد - بعون من الله - ثم بالنوايا الصادقة والجهود المخلصة". وحملت كلمته تشخيصاً صريحاً محدود الكلمات لواقع المنطقة عندما قال:"إن منطقتنا العربية محاصرة بعدد من المخاطر وكأنها خزان مليء بالبارود ينتظر شرارة لينفجر". وفي 72 كلمة عدّد خادم الحرمين مشكلات المنطقة الرئيسية في جمل بليغة واضحة. ليعود إلى الوضع الخليجي، مشيراً بالرتم نفسه من الصراحة والوضوح والاحترام إلى أنه:"لا يزال عدد من القضايا معلقاً، ولا يزال الغموض يلف بعض السياسات والتوجهات". وهنا اعتبر أنه:"في غمرة هذه المشكلات ليس لنا إلا أن نكون صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، وأن يكون صوتنا صوتاً واحداً يعبّر عن الخليج كله". واثقاً من أنه:"بهذا الصف الواحد والصوت الواحد نستطيع أن نكون عوناً للأشقاء في فلسطين والعراق ولبنان، ودعماً لأمتنا العربية والإسلامية في كل مكان". وفي حديث أهل البيت، الذي لا غضاضة في أن يسمعه الداني والقاصي، عبّر خادم الحرمين عن حقيقة أنه:"عندما نتحدث عن المواطنة الاقتصادية نجد أننا قطعنا شوطاً، ولا يزال أمامنا الكثير حتى نستطيع القول إننا حققنا الوحدة الاقتصادية الكاملة، وإن المواطن الخليجي يعامل في كل الخليج كما يعامل في وطنه". وباشر الجميع بالقول:"إن العقبات التي تسد الطريق عقبات حقيقية ولا أحاول التقليل من أهميتها، والتحفظات التي أعاقت المسيرة لم تجيء من دولة أو دولتين بل كان لكل دولة نصيبها". وناشد الجميع قائلاً:"إن حلم الوحدة الاقتصادية يجب ألا يغيب لحظة واحدة عن عيوننا، فنحن بلا وحدة كيانات صغيرة تتأثر ولا تؤثر، وبالوحدة نبقى قوة لا يمكن تجاهلها". وفي هذا السياق، يرجّح أن يشهد البيان الختامي المنتظر صدوره غداً في ختام الدورة ال 28 اعتماد قادة دول الخليج سلسلة قرارات عليا جرى وضع أسسها وتيسير عراقيلها خلال رئاسة خادم الحرمين والمسؤولين السعوديين لأعمال المؤتمرات الخليجية طوال العام 2007. ومن ضمن أهم القرارات دعم خطوات استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي، وخطوات تطبيق السوق الخليجية المشتركة وما تم إنجازه منها خلال العام 2007 من جانب الدول الأعضاء، خصوصاً في مجال ممارسة الأنشطة الاقتصادية وتنفيذ قرارات المجلس المتعلقة بالسوق المشتركة. إذ إن الهدف الخليجي إعلان السوق المشتركة في العام الحالي. وسيصدر عن المجلس ما يفيد بمستقبل تنفيذ البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحّدة المستهدفة في عام 2010. وينتظر أن يصدر قرار أو توجيه عن القمة في ما يتعلق بمضمون ما درسته الهيئة الاستشارية لتعزيز بيئة العمل الملائمة للقطاع الخاص، بما يضمن معاملة الشركات والاستثمارات الخليجية في دول المجلس معاملة الشركات والاستثمارات الوطنية. وكان المجلس الأعلى في دورته السابقة في الرياض أشار إلى أنه:"وبعد تقويم شامل، لمسيرة التعاون المشترك، في المجالات كافة، عبَّر المجلس الأعلى عن ارتياحه لما تحقَّق من انجازات والتطلع إلى المزيد ... وجدَّد المجلس الأعلى عزمه، وحرصه الشديد على دعم المسيرة المباركة، وصولاً إلى ما يتطلَّع إليه مواطنو دول المجلس. وحضّ المجلس الأعلى اللجان الوزارية والجهات المعنية في الدول الأعضاء على الإسراع في تنفيذ القرارات الصادرة، من خلال اتخاذ التشريعات والخطوات اللازمة، وتذليل العقبات الإدارية والبيروقراطية، للوصول في أسرع وقت ممكن إلى تحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة من مشاريع مشترك وتنمية شاملة، وتعميق المواطنة الخليجية وجعلها واقعاً ملموساً، متمثلاً، ليس فقط في الشعور بالانتماء الثقافي والحضاري، وإنما أيضاً في تبادل المنافع والمصالح المشتركة، والتعاملات الحياتية اليومية بين أبناء المنطقة، لترسيخ القناعة لدى كل مواطن بأن المجلس حقيقة، وضرورة لا غنى عنها".