استهجن اقتصاديون الغموض الذي يحيط بالاستثمارات المحلية والخارجية لصناديق الاستثمار الحكومية، في ظل تسجيل شفافية وانجاز للصناديق الحكومية الخليجية خلال الفترة الماضية. ودعا الاقتصاديون خلال حديثهم مع"الحياة"الجهات المختصة إلى تنسيق الجهود بين الصناديق الحكومية والممثلة في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمؤسسة العامة للتقاعد، وصندوق الاستثمارات العامة، بهدف الاستفادة بشكل أكبر من العوائد الناتجة من ارتفاع أسعار النفط"، مطالبين في الوقت نفسه"بضرورة الاستفادة من خبرات الشركات العالمية والمحلية المتخصصة في إدارة الصناديق الاستثمارية. وتأتي آراء الاقتصاديين، بعد فترة من صدور تقرير عن مؤسسة"مورجان ستانلي"، يؤكد على صناديق الاستثمار التابعة لأربع حكومات خليجية هي قطر والإمارات والسعودية والكويت، تستحوذ على نصف إجمالي أصول صناديق الاستثمار الحكومية في العالم التي تقدر بنحو 2.6 تريليون دولار. ووفقاً للتقرير، فإن حجم أصول صناديق الاستثمار الخليجية تقدر بنحو 1.3 تريليون دولار، ويستحوذ جهاز ابوظبي للاستثمار الذي يدير استثمارات حكومة ابوظبي ويعتبر أكبر صندوق لإدارة الثروات في العالم على الحصة الأكبر، إذ تبلغ جملة أصوله 875 بليون دولار، وتأسس الصندوق عام 1976، وحلت صناديق استثمار تابعة للحكومة السعودية في المرتبة الثانية بأصول تقدر بنحو 300 بليون دولار، وجاء جهاز الكويت للاستثمار التابع للحكومة الكويتية وتأسس في عام 1953 في المرتبة الثالثة بأصول قيمتها 100 بليون دولار، في حين جاء جهاز الاستثمار القطري الذي تأسس في عام 2000، في المرتبة الرابعة بأصول قيمتها 40 بليون دولار. في البداية، علق الكاتب الاقتصادي عبدالرحمن المطوع بالقول"صناديق الاستثمار الحكومية السعودية، لم تنجح خلال الفترة الماضية في تحقيق نفس الانجازات التي حققتها الشركات الخليجية، والمرتبطة بالظفر بالفرص الاستثمارية المجدية في العالم، من خلال الاستحواذ أو تأسيس شركات ذات هوامش ربحية جيدة"، وأضاف:"يجب أن يتحرك القائمون على الصناديق الحكومية بشكل ديناميكي من خلال اختيار فرص استثمارية قبل دخول المنافسين، وذلك بعد فحصها وتمحيصها بشكل دقيق". معلناً في الوقت نفسه استغرابه من حال الغموض التي تكتسيها الاستثمارات المتعلقة بالصناديق الحكومية، في الوقت الذي تحقق فيه الصناديق الخليجية انجازات مميزة وبشفافية عالية". ويتفق أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي في رأيه مع المطوع، ويرى"أن على الصناديق الحكومية الاستفادة من عوائد ارتفاع أسعار النفط، والحاجة الماسة لإنشاء مصاف، إذ إن في هذا القطاع فرصاً استثمارية ذات عوائد جيدة يجب اقتناصها". وقال:"الاستثمار في قطاع تكرير النفط يشهد حالياً نمواً ملحوظاً ويعد من الفرص الاستثمارية المجزية، لذا يجب على الصناديق الاستثمارية الحكومية التحرك بشكل سريع للاستفادة من هذه الفرص، والتعامل معها بمنتهى الشفافية بعيداً عن الغموض الذي تعاني منه". وعاد المطوع والفيلالي بالحديث ليطالبا"بتنسيق الجهود والخطط الاستراتيجية بين الصناديق الحكومية لضمان تحقيق عوائد ايجابية". في حين طالب المطوع"بضرورة الاستفادة من الشركات العالمية والمحلية المتخصصة في إدارة الصناديق الاستثمارية من خلال إداراتها للصناديق"، وقال:"هذه الخطوة يمكن أن تسهم في إخراج هذه الصناديق من الرتابة والأسلوب القديم في صنع القرار، مع الأخذ في الاعتبار أهمية الرقابة على نوعية المشاريع المختارة وجزيل عطائها، على الاقتصاد الوطني والأجيال المستقبلية التي قد لا تسمع بالأرقام الحالية لأسعار النفط في ظل تنامي الخطط المتعلقة باكتشاف بدائل للطاقة". وهنا يختلف الفيلالي مع المطوع، إذ يرى أن الصناديق الحكومية يمكنها الاستفادة من الشركات العالمية من حيث تقديم استشارات اقتصادية فقط، وقال:"لدنيا كفاءات سعودية قادرة على إدارة الصناديق الاستثمارية، ولكن هذا لا يمنع من الاستفادة من الشركات العالمية في تقديم الاستشارات والخبرات".