حذر إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة الشيخ صالح آل طالب، من ضلال الذين يخوضون في دين الله بالهوى، ويكيفون الدين والشرع على المصلحة المتوهمة ومسايرة الغالب ولو كان باطلاً، مؤكداً ان الاتباع الحقيقي للنبي"صلى الله عليه وسلم"، لا يكون إلا بالبعد عن الهوى وتربية النفس على لزوم السنة واتباعها، والرجوع إلى الحق وإخلاص القصد وصلاح النية وصدق الإخلاص والتجرد لله رب العالمين. ونبه إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس، الناس إلى القيام بحقوق الرسول"صلى الله عليه وسلم"، مشيراً إلى أنها من أولى ما ينبغي طرحه كقضايا عملية وأطروحات منتجة. وقال إن من أعظم حقوق الرسول"صلى الله عليه وسلم"، الإيمان به وتصديقه، ولا يمكن ان يكون مسلماً، من لم يقر بذلك، جازماً غير متردد ولا شاكٍ، لأن الإيمان والتصديق يندرج تحتهما، كل ما يقتضيه من تمام الطاعة والاتباع والقبول والتصديق المقتضي للعمل، وإلا فإن دعاوى اللسان لا بد لها من برهان وهو عمل الأركان، وكذلك من حقوقه"صلى الله عليه وسلم"طاعته، التي هي من خصائصه، أي الطاعة المطلقة ليست لأحد من البشر سوى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قرن الله طاعة رسوله بطاعته سبحانه وتعالى، وأيضا من حقوقه صلى الله عليه وسلم كمال الاتباع، أي طاعته في ما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع، فما لم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغاً عن ربه فلا نتعبد الله به بل هو مردود. وأشار إلى ان اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، هم من يرد عليه الحوض وغيرهم يطردون، وان اتباع النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي وجوب التزام شرعه، والتزام هديه وسنته، والاكتفاء بهديه وشريعته، وألا يبتغى الفلاح إلا من طريقه. وأوضح ان من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم أيضا محبته، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم اشد الناس حباً له، فعظموه ووقروه وكان ملء أسماعهم وأبصارهم، وخالط حبه شغاف قلوبهم، فقدموه على أنفسهم وأهليهم، وفدوه بأرواحهم، وقدموا صدورهم درعاً حامية عنه صلى الله عليه وسلم، مفيداً ان محبة الصحابة رضوان الله عليهم للرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن محبة عشق، كما يظن المخرفون، بل هي محبة مودة وولاء واتباع وطاعة، أثمرت اتباع السنة والطاعة وكمال الإيمان، وتقديم أمر الله ورسوله على شهوات النفس. ومضى الشيخ آل طالب في القول: وإنك لتأسف ممن يتاجر في هذه المحبة، ليبتدع في دين الله باسم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصدع السنن وينشر البدع وينبث على العوام باسم المحبة، كمن يتاجر بمحبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، كأن الدين انحصر في هذه المحبة، فيقع الشرك وتنتهك المحارم وتضيع الشرائع ولا يبقى من الدين إلا هذه المحبة المزعومة، ولو كانت حقاً وصدقاً لأثمرت الطاعة والاتباع. وأضاف قائلاً: ان من حقوقه صلى الله عليه وسلم تعظيمه وتعظيم أمره وتوقيره، وعدم التقدم بين يديه، وعدم رفع الصوت فوق صوته، ونصرته وهو من المسلمات، ومما اجمع عليه المسلمون ان نصرة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة في حياته، وبعد مماته، ويشمل نصر دينه وسنته والدفاع عنه وعن سنته، وكذلك حفظه في قرابته وأزواجه وأهل بيته الذين أكرمهم الله تعالى، واذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وكذلك توقير صحابته رضي الله عنهم ومحبتهم والثناء عليهم، وكذلك الصلاة والسلام عليه، وهي دعاء ورحمة وثناء وتشريف، وهي واجبة في الجملة ومستحبة ومرغب فيها في كل وقت، ويتأكد ذلك في الصلاة والدعاء وعند دخول المسجد وبعد الآذان، وفي يوم الجمعة وعند ذكره صلى الله عليه وسلم. وقال: إن الله عز وجل اختص النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة والمحبة والاصطفاء وسائر الكرامات والفضائل، لما له من منزلة عظيمة ومسؤولية جسيمة التي خلقه الله تعالى لها، ألا وهي الرسالة والبلاغ عن رب العالمين فهو صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله لا إلى نفسه، ومن هذا المنطلق جعل الله لنفسه على الأمة حقوقاً يجب القيام بها، ومقصد جميع هذه الحقوق هو تحقيق العبادة لله رب العالمين وحده لا شريك له.