يرجم الحجاج"الشيطان"في الجمرات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى بنحو 122.5 مليون حصاة في 72 ساعة، تواكبها اللعنات والرمي بالأحذية، تعبيراً عن إخلاص العبودية لله وعدم الشرك به، وانتقاماً من وسواس الشيطان وإغوائه لهم بارتكاب المعاصي. مشهد بكاء الحجاج وابتهالهم إلى الله في مشعر عرفات ينقلب غضباً على"الشيطان"أثناء رمي الجمرات، إذ يسددون حصواتهم بالقوة التي يعتقدون بأنها ستؤذيه، وتمحو ذنوبهم وسيئاتهم، فينطلقون في إلقائها مصحوبة بالشتائم واللعنات، سائلين - في الوقت ذاته- الرحمة والمغفرة من الله عز وجل. وفيما يتعجل غالبية الحجاج الرمي، ما يمكنهم من إصابة"الشاخص"الذي يجسد الشيطان الرجيم ب 49 حصاة للحاج الواحد، موزعة على الجمرات الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى، تبقى قلة منهم في منى لقضاء أيام التشريق الثلاثة ليرموا خلالها 63 حصاة للحاج الواحد، إذ أن أيام الرمي ثلاثة لمن تعجل، وأربعة لمن لم يتعجل، يوم النحر ويومان بعده لمن تعجل، أو يوم النحر وثلاثة بعده لمن لم يتعجل بحسب ما جاء في الأثر. وقال أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار:"إن حصوات الرمي تسقط في مخازن خاصة تقع في الدور الأرضي لجسر الجمرات، ويتم جمعها على ثلاث دفعات، عبر معدات وسيارات خاصة، لترمى في مكب النفايات". ويذكر أن بعض الحجاج يعمدون إلى قذف الشيطان بالأحذية والعلب الفارغة رغبة منهم في الانتقام منه. ويشير البار إلى إنه تم رمي ما يقارب 360 طناً من"الحصوات الشرعية"، في حجم حبة الفول، في ساحات مزدلفة قبل موسم الحج، عبر 30 قلاباً تبرع بها فاعلو خير تحت إشراف أمانة العاصمة المقدسة. وأوضح البار أن الحصوات يتم"تدويرها"لتعود للمشاعر، بالاستعانة ب"كسارات"المقاولين التي تتعاقد معهم الأمانة سنوياً. وأوضح أستاذ التربية في جامعة الملك خالد الدكتور أحمد عبدالكريم غنوم، ل"الحياة"، أن رمي الجمرات واجب شرعاً اتفاقاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ودعوته لأمته بأن خذوا عني مناسككم. وأضاف أن معنى الرمي هو القذف بالحصى في زمان مخصوص وعدد مخصوص لمكان مخصوص، والحكمة منه تعبدية، إلا أنه عمل رمزي يمثل مقاومة الشيطان الذي يريد إيقاع الناس في المعاصي، وأيضاً اقتداء بفعل النبي إبراهيم عليه السلام وزوجته هاجر وابنه إسماعيل.