يقف عبدالله إدريس عمر حائراً بعدما تطورت حال ابنه البكر"خالد"، والبالغ من العمر ثلاثة أشهر، والمصاب بمرض الاستسقاء. ويقول"أخبرني الأطباء بعد ولادة ابني مباشرة بإصابته بمرض الاستسقاء، وحاجته إلى عملية زرع أنبوب تصريف السائل النخاعي، وبعد إجراء العملية بشهر حدث انسداد في الأنبوب، وتطورت حاله إلى التهاب في المخ وحمي شوكية"، مؤكداً أن المستشفى طالبه بمبلغ كبير يقارب 20 ألف ريال، لإجراء عملية لاستخراج السائل، على رغم أن الخطأ يقع على الطبيب المعالج. وليس عبدالله الوحيد الذي يعاني من ارتفاع تكاليف علاج مرض الاستسقاء، الذي تشير بعض الإحصاءات إلى إصابة 1.3 من الألف من الأطفال حديثي الولادة بهذا المرض، والناجم في كثير من الأحيان عن الإصابة بالتهاب السحايا، ويشير والد الطفلة أمة السلام محمد"17 شهراً"، التي تعاني من المرض ذاته، إلى ارتفاع تكاليف العلاج، موضحاً أن هذا الأمر تسبب في تدهور حال الطفلة. ومرض الاستسقاء من الأمراض التي تصيب الأطفال في سن مبكرة، منهم من يصاب به قبل الولادة، وتحديداً في الأسبوع الثاني عشر من تاريخ الحمل، ولكن اكتشاف المرض يتأخر إذ يتم تشخصيه عبر الأشعة الصوتية في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل. ويقول استشاري جراحة الأطفال والأستاذ المشارك في كلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة الريس في حديث ل"الحياة": إن خطورة المرض ناجمة عن تأخر علاجه، إذ أن نسبة العلاج تتوقف على تركيب الجهاز المصرف لسائل النخاع. ويؤكد أنه لا توجد إحصاءات عن مرض الاستسقاء في السعودية، مستدركاً"لدينا إحصاءات عن مرض الالتهاب السحائي السبب الرئيس في ظهور المرض عند الأطفال. ويستطرد:"أكدت دراسة أجريت في جامعة الملك عبدالعزيز وجود 1.3 في الألف لكل طفل حديث الولادة، وهذه النسبة قابلة للزيادة في بعض العوائل بسبب عامل الوراثة". وعن الأسباب الرئيسة في حدوث المرض يقول الريس"غالبية أسباب حدوث مرض الاستسقاء غير معروفة، ولكن هنالك حالات تكون الإصابة بهذا المرض مكتسبة نتيجة لإصابة الأم بالتهابات فيروسية أثناء الحمل منها الحصبة الألمانية، أو تعرضها للإصابات بطفيليات في الجهاز الهضمي، إذ تنتقل تلك الالتهابات للطفل". ويتابع:"كما تكثر الإصابة بمرض الاستسقاء نتيجة لعامل الوراثة، وفي الغالب تكون نتيجة لعيوب خلقية، أو أورام سرطانية، تعمل على زيادة إفراز السائل المخي النخامي، وهذان العاملان هما السبب بنسبة اثنين في المئة في المصابين باستسقاء الدماغ، في حين تبلغ 50 في المئة من نسبة المصابين بالمرض نتيجة للإصابة بالالتهاب السحائي"، مشيراً إلى أن مرض الاستسقاء من الأمراض التي يتم اكتشافها باكراً، خصوصاً في حالات إصابة الطفل قبل الولادة، إذ يتم اكتشاف المرض بالأشعة الصوتية في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، أي بعد مرور 20 أسبوعاً على الحمل، وفي الغالب يصاب به الجنين في الأسبوع 12 من تاريخ الحمل. وعن كيفية العلاج من المرض يقول الريس:"يمكن البدء في علاج المرض أثناء الحمل، وذلك بزرع أنبوب تفريغ للسائل من داخل الحافظات للسائل الجنيني، ولكن غالباً لا يتم العلاج في هذه الفترة، خصوصاً أن النتائج تلك الجراحات كانت سلبية، إذ ينتج عنها ضمور للدماغ". ولفت الريس إلى أن انسداد الأنبوب، كما في حال الطفل خالد، لا يعتبر خطأً طبياً، خصوصاً أن عملية زراعة الأنبوب من المتوقع أن تحدث مضاعفات. وعن خطورة مضاعفات المرض يقول الريس:"خطورة المرض ومضاعفاته بحسب عمر الطفل، ففي حال إصابة الطفل به بعد سن السنة والنصف، أي بعد التحام عظام الرأس يكون أكثر خطورة وينتج عنه زيادة في ضغط الدماغ ومن مضاعفاته حدوث وفاة". أعراض المرض .. وأسباب حدوث الإعاقة ومن أعراض الاستسقاء كما حددها الريس، صداع شديد، وتقيؤ وزغللة في العين وعدم القدرة على الرؤية بوضوح. أما في حال إصابة الطفل به قبل عمر السنة والنصف، فخطورة المرض تكون في زيادة حجم الرأس. وأكد الريس أن نسبة العلاج من المرض كبيرة، خصوصاً في مراحله الأولى، وذلك بواسطة تركيب الجهاز"الأنبوب المصرف للسائل"ويستطيع الطفل الحياة بشكل طبيعي. واستدرك قائلاً:"ولكن هنالك حالات من مرض الاستسقاء مصحوبة بإعاقة عقلية وإعاقة للطفل، وفي الغالب تكون الإعاقة ناجمة من الالتهاب السحائي، إذ أن تطور المرض يصيب الطفل بالاستسقاء وكذلك الحصبة الألمانية، وهذه الالتهابات تؤثر على الدماغ بشكل مباشر، وفي الغالب يصاحبها حالات تخلف وإعاقة شديدة. ومن أسباب حدوث الإعاقة في الأطفال المصابين بمرض الاستسقاء، يقول الريس:"كذلك عدم السرعة في إجراء اى جراحة أولية، أو حالات انسداد الأنبوب، إذ أن التأخر في العلاج يسهم في كبر حجم الدماغ عن الطبيعي".