كل أدلى بدلوه حول مشاركة المنتخب السعودي الأول لكرة القدم في نهائيات كأس العالم التي اختتمت أخيراً في ألمانيا، الجميع تحدثوا عما قدمه"الأخضر"، ولكن الغالبية لم يكونوا راضين عن المستوى العام، وسنوا أقلامهم لتوجيه الانتقادات اللاذعة، والبعض الآخر يرى أن المنتخب السعودي لم يكن سيئاً إلى حد كبير..."الحياة"كانت قريبة من"الأخضر"في معسكراته التحضيرية الأخيرة ل"المونديال"وأثناء مشاركته، وهنا نكشف عن بعض الأمور التي رصدناها من خلال التغطية الميدانية لمعسكرات"الأخضر"ونترك الحكم لكم... باكيتا والتشكيلة المثلى ل"المونديال" جاءت الخطوة الأولى في تحضير المنتخب السعودي بإقامة معسكر خارجي في هولندا استمر لمدة أسبوعين، تخلله لعب مباريات ودية، إذ كان المدرب البرازيلي باكيتا يهدف إلى الوصول إلى التشكيلة المثلى التي سيلعب بها في"المونديال"، وقام بتجربة الكثير من الأسماء، ولكنه لم يستقر على التشكيلة بالشكل المطلوب، وعاد"الأخضر"إلى الرياض، وقضى اللاعبون إجازة قصيرة قبل الانطلاق إلى المرحلة الثانية في النمسا. لياقة"الأخضر"ترتفع على جبال الألب ركز الجهاز الفني في المنتخب على الجانب اللياقي في معسكر النمسا، الذي أقيم في مدينة انسبروك بين جبال الألب، وانتقد الكثير من المختصين عمل اختصاصي اللياقة في المنتخب السعودي البرازيلي مادينا، لا سيما ان تدريبات الحديد كانت مكثفة، وجاءت في نهاية الموسم، ولكنه أكد في حديثه ل"الحياة"انه واثق من عمله ولا يبالي بما يقول المتخصصون في اللياقة، وطالبهم بالحضور إلى النمسا من اجل مشاهدة التدريبات. وكان هؤلاء المتخصصون يخشون ان يتعرض اللاعبون إلى الإصابات نتيجة الإرهاق وكثافة تدريبات الحديد، وبالفعل تساقط الكثير من اللاعبين بعد ان تعرضوا لإصابات خفيفة، ولكنهم تعافوا منها قبل انطلاق"المونديال"، وبعضهم عاودته الإصابة كياسر القحطاني وعمر الغامدي. ولعب"الأخضر"مباراة ودية واحدة في معسكر النمسا أمام منتخب التشيخ، وفاز الأخير بهدفين من دون رد، وأطمأن الجميع على مستوى المنتخب السعودي نسبياً بعد هذه المباراة الودية، ولكن البعض كان يتساءل: هل المنتخب السعودي كان جيداً أم التشيخ كان سيئاً؟ اللاعبون يقررون الخطة المناسبة في معسكر النمسا وقبل خوض مباراة التشيخ، اجتمع بعض اللاعبين في ما بينهم، وتناقشوا حول المستوى العام للمنتخب السعودي، وما الطريقة المثلى التي يجب ان يلعب بها"الأخضر"في"المونديال"، ورأوا ان الأنسب هو اللعب بطريقة 4-5-1 بدلاً من 4-4-2، وكان باكيتا اعتمد الخطة الأخيرة للمنتخب السعودي في معسكر هولندا ولعب بها أمام بلجيكا وتوغو، واقتنع تماماً بطريقته، ولكن عندما ناقشه اللاعبون وطلبوا منه تكثيف خط الوسط واللعب بمهاجم واحد اقتنع على الفور برأيهم، ولعب أمام المنتخب التشيخي بالطريقة التي طلبوها منه، واعتمدها في مباريات"المونديال". بعض النقاد أكد ان تصرف باكيتا غير جيد، كونه اقتنع بطلب اللاعبين وتخلى عن قناعاته،"لا بد ان تكون له شخصيته وإلا ما الفائدة من وجوده على رأس الجهاز الفني". أين تشكيلة البرتغال؟ قبل ان يلعب المنتخب السعودي مباراته الودية الدولية أمام المنتخب البرتغالي، قبل انطلاق"المونديال"بأربعة أشهر تقريباً، أعلن المدرب باكيتا ان التشكيلة التي سيلعب بها أمام المنتخب البرتغالي هي التشكيلة ذاتها التي ستمثل المنتخب السعودي في"المونديال"، ولكن ما أعلن عنه لم يكن صحيحاً، إذ ابعد سامي الجابر، الذي لعب أساسياً أمام البرتغال، إلى جانب لاعب الوسط محمد الشلهوب، والظهير الأيمن محمد مسعد، والظهير الأيسر عبدالعزيز الخثران، فضلاً عن حارس المرمى محمد الدعيع، وجميع هؤلاء تم إبعادهم عن التشكيلة الأساسية في المباراة الأولى أمام تونس، الأمر الذي آثار دهشة الجميع كون تغيير أكثر من خمسة لاعبين دفعة واحدة يضر بالتشكيلة وطريقة اللعب. وكان الجميع يتمنى لو ان باكيتا اعتمد التشكيلة التي لعب بها أمام البرتغال، وحافظ على تجانسهم بدلاً من التغيير الذي اضر بمستوى المنتخب السعودي، كما يؤكد الكثير من النقاد. باد ناوهايم تكتسي باللون الأخضر لم يصدق لاعبو المنتخب السعودي ما شاهدوه من حفاوة الاستقبال، وترحيب كبير فور وصولهم إلى مدينة باد ناوهايم، التي تبعد 40 كلم عن مدينة فرانكفورت، فالجميع في هذه المدينة الصغيرة وقف ترحيباً للمنتخب السعودي، ورفعوا الأعلام الخضر وقدموا الورد والهدايا التذكارية للاعبين وجميع أعضاء الوفد، في منظر اقل ما يقال عنه انه أسهم في رفع معنويات اللاعبين، ولم تكتف المدينة بهذا الحد، بل أقامت الحفلات الترحيبية بالمنتخب السعودي، وتعاهد أهل المدينة الصغيرة على مؤازرة"الأخضر"في مبارياته في"المونديال"والحضور إلى الملعب، وبالفعل حضروا إلى جميع الملاعب التي لعب فيها المنتخب السعودي مبارياته الثلاث، أمام تونسوأوكرانياواسبانيا، وآزروا المنتخب. تركيا تكشف الواقع المرير جاءت المباراة الودية الأهم للمنتخب السعودي، في معسكره في ألمانيا، أمام المنتخب التركي في مدينة اوفنبخ، وقبل انطلاق"المونديال"بتسعة أيام، إذ لعب"الأخضر"بالتشكيلة التي سيخوض بها مباراته الأولى أمام تونس في نهائيات كأس العالم، ومع انطلاق المباراة لم يقدم المنتخب السعودي المستوى المعروف عنه، وسيطر الأتراك على المباراة التي فازوا بنتيجتها، وسجلوا هدفين كانت قابلة للزيادة، لتتواصل الأخطاء في صفوف المنتخب لا سيما في خط الدفاع، الذي يحمله الكثير مسؤولية إخفاق المنتخب في المونديال، بعد كثرة الأخطاء التي نتجت من لاعبيه. وطالب الجميع باكيتا بأن يعيد حساباته بعد مباراة تركيا الودية، والتي ضاع فيها"الأخضر"ولكنه لم يستمع إلى نصائحهم وحاول ان يصحح الأخطاء، ولكن من دون جدوى، فالأخطاء الدفاعية ظلت مستمرة في مباريات المنتخب السعودي الثلاث التي لعبها في"المونديال". المعنويات مرتفعة ... ولكن ما الفائدة؟ عندما تقابل أياً من لاعبي المنتخب السعودي، تجد المعنويات لديه مرتفعة إلى حد كبير ومتفائل بأنهم سيتأهلون إلى الدور الثاني وسيحققون نتيجة ايجابية، وذلك عطفاً على فترة الاستعداد الطويلة والأسماء المميزة التي يضمها"الأخضر"في صفوفه، فضلاً عن توفير كل ما يلزم للاعبين، وعندما يخرج أي لاعب سعودي في مؤتمر صحافي يؤكد انهم سيتأهلون إلى الدور الثاني، ولكن ومع انطلاق مباريات المنتخب في المونديال تغيرت النغمة نوعاً ما لا سيما بعد الخسارة القاسية من أوكرانيا ب"رباعية"من دون رد، ومع تلك الخسارة تبددت كل الأحلام التي عقدها الجميع على أفراد المنتخب السعودي وانه سيتأهل إلى الدور الثاني. السعوديون يفاجئون التوانسة قبل انطلاق المباراة الأولى للمنتخب السعودي أمام تونس ذهبت جميع الترشيحات للأخير بأن يحقق الفوز، ويخطف نقاط المباراة الثلاث، وكانت هذه الترشيحات عطفاً على الفارق بين المنتخبين، والذي يصب في مصلحة التوانسة، إلى جانب ان الجميع لا يزال يتذكر الخسارة المريرة التي تجرعها"الأخضر"من ألمانيا 8 - صفر في"المونديال"الماضي والمستوى الهزيل الذي