إذا كانت حال الطوارئ تعلن في منازل الطلاب في كل المراحل أيام الاختبارات فقط، فإنها تتواصل عند أهالي طلاب التوجيهي، حتى بعد انتهائها وإعلان النتائج. إذ تبدأ مخاوف الفشل في التحاق الابن بالمؤسسات التعليمية أو العسكرية، التي تكفل لطلابها مستقبلاً آمناً في زمن عزّت فيه الوظائف. جهود الآباء التي تقتصر أيام الاختبارات على تقديم النصائح وأجور المدرسين الخصوصيين، تتضاعف هذه الأيام لتشمل تمهيد الطريق إلى الجامعة أو الكلية، باتصالات الطوارئ بالمعارف"الواصلين"وإقامة الولائم لهم. ويبحث الآباء عن منقذ لأبنائهم، لا سيما أصحاب النسب المتدنية الذين تحاصرهم هواجس الجلوس في المنزل، كما يشير بذلك ولي الأمر محمد الفيصل بقوله:"إن استعدادات الطلاب هي المذاكرة، أما أولياء الأمور فمسؤولون عن تأمين الجو الصحي للدراسة، مع البحث عن واسطة لأبنائهم للقبول في كليات تساعد على مستقبل وظيفي راق بعد التخرج من الجامعة". ويشير الفيصل إلى أنه كثف اتصالاته بزملائه القدامى. ويضيف:"اتصلت بأصدقائي الذين تولوا مناصب قيادية حتى يشفعوا لي في قبول ابني"، لافتاً إلى أنهم زملاء دراسة، ولا يكلمهم إلا عند الحاجة، الأمر الذي يشعره بالحرج. أما الطالب عبدالله العمر، فيرى أن غالبية الطلاب يهتمون بالواسطة أكثر من اهتمامهم بالمعدل التراكمي، الذي يشبهه البعض بالصوري، في حين أن الأساس في القبول هو الواسطة، على حد قوله. ويوضح أن والده أقام عدداً من الولائم لضيوفه، الذين انتقاهم بعناية حتى يكونوا واسطته في الكليات التي يرغب في تسجيلي فيها، ومن ضمنها الكليات العسكرية التي يطمح للالتحاق بها، أو الكليات العلمية التي تضمن له مستقبلاً جيداً. من جانبه، يرى الطالب علي الورثان أن الواسطة من حسنات المجتمع، وأنها تدل على الترابط، وعلى تبادل المنافع والمصالح،"وهي موجودة منذ العهود القديمة للإسلام، وتسمى الشفاعة، بل حث الإسلام عليها وجعلها من أسباب الحسنات". ويضيف علي أن البعض يستعمل الواسطة في غير ما هي له، من حيث تقديم من لا يستحق على من يستحق الوظيفة أو المقعد الدراسي،"وهي المحسوبية التي تعتبر رشوة، ولكن بغطاء شرعي، وهذه تعتبر فساداً للمجتمع". وهو أمر وافقه عليه فيصل السرحان، الذي يرى أن الواسطة ظلم في حق النفس والوطن، لأنها تفضيل لشخص سيئ على شخص جيد. وفي هذا السياق، نصح الشيخ عبدالعزيز الخريجي في حديثه عن"الواسطة"، بأن يكون الاتكال الأساسي على الله سبحانه وتعالى في كل شؤون الحياة، ومنها النجاح أو القبول في الجامعات وفي غيرها، مع عدم إغفال الجانب المعنوي، والأخذ بالأسباب إن وجدت، ومنها الواسطة. ويضيف الشيخ الخريجي:"إن الله سبحانه قدر لكل إنسان رزقه وأجله، وما سيحصل له في الدنيا، ولن يتجاوزه إلى غيره من أرزاق الخلق حتى مع وجود الشفاعة"، داعياً في الوقت نفسه إلى تقوى الله في الشفاعة الحسنة،"لأن الإنسان محاسب على كل شيء يفعله في هذه الدنيا".