وصف اقتصاديون سعوديون الموازنة العامة للدولة التي أقرها مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين أمس، للسنة المالية المقبلة، بأنها ايجابية، واعتبروا أنها مكملة لموازنة العام الحالي، وأشادوا بتخصيص 25 في المئة من الإنفاق العام لقطاع التعليم والتدريب. ورأى هؤلاء في أحاديثهم ل"الحياة"أن أرقام الموازنة تنصب تحت عنوان كبير، هو نمو الاقتصاد السعودي بشكل جيد وارتفاع الأداء العام. وقال الخبير الاقتصادي خالد الجوهر، إن أرقام الموازنة في مجملها إيجابية ومشجعة، مشيراً إلى أن أبرز ملامحها تمثلت في الخدمات التعليمية والصحية. وأضاف الجوهر أن تخصيص نسبة كبيرة من الموازنة لقطاعي التعليم والصحة من شأنه أن يحدث تطويراً في الكوادر البشرية المؤهلة، واصفاً هذين القطاعين ب"البنية الأساسية للمستقبل". وأوضح أن موازنة العام المقبل تكمل موازنة العام الحالي، وبالتالي تخدم النمو الاقتصادي الحاصل، كما يتضح من الأرقام تراجع حجم الدين العام. وأشار الجوهر إلى أن المبالغ المخصصة لاحتياطيات الدولة، والمقدرة ب 100 بليون ريال من موازنة العام الحالي، ستُستثمر عن طريق الذراع الاستثمارية للدولة، وهي صندوق الاستثمارات العامة، الذي ينوي تأسيس شركة برأسمال 20 بليون ريال، يمكن من خلالها إيجاد آلية واضحة لإدارة فوائض الموازنات. ولفت الجوهر إلى أن هذه الموازنة تعد الأكبر على الإطلاق في تاريخ المملكة، نتيجة لاستمرارية النمو الاقتصادي، وارتفاع أسعار النفط، وبالتالي زيادة الإيرادات، كما أن انخفاض الدين العام له أثره الواضح في ذلك. من ناحيته، قال مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية توفيق بن عبدالعزيز السويلم، إن الأوساط الاقتصادية استقبلت إعلان الموازنة العامة للدولة براحة كبيرة، نظراً إلى إعلانها قبل نهاية العام، إضافة إلى أن الأرقام التي حفلت بها الموازنة كانت مبشرة. ورأى السويلم أن البند الرئيس والأهم في الموازنة كان بند المشاريع التنموية، وفي اعتقادي أنه أهم من بند الأجور. ولفت إلى وجود تباطؤ وبيروقراطية من بعض أجهزة الدولة في تنفيذ تلك المشاريع، مشيراً إلى أننا في حاجة إلى إعطاء قطاع الإسكان الاهتمام الأكبر، مؤكداً أن الجمهور لا يزال في حاجة إلى المزيد من المشاريع الخاصة بقطاع العقارات والإسكان. وحول البنود الجديدة في موازنة السنة المقبلة، مثل الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والقضاء، قال السويلم:"هناك أهمية كبيرة لهذين القطاعين المهمين في المستقبل"، موضحاً أن تطور التشريعات سيكون له دور كبير في تسهيل الاستثمار في البلاد. من جهته، قال عضو الغرفة التجارية الصناعية في الرياض سعد بن عبدالمحسن الرصيص، إن أرقام الموازنة تعكس الانتعاش الذي تعيشه المملكة، إذ إن لها دوراً كبيراً في جذب استثمارات كبيرة إلى المملكة، ودعم قطاع العقارات، لافتاً إلى أن الموازنة سيكون لها انعكاس ايجابي على كل القطاعات الاقتصادية والتجارية والخدمية، وإقامة المشاريع التجارية لتلبية الحاجة المتزايدة في ظل النمو السكاني الذي تشهده المملكة. من ناحيته، قال الأمين العام للتجارة الدولية في مجلس الغرف السعودية الدكتور عمر باحليوه، إن أرقام الموازنة تنبئ بتحقيق الاستقرار الاقتصادي لجميع القطاعات، ما يساعد على نهوضها بشكل متزامن ومتواز، إلى جانب دعم جميع الجوانب الاجتماعية والعلمية والثقافية والإعلامية والاقتصادية. ونوه بمساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلى الإجمالي، التي ارتفعت إلى 46 في المئة، وتسجيل القطاع نمواً بلغ 7.6 في المئة، وهذا مؤشر كبير وجيد يدل على الشراكة الجدية بين القطاعين العام والخاص. وأشاد بمخصصات التعليم، وقال إن تخصيص ربع الإنفاق في الموازنة المقبلة يدعم هذا القطاع بقوة، مشيراً إلى أن الموازنات المخصصة لهيئات الصادرات والغذاء والدواء، من شأنها أن تدعمها خلال السنوات المقبلة. وأشاد بأسلوب استخدام فائض الموازنة، وقال إن الجانب الأول وُجّه للدعم المباشر للمواطن من خلال صندوق التنمية العقارية بقيمة 25 بليون ريال، وهذا يدعم تطور هذا الصندوق بما يخدم المواطن. وأشار إلى أن الموازنة دعمت الاحتياطي العام للدولة، وهو ما يؤدي إلى دعم موقف الحكومة السعودية في موازنات السنوات المقبلة، ويشجع على وجود استقرار نقدي وفوائض مالية. واعتبرت سيدة الأعمال مضاوي الحسون أن الموازنة تعكس اهتمام الملك بالمواطن، ووصفتها بأنها موازنة الرخاء والمستقبل، وتعمل على حل مشكلات المواطنين. وأضافت أن المناخ الاقتصادي في المملكة مهيأ للمزيد من المشاريع التنموية والاستثمارية، مع الأخذ في الاعتبار التركيز على الموارد البشرية وتدريبها وتأهيلها لسوق العمل المحلية، كما أن المناخ مهيأ أيضاً لدخول الاستثمارات الأجنبية في جميع المجالات. وأكدت الحسون أهمية مشاركة القطاع الخاص في القطاعات الإنتاجية المختلفة، من خلال إيجاد خطة استثمارية فاعلة بالنسبة إلى تلك القطاعات، بحيث تراعي تلك الخطة إعطاء المحفزات وإزالة المعوقات التي تساعد القطاع الخاص على المشاركة بفاعلية.