الصفحة: 33 - آداب وفنون ماذا يمكن لرابطة الأدباء السعوديين، التي يتم درس وضعها في أروقة مجلس الشورى منذ مدة، أن تقدم للساحة الثقافية وللمثقفين في شكل عام؟، وإلى أي مدى يمكن لهذه الرابطة، في حال إقرارها، أن تختلف في آلياتها، وفي طبيعة مناشطها عما ظلت الأندية الأدبية تقدمه طوال عقود؟، وهل المشكلة في المؤسسات الثقافية أم في المجتمع وفي العادات والتقاليد، وفي القرار الرسمي؟. مهما يكن من أمر فإن عدداً كبيراً من المثقفين يترقبون ولادة هذه الرابطة، وعما ستفصح عنه من هوية ثقافية، آملين أن تكون المسافة بينها وبين المؤسسات الثقافية القائمة واسعة. لكن هناك من يرى أن هذه الرابطة لن تكون سوى عبء ثقافي آخر، وصورة عن الأندية الأدبية، وبالتالي لن ينجم عنها أي نشاطات جديدة. على رغم أن هناك من اعتبر، وجود مؤسسات ثقافية مختلفة الهويات ومتعددة المناشط، حتى وإن لم تكن في المستوى المأمول، شيئاً إيجابياً، يعزز من مسألة التنافس بين هذه المؤسسات، ويجعل الهامش الثقافي واسعاً ومتنوعاً نوعاً ما. هنا شهادات لبعض المثقفين حول رابطة الأدباء. عبدالله الزيد: الساحة الأدبية مرتع للمتردية والنطيحة! من دون شك فإننا نرحب ونحتفل ونبتهج بأي تكوين، يلم شتات الأدب والأدباء لدينا، ويؤكد مشروعية وجودهم، وينظم شؤونهم وشجونهم، ويتولى قضاياهم، ويُظهر قانونية مطالباتهم، ويدافع عنهم، ويتبنى آمالهم وطموحاتهم، ويمنحهم قبل ذلك كله وبعده الشعور الرضيَّ بالانتماء. ثم نحن في حاجة ماسة شديدة إلى غربلة الواقع الأدبي، خصوصاً ما يتعلق بالحقيقة الإبداعية وبحقيقة المبدع. لقد أمست الساحة الأدبية - ويا للأسف - مرتاداً سهلاً للمتردية والنطيحة ولتجريب الحظ. فيكفي مثلاً أن تقدم عملاً رديئاً تحت اسم رواية، فيسجل اسمك بكل السهولة في قائمة الروائيين، كما يمكن في الوقت ذاته، وأنت صحافي عادي أو كاتب قصة لا تجيد سواها، يكفي أن تنشر نصوصاً باهتة مفرغة مدعياً أنها شعر ليوضع اسمك، وبالسهولة ذاتها، ضمن قائمة الشعراء! وهكذا. فأين المرجعية في ذلك؟ وأين جهة الفصل وقول الحق؟، وأين من يستطيع أن يقوّم ويحكم؟ ستقول: إن ذلك كله صحيح، ومتفق عليه، ولا يختلف فيه اثنان، وسأسرع وأوافق على ذلك، ولكن لدي سؤالاً أتمنى الإجابة عنه في قابل الأيام: هل نحن، أدباً ومجتمعاً وبيئة، مهيأون +ومستعدون لاستيعاب مثل هذه الإنجازات التقدمية؟... ذلك ما يؤرقني فعلاً. حسن الهويمل: مؤسسات المجتمع المدني أحب أن أقول إن الزمن زمن مؤسسات، وأن المجتمع المدني لا يقوم على سُوقه ويستوي إلا باستكمال نظامة المؤسساتي، وإنشاء الروابط والنقابات والهيئات ضرورة ملحة، وواجب وطني، والدولة سباقة إلى مثل ذلك، ولكن لا بد من لوائح وأنظمة وآليات حضارية، تمكن المنشأة من ممارسة مهماتها بأسلوب