بعد ما رحبت مختلف الأوساط القضائية والقانونية والوطنية بصدور نظام القضاء الجديد، على نحو طاول كل مفاصل العدل في البلاد، بدأت التساؤلات تتردد بين الأوساط نفسها عن التوقيت الذي يمكن أن يبدأ التنظيم يرى فيه النور، خصوصاً أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أعلن تخصيص موازنة سخية للمشروع، لم تترك عذراً للجهات التنفيذية. وعلمت"الحياة"من مصادر شاركت في وضع آلية تنفيذ النظام، أن البدء في التعديلات التي نص عليها النظام سيكون فورياً. وبحسب تلك المصادر، فإن النظام أصبح ساري المفعول منذ نشره. وسيتم عقد اللجان المتخصصة لإعادة هيكل الجسم القضائي، بما يتوافق مع النظام الجديد، في ما ستقوم وزارة العدل بالاستنفار من جانبها لتأمين متطلبات العمل، من العناصر البشرية المساعدة للقضاة، واستئجار المباني وتجهيزها، وتدريب القضاة على الأعمال المتصلة باختصاصات الدوائر التي يكلفون بالعمل فيها. وأشارت مصادر من المنطقة الغربية إلى أن تطبيق المحاكم التجارية والعمالية لن يعمل به قبل عام من الآن، إذ يتطلب الكثير من الإجراءات قبل الخوض في العمل. من جهة أخرى، بادر عدد من رؤساء المحاكم الشرعية في منطقة مكةالمكرمة بتوجيه برقيات الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد موافقته على النظام القضائي الجدي في السعودية. وتضمنت برقيات الشكر التي وجهها رؤساء وقضاة المحاكم الشرعية في محافظة جدة شكرهم للملك عبدالله بن عبدالعزيز لمحافظته على الشريعة الإسلامية لهذه البلاد، وشكر رئيس المحكمة الجزائية في محافظة جدة عبدالله العثيم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على النقلة النوعية الذي أحدثها في النظام القضائي بعد موافقته الكريمة على التطورات القضائية الجديدة أول من أمس. يذكر أن خادم الحرمين الشريفين اقر الاثنين الماضي نظاماً جديداً للقضاء في إطار مشروع متكامل، يطلق عليه اسم"مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء"خصصت له موازنة تبلغ سبعة بلايين ريال. ونص النظام الجديد على إنشاء محكمة عليا في البلاد تنتقل إليها اختصاصات مجلس القضاء الأعلى المتمثلة في مراقبة سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها، ومراجعة الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف بالقتل وغيره من القضايا المهمة. وتسبق المحكمة العليا درجتين من القضاء هما محاكم الدرجة الأولى التي تقسم إلى محاكم عامة وجزائية وتجارية وعمالية ومحكمة للأحوال الشخصية تليها محاكم الاستئناف التي تتولى النظر في الأحكام القابلة للاستئناف الصادرة من محاكم الدرجة الأولى، وتحكم بعد سماع أقوال الخصوم وفق الإجراءات المقررة في نظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية. كما وفر النظام ضمانات خاصة لاستقلالية القضاة، إذ اعتبر أنه لا سلطان عليهم إلا أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، ولا يجوز محاكمتهم بسبب أعمال وظيفتهم إلا من خلال نظام خاص للتأديب، كما حظر نقلهم إلى غير وظائفهم إلا برضاهم أو بسبب ترقيتهم، كما اعتبرهم غير قابلين للعزل إلا في حالات خاصة تم تحديدها.