قدمه يومها، وهذه الأمور تراكمت على اللاعبين وزادتهم حماسة بأن يظهروا بصورة مشرفة في المباراة الأولى ويزيحوا كابوس ثمانية ألمانيا. وانطلقت المباراة وضاع المنتخب التونسي، وكان المنتخب السعودي أفضل نوعاً ما، وفي الوقت بدل الضائع أدرك التوانسة التعادل 2-2 ليعلن المنتخب السعودي حضوره القوي في هذا"المونديال"ويغسل الهموم لدى عشاقه. وخرج الجمهور التونسي من الملعب غير مصدق ان منتخبهم لم يحقق الفوز في المباراة، يقول احدهم:"نحن أفضل من المنتخب السعودي، وكان يجب ان نفوز ولكن لا نعرف الأسباب"، الجماهير التونسية عامة غضبت من النتيجة بعكس الجمهور السعودي، الذي غادر ملعب الارينا في ميونخ والسعادة تملأه بعد العرض الجيد الذي قدمه منتخب بلادهم في المباراة، وادركوا ان سوء الطالع حرمهم من الفوز. أوكرانيا والصدمة! ارتفعت معنويات اللاعبين كثيراً، بعد المستوى الجيد الذي قدموه في المباراة الأولى أمام تونس، وزادت من ثقتهم في أنفسهم، ولكن كان الخوف ان تصل هذه الثقة المفرطة إلى حد الغرور الذي دخل إلى نفوس الكثير من اللاعبين والجهازين الإداري والفني وكذلك الجماهير، بأن المنتخب السعودي سيحقق الفوز على أوكرانيا وبسهولة، لا سيما بعد خسارتها برباعية من اسبانيا، وخرج سامي الجابر ليحذر اللاعبين والجميع، ويؤكد بأن المنتخب الأوكراني ليس سهلاً على الإطلاق، وان لديه إمكانات كبيرة، وفي استطاعته ان يفوز بنتيجة المباراة، وجاءت المباراة ليحقق الوكران فوزاً عريضاً قوامه أربعة أهداف من دون ان تهتز شباكهم ولو لمرة واحدة، ويقول احد عشاق"الأخضر"في الملعب:"قلنا سلفاً ان أوكرانيا صعبة وأنها ليست بنغلاديش أو مكاو". وعادت الأحزان تعم أوساط المنتخب، وتحطمت الآمال العريضة التي عقدها الجميع على"الأخضر"وعبى رغم ان هناك بصيصاً من الأمل في التأهل شريطة الفوز على اسبانيا بخمسة أهداف وخسارة أوكرانيا، إلا أن الجميع أيقن ان المنتخب السعودي خرج من الدور الأول. مباراة إسبانيا وفرصة تاريخية لم تستثمر لعب"الأخضر"مباراته الأخيرة أمام المنتخب الاسباني العريق، ولكن الأخير لعب بالصف الثاني في المباراة، كونه ضمن التأهل متصدراً المجموعة بست نقاط، لذا تم إراحة بعض اللاعبين الأساسيين, وكانت فرصة للمنتخب السعودي ان يحقق الفوز على اسبانيا في نهائيات كاس العالم، ويدونها التاريخ، ولكن لاعبي"الأخضر"رفضوا هذه الفرصة الثمينة وخسروا المباراة بهدف وحيد، وتهيأت لهم فرص عدة للتسجيل لكنها لم تستثمر كما يجب من المهاجمين. وعلى رغم ان المنتخب السعودي قدم مستوى جيداً في المباراة، لكن المستوى دائماً ما ينسى مع مرور الزمن ولا يدونه التاريخ في صفحاته، فالأهم هو النتيجة التي يتذكرها الجميع. الجابر... ووداع"مونديالي" جاءت مباراة المنتخب السعودي أمام اسبانيا لتكون الأخيرة في مشوار قائد"الصقور الخصر"سامي الجابر مع منتخب بلاده، بعد مشوار امتد لأكثر من 17 عاماً، كانت حافلة بالانجازات العريضة على جميع الأصعدة، وسجل ارقاماً قياسية، وسجل في ثلاثة نهائيات كأس عالم، على مدى 12 عاماً كرقم سجله من قبله بيليه وزيلر، ومع رحيل الجابر تكون الكرة السعودية فقدت احد ابرز لاعبيها ونجومها، ويتمنى الجميع ان تتم الاستفادة من خدمات سامي الجابر في المنتخب السعودي في موقع آخر، كمدرب أو إداري أو نحو ذلك، لما يملكه من فكر كروي رائع وفريد. ويرى الجابر ان"المونديال"هو خير وداع للاعب كرة القدم، لذا هو اختار"مونديال"ألمانيا ليشهد نهايته مع"الأخضر".