مفاجأة غير متوقعة، استقبلها الإعلاميون قبل أيام عدة. تمثلت في دعوة من أمين مدينة جدة للفيف من الإعلاميين والكتاب في المنطقة الغربية، لحضور لقاء ربما يأخذ طابع التصالح مع بعض الأقلام الشاردة، أو تلك التي حادت عن الطريق المفترض أن يتبع. الدعوة لم تنم عن أية نية مبيتة لفتح أو مناقشة ملفات، تتضمن لوماً أو عتاباً بين الأمين والإعلاميين من أصحاب الأقلام والزوايا في بعض الصحف والمجلات. أعترف صراحة بوجود بعض المسلمات التي لا تزال تسيطر على تفكير البعض منا، في تعاطيهم مع الصحافة والإعلام بشكل عام، تتمحور حول أن"كل من لم يكتب عني بالحسنى فهو ضدي"، وقد غاب عن وعي مثل هؤلاء البعيدين إلى حد ما من تفكير ومنطق أمين مدينة جدة أنه لا يعني بالضرورة حينما يتناول كاتب ما قضية ويحللها من جانبها السلبي أنه يهدم أو تحركه أهواء شخصية أو أغراض خاصة وتصفية حسابات، لأن الفكرة المسيطرة بهذا الاسلوب تتحول مع الوقت إلى مرض، ويتحول معتنقها بالتبعية إلى مريض غير قادرعلى تمييز الصواب من الخطأ، فجميعها أوهام تذروها رياح عدم الثقة في الأداء والعمل، وتقود إلى وضع صاحبها نفسه داخل برج عاجي من الفضيلة، ظناً منه أنه كائن نوراني، لا يمكن انتقاده ويبدأ في تحريك من حوله للدفاع وليس للتوضيح، أو يدفعه من حوله للتجاهل وعدم الاهتمام على اعتبار أن"القافلة تسير والكلاب تنبح"وشتان بين مفهوم"الدفاع"ومفهوم"التوضيح"هنا، فكلاهما يعكس مدى إيمان الآخر بأهمية الدور الإعلامي ومدى قدرته على التعاطي والتفاعل مع هذا الدور بشكل إيجابي، يخدم في النهاية المواطن، خصوصاً إذا كانت طبيعة عمل الشخص المنتقد وتأثيراتها تمتد إلى رجل الشارع. كتبت وانتقدت أداء أمانة جدة، ليس لرغبتي في الانتقاد التي أشبعتها بسيل من المقالات المتتابعة، بل لأكون لسان حال كثير من المواطنين والزوار ولسان حالي أنا الذي أعيش هذه المدينة وأتنفسها عشقاً وحباً، تلك الكتابات تضمنت تساؤلات، بحثت لها عن أجوبة في أروقة الأمانة فلم أجد. آمل أنه إذا فتح باب النقاش بشأن ما كتبه أي من الأقلام، أن نجد أجوبة لأسئلتنا، وأن نطّلع ولو من باب العلم بالشيء على المجهودات التي تبذلها الأمانة، خصوصاً المناصب الأكاديمية الكفيلة ? كاسم ? بحل أعنف وأقسى المشكلات. كانت لدي قناعة في السابق بأن الأمانة وبشفافية تامة، لم تكن تعير أي كاتب أو صحافي أي اهتمام وبأن ما يكتب لا يمثل لهم قضية، لكن وقد جاءت هذه الدعوة فإنني آمل أن تكون موضوعاً لمقالي المقبل، ليقرأ أهالي جدة النقاشات الجدية التي تحدث في اللقاء، وأن تكون كاشفة لأوجه كثيرة لم نكن نعيها أو نعرفها عن الأمانة من قبل لكثرة الأبواب المغلقة بينها وبين الإعلاميين. [email protected]