من الوهلة الأولى التي تطأ فيها قدماك مبنى دارة الملك عبدالعزيز في الرياض، تشعر بإيحائها التاريخي، وكأنك ترجع أعواماً إلى الوراء، فتشمّ حينها رائحة التاريخ وعبيره... تميزت"الدارة"بخدمة تاريخ الجزيرة العربية عموماً، وبخاصة التاريخ السعودي في أدواره الثلاثة، وتبنت أعمال باحثين كثر، ولها الآن رصيد وافر من المؤلفات التاريخية المصدرية، والمرجعية الحديثة. على رغم الجدل الدائر بين الباحثين في مجال التاريخ حول تعامل الدارة معهم، إلا أنها تحتل موقع الريادة في مجالها، باعتبارها المركز التاريخي الأول في السعودية. أمينها العام الدكتور فهد بن عبدالله السماري طاوله نصيب وافر من الجدل، بين معترض على"بيروقراطيته"المزعومة، ومشيد بنشاط الدارة الملحوظ بعد تسلمه مهام قيادتها، إذ أصبحت أكثر حيوية وتألقاً. أصحاب الرأي الأول يوجهون لومهم لعدم تمكنهم من الوصول إلى ما يريدونه من المصادر الموجودة لدى الدارة، ويرون أن في ذلك تقصيراً في خدمة الباحث، في حين أن السماري يؤكد أن ما طلبوه من مصادر - إن كانت متوافرة لدى الدارة - فهي في طور الفهرسة والتنظيم، وستتاح عما قريب، وكأن لسان حاله يقول:"رضا الناس غاية لا تُدرك". أما الذين ابتهجوا بتألق الدارة"فإنهم يتحدثون بلغة الأرقام التي لا يضيرها اللوم والانتقاد. السماري تحدث في حوار مع"الحياة"عن الكتب المحظورة التي تُطبع في الخارج عن التاريخ السعودي، ويرى أن اطلاع الباحثين عليها لا يضير، بل على العكس تماماً، إذ إن الاطلاع عليها يتيح الرد على الاتهامات، ويوضح للقارئ زيف ما يتم تأليفه. كما نفى مسؤولية الدارة عمّا عرض وبيع في معرض الكتاب الدولي الذي أقيم في الرياض أخيراً من هذه الكتب المحظورة، على اعتبار أن ذلك من اختصاص وزارة الثقافة والإعلام. واستفاض السماري في الرد على الأصوات التي تنادي بإغلاق أقسام التاريخ في الجامعات السعودية لعدم حاجة سوق العمل لها، وحذّر من أن في ذلك تهديداً لفكر الأمة وتراثها. كما كشف ل"الحياة"أن الدارة تسعى إلى إقرار استراتيجية جديدة لخدمة التربية الوطنية على الأصعدة كافة. ولم يكتف بالتربية الوطنية، إذ تحدث عن بداية الدارة في مشروع"الموسوعة التاريخية السعودية"فعلياً خلال العامين المقبلين. فإلى تفاصيل الحوار: الأمين العام ل"دارة الملك عبدالعزيز"فهد بن عبدالله السماري ل"الحياة": إغلاق أقسام التاريخ في الجامعات يهدد فكر الأمة... وسنتخلص من"بيروقراطيتنا"المزعومة قريباً يعلم الكثيرون ما للدارة من أهمية في توثيق تاريخنا الوطني، والاهتمام بمصادره المختلفة، إلا أنه لا تزال هنالك مصادر لم تكتشف، خصوصاً في الجوانب الحضارية لتاريخنا الوطني، وربما أنها في غالب الأحوال موجودة لدى بعض الأسر. ما دوركم في توعية الناس بأهمية هذه المصادر، ووجوب إتاحتها للدارسين من خلال حفظها في المراكز المهتمة؟ - لا شك في أن هنالك مصادر كثيرة لتاريخنا الوطني لا تزال في حاجة إلى كشف وبحث دقيقين، خصوصاً المصادر الموجودة لدى الأسر، سواءً المخطوطات التي حفظها الآباء والأجداد لتلك الأسر في مكتباتهم الخاصة، أو الوثائق مثل المكاتبات والمراسلات بين أفراد هذه الأسر وغيرهم في ما مضى، أو التي تعد مكاتبات رسمية لأعمال تسنموها ولا يزالون يحتفظون بها. ودور الدارة توعية الناس بهذه المصادر، وذلك من خلال مشروع توثيق المصادر التاريخية في السعودية، إذ قامت الدرة بزيارة المناطق، واتصلت بالمهتمين فيها وبالعامة، في سبيل التوعية بأهمية المصادر التاريخية. كما قامت الدارة بإبراز المعلومات المرتبطة بالأسر، حتى تأخذ حقها في التوثيق والذكر، لذا بدأت أسر عدة في فهم دور الدارة، وعلمت أن عدم إتاحة الوثائق للمؤسسات العلمية يفوّت فرص ذكر هذه الأسر تاريخياً. "بيروقراطية"مزعومة سهلت الدارة لباحثين كثيرين الوصول إلى المصادر التاريخية الوطنية، وذلك من خلال إتاحة مجال الاطلاع على الوثائق، وكذلك طباعة المصادر المهمة، وترجمة المؤلفات الأجنبية منها. إلا أن بعض الباحثين يتذمر من بيروقراطية الدارة في تقديمها لهم، وحجبها بعض الوثائق، فما رأيك؟ - يعلم الكثيرون أن الدارة عندما بدأت قبل سبع سنوات في جمع الوثائق والمصادر المختلفة، كانت في مرحلة تنقيب عنها، وهذا من الأمور المضنية، وعندما حصلت الدارة على جزء كبير من الوثائق، اكتنف عملها أمور عدة"منها التصنيف والفهرسة، وهذا يأخذ نصيبه من الجهد والوقت، لذا من الصعب تقديمها للباحث وهي لا تزال تحت الترتيب. لكن هناك ما تم الانتهاء من تصنيفه ولم تسمح الدارة بتقديمه للباحثين؟ - هنالك وثائق تتعرض إلى مسائل تسيء إلى الغير، وما لا يسيء يتاح للباحثين. حتى الوثائق التي نحجبها نتيح الاطلاع عليها من دون تصويرها، حتى لا تُستغل سلبياً. وأعد الباحثين بأنه بعد الانتهاء من تصنيف الوثائق في شكل كامل وفهرستها ستتاح لهم، وكل ما نحن فيه نتيجة لظروف المرحلة التي نمر بها من رصد وتوثيق. من المعلوم أن هنالك توجهاً لحفظ الوثائق الوطنية كافة خصوصاً الحكومية في مركز الوثائق الوطنية في الدارة، إلا أننا لا نزال نرى أن هناك أكثر من مركز لحفظ الوثائق في المملكة. ألا ترى أنها لو حفظت في مركز واحد لسهلت الأمر على الباحثين؟ وما الخطوة التي تنوون القيام بها لتحقيق هذا الحلم؟ - حفظ الوثائق نوعان، هناك ما هو رسمي في المركز الوطني للوثائق والمحفوظات، مرتبط بديوان رئاسة مجلس الوزراء، وهو المخول بحفظ الوثائق الرسمية للدولة، وبحسب النظام الصادر في تأسيسه، ينص على أن جميع الوثائق الحكومية تحفظ في هذا المركز. أما النوع الثاني فهو المكتبات والمؤسسات العلمية والمراكز الثقافية، التي تُعنى بجمع المواد التاريخية العامة، بما في ذلك الوثائق الخاصة بأفراد وشخصيات، فإن تعددها يصب في مصلحة الباحث، وهي إيجابية إلى درجة كبيرة، وما يهمنا أن تكون في مكان حفظ صحيح. كما أن الدارة تعمل حالياً على رصد الوثائق الموجودة في مراكز الحفظ الداخلية والخارجية، وذلك لنشر دليل موحد يستفيد منه الباحثون. صراع وثائقي هل هناك صراع وثائقي حقيقي بين الإدارات الحكومية؟ - تعاني بعض الإدارات الحكومية من قلة الإمكانات في حفظ الوثائق في شكل مناسب، وضعف في الخبرة الفنية في هذا المجال، وما يقوم به المركز الوطني للوثائق والمحفوظات سيقلل من هذه الإشكالات قريباً، حسبما وكل إليّ من مهام عمل. أما الصراع فلا وجود له. متى يقتنع المسؤولون في الإدارات الحكومية بأهمية تحويل أرشيفاتهم القديمة إلى مراكز لحفظ الوثائق؟ - يرغب مسؤولون كثر في الاهتمام بأرشيفاتهم القديمة، إلا أن هذا يصعب تحقيقه لدى الجهات كافة، ويجب ألا تترك مجال عملها الأساس، وتنشغل في أمور يفترض أنها من اختصاص آخرين، كالمركز الوطني للوثائق والمحفوظات في إدارات مجلس الوزراء، وأعتقد أن الإدارات الحكومية تقوم بالحفظ بحسب النظام، ومن ثم تنقل وثائقها إلى المركز الوطني، كما أن المسؤولين في حاجة إلى الدعم والمساندة في هذا الجانب. مصادر ومراجع أجنبية عدة عملت الدارة على ترجمتها ولم تتحها للباحثين، إذ يتعذر نشرها لحساسية ما، وفي المقابل نرى بعضاً منها يُترجم في دول أخرى، ويوزع في بعض المكتبات أو يُتداول بين الباحثين، وهو يحمل من الأخطاء في الترجمة الشيء الكثير. أليس من الأفضل أن تُخرج الدارة مثل هذه المؤلفات بعد أن تنقحها؟ - ما تقوله حول ترجمة الدارة كتباً ومن ثم حجبها غير صحيح، إذ إن الدارة نشرت أعمالاً علمية عدة، قامت بترجمتها وعالجت ما فيها من حساسية بالتعليق في هوامش الكتب، وإبداء وجهات النظر، وتصحيح المعلومات والمغالطات. أما ما يتم نشره خارج المملكة فقد اطلعت واطلع عليه باحثون كثر، وكانت نوعية الترجمة ضعيفة للغاية، لعدم إلمام المراكز التي قامت عليها بالمعلومات الضرورية عن تاريخ الجزيرة العربية، والدارة، حتى وإن ترجمت الأعمال، فهي تقوم بإخراجها في الشكل المناسب، وتهتم بالتصحيح العلمي. الكتب المحظورة معرض الكتاب الدولي الأخير الذي أقيم في الرياض، عُرضت فيه مؤلفات تاريخية لم يُسمح ببيعها من قبل أو تداولها، إذ مررت دور نشر عدة الكثير منها. أين دور الدارة تجاه هذا الأمر؟ - ليس عيباً أن يباع في المعرض ما كان ممنوعاً في السابق، كما أن الدارة ليست المسؤول عما عُرض وتم بيعه، فهذا من اختصاص وزارة الثقافة والإعلام. يعلم الكثير من المهتمين بالتاريخ، أن هنالك دور نشر خارجية تركز على ترويج كتب تاريخية محظورة، فلماذا لم يتم التشديد عليها، أو منعها؟ - يصعب تقييد دور النشر الخارجية ومنعها من الترويج لكتب تاريخية محظورة، وما ينبغي علينا وعلى الباحثين، هو التوعية والكتابة عن هذه المؤلفات وتوضيح مغالطاتها، حتى يتبين للقارئ في السعودية وخارجها أخطاء هذه الكتب وفضح زيفها. ألا ترى أنه حان الوقت لأن تتاح المصادر والمراجع التاريخية كافة لدارس التاريخ، حتى المحظور منها؟ - لا أظن أن هنالك شيئاً محظوراً حالياً سواء في السعودية أو خارجها، فمنذ زمن والمصادر والمراجع متاحة للباحثين، كما ينبغي أن تتاح أمام المتخصص المصادر والمراجع كافة، حتى لو كانت محظورة، فمن خلال الباحثين الجادين يمكن الإسهام في تصحيح المعلومات، وبيان مواطن الحظر وحل الإشكالات. تعمل الدارة حالياً على إنشاء فروع لها في المناطق السعودية، فهل ترى أنها ستكون كالمركز في قوته واهتمامه بالتاريخ؟ - هذه الفروع ستكون كالمركز الرئيس، وسينفق عليها ما يكفيها، وهي بمثابة فروع يتم تزويدها بالكوادر الإدارية المميزة والخدمة الفنية الكافية، وذلك حتى تؤدي الدارة دورها تجاه هذه المناطق. أقسام التاريخ في الجامعات التاريخ من أهم العلوم الإنسانية لحفاظه على الهوية والتراث، إلا أنه تبرز بين حين وآخر بعض الأصوات"المسؤولة وغير المسؤولة"، التي تنادي بإغلاق أقسام التاريخ في الجامعات السعودية، وعذرهم في ذلك عدم الجدوى من خريجي هذه الأقسام، وعدم حاجة سوق العمل إليهم. ما رأيك في ذلك؟ وهل وصل الأمر إلى أن يُقتل العلم من أجل سوق العمل؟ - ما حدث للتاريخ كتخصص منشؤه جانب اقتصادي، والمطالبة تمت من القطاع الخاص وبعض الرواة، لأن سوق العمل لا تستوعب خريجي التاريخ جميعهم، وأعتقد أن إغلاق أقسام العلوم الإنسانية غير مناسب على الإطلاق. وفي دول العالم المتقدمة لم تتم المناداة بغلق أقسام التاريخ وغيره من العلوم الإنسانية، ولكنها اتجهت إلى تقليص عدد الخريجين، وإعادة النظر في أحجام هذه الأقسام بدمج بعضها، وهذا يتم من خلال دراسة علمية منهجية تقوم بها الجهات المسؤولة، أما الإغلاق فهو خطأ كبير، فكيف تُفرغ الجامعات من التخصصات الإنسانية؟ فهي مهمة جداً للحفاظ على فكر الأمة. ولا ينبغي التهاون على الإطلاق في هذا الأمر، خصوصاً إذا علمنا أنه من الضروري التنويع في التخصصات. على رغم هذه الدعاية التي تنادي بإغلاق أقسام التاريخ، إلا أننا لا نزال نرى أن الخريجين يجدون مجالهم في حقل التعليم، وكذلك في مراكز البحوث والمكتبات، والأعمال الإدارية المختلفة. فهل من صوت يطغى على أصواتهم؟ - هذا أمر صحيح، لكن القضية لا تنحصر في التاريخ فحسب، فهناك تخصصات مثل الهندسة وطب الأسنان وغيرها، خريجوها يصعب عليهم إيجاد العمل. فالمسألة ليست مسألة تخصص، بقدر ما هي مسألة اختيار وجودة في تقديم هذه التخصصات، وتخريج الطلاب بالشكل العلمي المناسب. ما دور الدارة في توعية أمثال هؤلاء بأهمية التاريخ وأهله؟ - تتم التوعية من خلال مجالات عدة، سواء من خلال الندوات العلمية التي تعقدها الدارة بالتعاون مع الجمعية التاريخية السعودية، أو من خلال ما يتم الحديث عنه في وسائل الإعلام، ولكن هذه المواقف تتم من خلال استراتيجيات التعليم، وتأخذ في الاعتبار مختلف الحاجات. وأقرت الجمعية التاريخية السعودية مع الدارة برنامجاً للنظر في الأمر الخاص بإغلاق أقسام التاريخ، والعمل على الاتصال بالقائمين على هذه السياسات من أجل الحديث معهم وإفادتهم بأهمية هذه التخصصات، وخدمة العلوم الإنسانية وعدم إلغائها. وأعتقد أن المخططين في وزارة التعليم العالي ليس في برنامجهم إلغاء هذه العلوم تماماً، وإنما تأجيل القبول فيها أو تقليصها. التاريخ الشفوي اهتمت الدارة أخيراً بالتاريخ الشفوي، وعملت على توثيقه في عدد من مناطق السعودية. ألا ترى أن مثل هذا المصدر يعتريه شيء من عدم الدقة؟ - المصدر لا يعد دقيقاً إلا بعد تحقيقه علمياً، والدارة اتجهت في توثيق التاريخ الشفوي إلى الانفتاح الشامل على الروايات كافة، وبعد ذلك تأتي مرحلة التحقيق ومطابقة النصوص والروايات مع الأدلة التاريخية والتحقق منها، ثم العمل على تفريغ المادة المحققة الصحيحة في مواد مدونة، تمكن الاستفادة منها في شكل تام. سعيتم منذ ما يقارب عشر سنوات إلى الاهتمام بالتاريخ الشفوي، والباحثون لا يزالون يتحرون نتائج هذا الاهتمام، فمتى سيتاح المجال للاستفادة مما جمعته الدارة؟ - بعد أن يتم الانتهاء من مراحل العمل في مناطق المملكة كافة. كما أن المشروع سيدخل مرحلة جديدة في تحقيق الروايات، وعلى رغم عدم الانتهاء من المشروع في شكل كامل، فإن الاستفادة متاحة للباحث إذا أراد الاستماع إلى ما يفيده في بحثه، ولكن تبقى عليه مسؤولية تحقيق ما ينقله من روايات، لأن المشروع لم يكتمل. المراكز العالمية هناك كثير من مصادر تاريخ الجزيرة العربية، وتاريخ المملكة العربية السعودية، محفوظة في مراكز أجنبية وعربية، سواء وثائق أو مؤلفات. فهل تعملون على مسح دوري لاقتناء مثل هذه المصادر في الدارة؟ - بدأنا هذا المشروع منذ فترة من خلال قنوات عدة، فمثلاً المقالات العلمية المنشورة في المجلات الأجنبية، أعددنا لها قاعدة معلومات تحتوي على مجموعة كبيرة، وقامت الدارة بتصويرها وتبويبها ووضعها في قواعد بيانات، حتى يتمكن الباحث من الرجوع إليها بسهولة، خصوصاً أن بعض هذه المقالات نشر في مجلات علمية قديمة لا يتيسر الوصول إليها. كذلك الصحف القديمة وما نشر فيها من مادة تاريخية، والتعاون مع المراكز العلمية خارج السعودية، إذ يتم مسح ما فيها من كتب عربية أو أجنبية ذات صلة بالتاريخ السعودي وتاريخ الجزيرة العربية، وتتم مقارنتها بما هو موجود في الدارة، فإذا كان نادراً حاولنا شراءه أو تصويره وحفظه. وهناك متابعة جادة من مكتبة الدارة التي تعد متخصصة في التاريخ السعودي، إذ تعمل على إيجاد النوادر من الكتب، وكل ذلك ناتج من المتابعة للمكتبات العالمية. الموسوعة السعودية دأبت الدارة على رعاية الأعمال الموسوعية في التاريخ الوطني، إلا أننا إلى الآن ننتظر موسوعة للتاريخ السعودي، منذ قيام الدرعية ونشأتها حتى وقتنا الحالي، حتى يكون مرجعاً مهماً في التاريخ السعودي. - موسوعة التاريخ السعودي مشروع ضخم جداً، وتم البدء في التخطيط له منذ عام 1416ه، إلا أن الدارة ارتأت تأجيل العمل فيه إلى أن تنتهي من المرحلة الأولى من جمع المصادر. وكتابة التاريخ السعودي من دون جمع مصادر لن تزيد على الموجود حالياً، لذا تم التوجه إلى جمع الكتب والمصادر القديمة والمخطوطة، وخلال عامين سيتم الانطلاق في وضع منهج شامل للموسوعة التاريخية السعودية، التي ستأخذ عدداً من الاعتبارات في هذا العمل الموسوعي"منها العمل المعجمي، الذي سيكون بطريقة عرض معلومات سريعة، كذلك العمل البحثي، الذي يرتبط بدراسات علمية ومواضيع محددة في التاريخ السعودي، أيضاً العمل المصدري الببلوغرافي، الذي سيشمل تحليل الدراسات والمصادر المتخصصة. وهذا العمل الموسوعي لن يبدأ إلا بعد مرحلة جمع المصادر التي تغني العمل وتثريه. ألا يوجد لديكم توثيق لما يعرض في وسائل الإعلام المختلفة، حتى يتسنى للباحثين الرجوع إليه؟ - لدينا رصد كامل لما يكتب في الصحافة عن التاريخ السعودي والجزيرة العربية، ويتم تدوين ذلك في قاعدة معلومات، وكل ذلك ليسهل على الباحثين الوصول إلى ما يريدونه من المصادر كافة. أعلام الجزيرة قمتم قبل سنوات بمشروع"أعلام الجزيرة العربية"، ومن المفترض أنه تم الانتهاء منه في شكل كامل، فمتى سيرى النور للاستفادة منه؟ - البدء في المشروع كان في عام 1419ه، وتم تأجيل نشره بعد أن اكتمل لحين التحقق من المعلومات التي تم جمعها، وقد كُلف فريق عمل باستكمال بعض الروايات والسير غير المكتملة، وإضافة بعض الأعلام الذين لم يدرجوا في العمل السابق. هل لكم دور في خدمة بعض الأعلام المهمين في تاريخ الجزيرة العربية، كتأليف بعض الكتب عنهم أو الاهتمام بتراثهم؟ - لدى الدارة سلسلة قيد الإعداد عن"شخصيات في التاريخ السعودي"، إذ تتم كتابة مؤلّف عن كل شخصية، يكلف به باحث يتناول فيه تاريخها وإسهاماتها، وفي النهاية ستتوافر مجموعة كبيرة من هذه السلسلة بإذن الله. والدارة تدعو الباحثين الذين لديهم اهتمام بهؤلاء الأعلام، إلى أن يبادروا بالاتصال بالدارة لدعمهم والتعاون معهم للنشر ضمن السلسلة. لا شك في أن دور الدارة رائد ومميز في خدمة التاريخ الوطني، فمن يقف وراء هذا التميز؟ - تعاون الباحثين والباحثات في السعودية وراء هذا التميز، كما أن دعم رئيس مجلس إدارة الدارة أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز، له بالغ الأثر في دفع الدارة إلى الأمام، وذلك من خلال متابعته اليومية المباشرة لأعمالنا، إذ يذلل الصعوبات والمعوقات كافة. كما أن آلية عمل الدارة المنفتحة على الجميع لها دور في تقدمنا، إذ إن الدارة لا تعتمد على الأعمال الفردية، وتتعاون مع الجمعيات العلمية والمراكز والمكتبات والجامعات، وأعتقد أن هذا الانفتاح من أهم أسباب التميز. التربية الوطنية تعلمون أن للتربية الوطنية علاقة وطيدة بالتاريخ، ومنذ تم إقرارها إلى الآن لم تأتِ بالصورة المرجوة منها، لعدم إعطائها للمتخصصين في التاريخ، فهل لكم دور في تأصيل التربية الوطنية تاريخياً؟ - التربية الوطنية أحد هموم الدارة التي تقوم بالتخطيط لها، وقد عُرضت على مجلس إدارة الدارة الأخير خطة أولية لخدمة التاريخ الوطني، واستثماره في التربية الوطنية على الأصعدة كافة، في المناهج التعليمية والإعلام، واليوم الوطني، والمجتمعات والمناسبات العامة، وستشمل استراتيجية البرنامج وسائل عدة لخدمة التربية الوطنية بالشكل الملائم، والتعاون مع الجهات المعنية، مثل وزارة الثقافة والإعلام، والتربية والتعليم، والتعليم العالي. ألا تُعرض مناهج التاريخ على دارة الملك عبدالعزيز لمراجعتها، باعتبارها المركز التاريخي الأول في المملكة؟ - كنت أتمنى لو تحقق هذا الأمر، لأن عرض المناهج التاريخية في التعليم العام علينا سيثريها، من خلال ما لدى الدارة من معلومات وجوانب يمكن أن تضيف إلى ذاكرة الوطن، من خلال تدريس أبنائنا وبناتنا. والأمنية أن تقوم وزارة التربية والتعليم بعرض هذه المناهج على الدارة. هل للدارة دور في ابتعاث الدارسين إلى الخارج لدراسة التاريخ السعودي؟ - سبق أن ابتعثت الدارة الموظفين في مجال الأرشفة والمتاحف، والآن لديها مبتعث في اللغة التركية والعثمانية القديمة، ومستقبلاً سنبتعث في تخصصات أخرى تهم الدارة. هل استفدتم من خبرات المراكز المماثلة في العالم؟ - نتعاون ونتفق ونتعاقد مع المراكز العلمية الأخرى في العالم، والآن لدينا اتفاقات مع مركز الشرق الأوسط في جامعة أوكسفورد، ودار الوثائق القومية المصرية، ومركز الوثائق في اليمن. وهناك اتفاقات تحت الإجراء للتوقيع مع الأرشيف الوطني في الجزائر، وأرشيف رئاسة الوزراء في تركيا، وأرشيف وزارة الخارجية في إيران، ومراكز عدة في دولة مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية. هناك بعض مراكز الوثائق في العالم لم ينقب فيها عن تاريخ الجزيرة العربية، كالتي في البرتغال وإسبانيا وإيطاليا وغيرها، فهل لديكم نية لإرسال من ينقب فيها؟ - المراكز التي نحتاج الوصول إليها كثيرة، والدارة بدأت خلال العام الحالي في انتداب عدد من الأساتذة والمهتمين إلى هذه المراكز، لتقديم رؤى وتقارير علمية عن كيفية الاستفادة من هذه المراكز، وستزداد هذه المهمة في الأعوام المقبلة في شكل أكبر، حتى يتسنى الوصول إلى المجموعات الخاصة في أنحاء العالم، ونأمل بالوصول إلى هذه المراكز في شكل يرضينا. الضيف في سطور الاسم: فهد بن عبدالله السماري، أستاذ مشارك في التاريخ الحديث والمعاصر. المؤهلات العلمية: حصل على درجة البكالوريوس من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وحصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة الأميركية - ريفر سايد 1410ه 1989، وكان عنوان رسالته للدكتوراه"الملك عبدالعزيز وألمانيا". وله مؤلفات وبحوث عدة في تاريخ المملكة العربية السعودية، والتاريخ الحديث والمعاصر. الأعمال التي تقلدها: - أستاذ مساعد في قسم التاريخ والحضارة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. - عميد البحث العلمي في الجامعة نفسها. - وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون الثقافية. - من عام 1416ه إلى 1419ه، إلى جانب منصبه وكيلاً لوزارة التعليم العالي، كان مشرفاً على دارة الملك عبدالعزيز. - حالياً يعمل أميناً عاماً لدارة الملك عبدالعزيز منذ 1419ه. - في عام 1425ه عُين مساعداً للأمانة العامة للمراكز والبحوث في مجلس التعاون. - عام 1426ه عُين أميناً عاماً للأمانة العامة للمراكز والبحوث في مجلس التعاون.