تواجه الفتيات السعوديات، خصوصاً صغيرات السن، صعوبة في إقناع أسرهن بالعمل في مجال التسويق، ما حدا بالبعض منهن إلى كسر الحواجز الصلبة واقتحام مجال التسويق والعمل فيه مندوبة للمبيعات، بعد أن كانت الوظيفة حكراً على الشباب، ثم الاعتراف بهن بعد إثبات الجدارة وخوض التجربة. وانتشرت الإعلانات عن توفير فرص عمل للفتيات في مجال التسويق والمبيعات، بشروط خاصة لمن ترغب، أو تجد في نفسها مثل هذه المواصفات المطلوبة، كأن تكون جامعية، أو لديها خبرات في عمل الدراسات التسويقية والأبحاث، والجدوى الاقتصادية للمشاريع كافة. المختصة في إدارة الأعمال في قسم التسويق في جامعة الملك عبدالعزيز تغريد الدوبي 24عاماً، والتي تعمل حالياً في مكتب يهتم بمتابعة الجديد في البورصة والأسهم، إضافة إلى العناية بتنظيم الحفلات، تحدثت عن تجربتها في مجال التسويق، موضحة أنها عملت منذ 3 أشهر مندوبة إعلانات لمكتب خاص في إحدى الصحف،"وعلى رغم علمي أن المجتمع السعودي بطبعه الشرقي مازال يرفض عمل الفتاة السعودية"مندوبة"من منطلقات عدة، أهمها العادات والتقاليد، وتحريم الاختلاط، ومفهوم العيب والحرام إلا أن والدي وعائلتي أسهموا في تشجيعي على خوض هذا المجال"، وتستدرك الدوبي قائلة:"والدتي في البداية كانت رافضة لهذا النوع من العمل، حتى انها أصبحت ترافقني عند مقابلاتي مع العملاء، خشية حدوث أي مكروه لي، لكنها اليوم تثق أنني أستطيع مواجهة العالم وحدي". وتضيف ملمحة إلى أن النظرة الخاطئة والسيئة المأخوذة عن عمل المندوبات مازالت موجودة، وهي"من أكثر الصعوبات التي واجهتني وتواجه العديد من زميلات المهنة، وتبدأ المضايقات سواء من بعض العملاء أو غيرهم، ولأن عملنا ميداني فذلك يتطلب منا تحمل الكثير من الأمور، حتى ان بعض العملاء يسألونني عن الحاجة التي دفعتني للعمل، هل هي المادة، أو حاجتي لأية وظيفة، خصوصاً عندما يعرفون أنني سعودية!"، مشيرةً إلى أن البعض يتفهم الأمر بشكل جيد، مثل سيدات الأعمال اللاتي يمثلن العميل الأكثر تعاملاً مع"مندوبات المبيعات". من جانبها، تؤيد سناء عثمان 25 عاماً والتي تعمل في مكتب مبيعات تابع لشركة أدوية ما تحدثت عنه الدوبي، موضحة أن حب العمل يذلل الصعوبات التي واجهتها، كما تنوه:"أعمل في الشركة منذ ما يُقارب السنتين، وأحببت هذا العمل ومقتنعة بالصعوبات التي سأواجهها من تصرفات العملاء، والمشكلات التي تحيط بهذا النوع من الأعمال، وعلى رغم معارضة أهلي للعمل في مجال التسويق واعتقادهم انه غير مناسب للفتاة، ويعرضها للكثير من المضايقات والمخاطر، إلا أنني لم أبال واستطعت من خلال عملي إثبات جدارتي، وبالتالي ثقتهم زادت بعد إثبات ذلك"، وأضافت مسهبة عن مواقف مرت بها:"حدثت معي الكثير من المواقف التي ضايقتني وأضحكتني، ولكنها جعلت مني انسانة قوية، أستطيع مواجهة أي ظرف أو مشكلة مع العملاء، وأذكر موقفاً مضحكاً حدث مع أحد العملاء حين ذهبت إليه في المكتب وطردني منه وأخبرني أنه رجل لا يتعامل مع ناقصات العقل والدين ومندوبات المبيعات! وخرجت من مكتبه على وشك أن يغمى عليّ من الضحك". تغريد شيخ 27 سنة، لمست بعد تجربتها في قسم التسويق في مكتب نسائي ينظم الحفلات والمناسبات أن نظرة المجتمع تحسنت كثيراً، وتقول:"عندما تقدمت إلى الوظيفة طلبوا مني شهادة جامعية، وكنت سابقاً أعمل في الغرفة التجارية كمسؤولة عن العلاقات العامة في قسم التسويق لمدة 6 أشهر، تعلمت من خلالها الاحتكاك بفئات المجتمع المختلفة، وفي البداية واجهتني صعوبات خفيفة تتعلق بكيفية التحدث مع العملاء والتعامل معهم". وتضيف"أحسست من خلال عملي في هذا المجال أن المجتمع السعودي بدأ يتقبل وجود المرأة في التسويق، والدليل الاستحسان والتشجيع الذي كنت أجدهما عند مقابلاتي لأي عميل يعرف أنني سعودية، وبحسب نوعية العمل كنا نواجه بطبيعة الحال الكثير من الفئات المختلفة من العملاء، فمثلاً عملي في الغرفة التجارية أعطاني الكثير من الثقة بنفسي، والمزيد من الخبرة ولدي علاقات كثيرة مع أشخاص تعاملت معهم وتوطدت بيننا علاقات جيدة بحكم العمل، وربما يعود نجاحي إلى حبي لهذا التخصص، وكوني وجدت نفسي من خلاله".