اليوم الوطني لبلادنا يوم تسبر فيه الذاكرة محطات التاريخ، التي دونت ملاحم من البطولة المنغمسة في روح الإخلاص، تنبعث من عبقرية رجل استطاع بعون الله ان يوحد بناء الوطن في أصعب الظروف وأبعد المسافات، في رحلة طويلة تبقى راسخة في أذهان أبناء هذا الوطن المعطاء تتوارثها الأجيال بكل شموخ، لتكون منبعاً نستقي منه تجربة الآباء. إن ملحمة التوحيد التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز ? طيب الله ثراه ? انما تمثل شروقاً ازاح ظلمة التخلف والتناحر، التي سادت الجزيرة العربية لحقبة ليست قصيرة من الزمن، انها ملحمة التوحيد والبناء، غرست فيها شجرة الخير والنماء وعمت بنفسها عموم البلاد بفضل سياسة العدل والحكمة. ان استذكار ملامح تلك الحقبة الزمنية بظروفها السياسية والاقتصادية، يعد أمراً مهماً لتشكيل الاتصال بين الماضي والحاضر، لنمارس من خلال تلك العلاقة تطلعاتنا إلى المستقبل من خلال معطيات وشواهد مطمئنة، تستلهم الهمم في مواصلة رحلة العبور إلى مشارف القرن الجديد بكل طموحات المتطلعين إلى بناء الوطن من خلال استغلال الطفرة الحالية، التي تتواكب مع حركة النهضة التي يقوها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لتتوازى مع الإصلاحات الداخلية التي يرسم خططها حفظه الله بوعي تام لحساسية الظروف الدولية التي تعيشها منطقتنا. إن خادم الحرمين الشريفين يقوم بتأسيس جذري لخطط المستقبل وفق نموذج وطني، يبدأ من هموم المواطن البسيط حيث العفو عن السجناء ورفع مستوى المعيشة بزيادة الرواتب وسلسلة من خطوات تحديث التعليم وبناء مؤسسات جديدة. وعلى الصعيد السياسي الدولي، لمسنا مدى الحكمة وبُعد النظر الذي يدير فيه خادم الحرمين الشريفين الأزمات السياسية التي تشهدها المنطقة، ولا غرابة في تجاوزه للكثير من الاشكالات السياسية، فهو عايش منذ عشرات السنين التقلبات السياسية في الشرق الأوسط، وعرف - حفظه الله - بوضوح الطرح ونزاهة الرؤية والبعد عن المبالغة. لقد دأبت حكومة السعودية المتعاقبة، ومنذ عهد مؤسسات الملك عبدالعزيز آل سعود - يرحمه الله - وحتى الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - على الإعلاء من شأن الوطن والمواطن محلياً وإقليمياً ودولياً، وخسرت كل مدخرات الوطن وخيراته لتكريس هذا التوجيه وتعزيزه وتجذيره. وربما يقول قائل: ان هذا هو واجب الحكومة، وكل حكومة وهذا صحيح، لكن من المهم كذلك التأكيد على ان المكانة التي تحظى بها شرائح المجتمع السعودي، انساناً ومؤسسات وكيانات حكومية وأهلية، بما في ذلك القطاع الخاص السعودي، تعتبر وللحق مثالية ورائدة في محيطها العربي والإقليمي، ولعل من المؤكد ان هذه الدولة لم تتخلف قط عن رسالتها السامية تجاه شعبها ووطنها، بل ان جهودها في توسيع مظلة رعايتها لمصالح مواطنيها لا تزال جيدة متجددة. ان القطاع الخاص السعودي، يعتبر وباعتراف المراقبين المستفيد الأكبر من أجواء الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، الذي تسهر قيادنا الرشيدة على حمايته وحراسته، وانعكس ذلك في تصدر الاقتصاد السعودي لقائمة اقتصادات المنطقة العربية ودول الشرق الأوسط، وكان للبنوك السعودية والشركات الصناعية والزراعية والتجارية حصص أكبر في الإسهام والوصول باقتصادنا الوطني إلى تلك المكانة الرفيعة، بل ان العديد من شركات القطاع الخاص تخطت حاجز المحلية في أعمالها واستثماراتها إلى آفاق العالمية، وبعضها جرى تصنيفه ضمن أكبر 500 شركة على المستوى الدولي. * عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض رئيس لجنة الأوراق المالية