أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، ان منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم اضطراباً، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في مناطق مركزية منها مثل فلسطين والعراق، أو في مناطق مجاورة لها مثل أفغانستان والصومال، مشيراً إلى أنه يجب بلورة تعاون دولي فاعل للعمل على تحقيق استقرار المنطقة، بوصفه جزءاً أساسياً من المحافظة على الأمن الدولي، علاوة على أهمية ذلك في ضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية والمحافظة على استقرار الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أن الفكر المتطرف الذي نعاني منه جميعاً، لا ينمو ويتغذى إلا عبر تنامي مشاعر اليأس والإحباط الناتجة بدورها عن فشل المجتمع الدولي في حل الصراعات المزمنة على أسس الشرعية الدولية. وقال الأمير سعود الفيصل خلال افتتاحه أعمال ندوة"الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي... التعاون ضمن إطار مبادرة اسطنبول"، التي ينظمها معهد الدراسات الديبلوماسية بالتعاون مع مركز الخليج للدراسات في دبي وذلك في فندق الفيصلية في الرياض، ان المملكة العربية السعودية تؤكد باستمرار أهمية مكافحة الإرهاب والتطرف ونشر قيم التسامح الوسطية والاعتدال وإحلال الحوار القائم على الاحترام المتبادل بين الثقافات محل صراعها ومكافحة الأفكار العنصرية والصور النمطية السلبية بين الشعوب. وأضاف أن تجربة المملكة وجهودها في مجال مكافحة الإرهاب تبين بوضوح ان العامل الأساسي والحاسم في تحقيق النصر هو ان نكسب المواطنين إلى جانب هذه الجهود، ما يتطلب تضافر جميع العوامل السياسية والفكرية والإعلامية لتدعيم العوامل الأمنية والعملياتية والاستخبارية وتعزيزها... ومن هنا تتجلى أهمية مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى عقد قمة إسلامية استثنائية نتج عنها إجماع من جميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي على رفض الإرهاب والتكفير والتمسك بالوسطية والحوار والتصدي لظاهرة كراهية الإسلام. وشدد وزير الخارجية على أن مواجهة الإرهاب، لا يمكن ان تنجح إلا على صعيد عالمي متكامل، ومن هنا ندرك أهمية مبادرة المملكة إلى عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب ودعوة خادم الحرمين الشريفين إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب بإشراف الأممالمتحدة، للعمل على تبادل المعلومات بين الأجهزة المعنية على أساس منهجي وفي أسرع وقت ممكن وكذلك تبادل الخبرات والتقنيات وبرامج التدريب. وأضاف إن انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي تمنحنا الأمل في مستقبل أفضل ولو على المدى البعيد، تترسخ فيه معايير الشرعية الدولية في عالم يسوده تبادل المنافع والمصالح وتزايد الاعتماد المتبادل بين الدول مع إمكان التفكير في فرص الاستفادة من الهياكل الأمنية والعسكرية القائمة، وصولاً إلى انضوائها مستقبلاً في إطار الأممالمتحدة. وأشار وزير الخارجية إلى أن بلاده تابعت وتتابع باهتمام بالغ ما شهده حلف شمال الأطلسي من عمليات تطوير وتكيف بعد انتهاء الحرب الباردة التي تمخضت عن توسع الحلف ليشمل 26 عضواً وعقده لشراكات مع روسيا وبعض دول شرق أوروبا، وتقديمه برامج للتعاون المتوسطي شملت بعض الدول العربية واضطلاعه بمسؤوليات أمنية وعسكرية بالتعاون مع الحكومة الأفغانية، ثم بلورته لمبادرة اسطنبول للتعاون التي تضم حالياً بعض أشقائنا في مجلس التعاون. وعبر الأمير سعود الفيصل عن تقدير المملكة توجه الناتو للتعاون مع دول المنطقة بما فيها دول الخليج العربية، وتعتبر ان التعاون في مجالات تبادل المعلومات والخبرات والتقنيات المرتبطة بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود وإدارة الكوارث ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وتبادل النصح والمشورة في مجالات التخطيط والتدريب والإدارة المالية بين الأجهزة المعنية يظل موضع ترحيبنا الدائم. واستدرك قائلاً:"لكن أي تعاون مجد لابد أن يستند إلى احترام سيادة الدول وخصوصيات مجتمعاتها وخياراتها السياسية والفكرية مع تسليمنا بوجود قيم عالمية نشترك فيها جميعاً مثل احترام حقوق الإنسان ومساواة المواطنين في الحقوق والواجبات ونبذ العنصرية والإرهاب، كما ان التعاون الفعال يتطلب تحقيق اكبر قدر ممكن من الثقة والشفافية والبعد عن ازدواجية المعايير وانتقائيتها، ما يستدعي توضيح سياسات وتوجهات الدول الأعضاء في حلف الناتو تجاه القضايا التي تهم المنطقة".