حضاري، وإنشاء رابطة للأدباء ضرورة ملحة وليس بينها وبين الأندية أي تعارض، فالأندية تنفيذية والروابط تشريعية، ومهمات الروابط تختلف عن مهمة المؤسسات الثقافية، وفي الدول روابط وهيئات ونقابات وفيها مؤسسات ثقافية، تمارس مهماتها والتوقعات مرتبطة بالعاملين، وبالأنظمة واللوائح ومدى ملاءمتها لمتطلبات المرحلة، ووصيتي لمن يتولى شأن هذه المؤسسات أن يكون مدركاً لمهماتها، متمكناً من هذه المهمات، فاعلاً بمرونة وبروح جماعية. ولا بد لإنجاح هذه الروابط والمؤسسات من تفعيلها ودعمها مادياً ومعنوياً من السلطة. محمد العثيم: الرابطة لن تحقق أي جديد في عالم الثقافة أعتقد أن كلمة رابطة هي تجمع ثقافي لتداول الثقافة، ولن تحقق أي جديد في عالم الثقافة، لأن الثقافة أوسع من الأدب، نعم ستحقق تجمعاً للتعارف وتبادل الكتب في ما بين المؤلفين، لكن الأفضل من هذا أن تحمل اسم اتحاد كتاب، ونبدأ بالمصطلح الصحيح، وعليها أن تفتح صندوقا للكتّاب، وأن تطالب بالدفاع عن المؤلفين ضد الرقابة، وأن تكون لها استقلاليتها عن المؤسسة الحكومية، لأن الحاصل في عالمنا العربي أن الثقافة مؤسسة حكومية تقبل من تشاء وتقصي من تشاء، لكنك في الاتحاد تستطيع أن تسجل فور أن يكون لديك إنتاج أدبي، ولو أن الاتحادات هي الأخرى أثرها قليل في العالم العربي، وغالبا ما تدار في داخل الحزب الحاكم، بخلاف ما هي عليه في الغرب، الذي تستقل اتحاداته وتكون مسؤولة عن أعضائها... قابلية الفساد الإداري واردة، لكن لتلافي ذلك يجب أن تكون هذه الرابطة مؤسسة ديموقراطية وليس لها رؤساء دائمون، لأنها ستكون حينئذ أقل عرضة للفساد، ولن تكون كالأندية الأدبية، خصوصا وهي مؤسسة اجتماعية وليست إدارة رسمية... وبالنسبة لي سأكون عضواً وسأشارك بحيوية داخل الاتحاد، لأضع إضافة للثقافة، ويبقى أنه إذا أصبحت الرابطة ديموقراطية فسأرشح نفسي لتولي إدارتها. حجاب الحازمي: لن أرشّح نفسي حتى لو كانت الرابطة ديموقراطية مطلب الرابطة أو اتحاد الكتاب، هو مطلب قديم حديث، ليس مطلباً جديداً. والفرق بين رابطة الأدباء والمؤسسات الأخرى، ماثلٌ في أن الرابطة تتماشى مع النادي الأدبي ولا تتقاطع معه، ومؤدّاها مكمّل لمؤدّى الأندية وجمعيات الثقافة، ولذلك من المتاح أن يتولّى عضويّتها من هو عضو في تلك الأندية، والجمعيات نفسها ليست مؤسسات حكومية مئة في المئة، على رغم أنّ الحكومة ترعاها وتدعمها وتؤسس لها، ودليل ذلك ما نراه من اختلاف طابع النادي في كل منطقة عن المنطقة الأخرى، بحسب الاحتياج والاهتمامات الثقافية في المنطقة التي يرعاها النادي. ولو أنها كانت مؤسسات حكومية مئة في المئة لتشابهت مشاربها، ولتوحدت طريقتها في العمل، ثم إن دور الرابطة أو اتّحاد الكتّاب يتعدى إلى ما هو أشمل وأعمّ. فالمأمول من الرابطة المقبلة أن تتواصل مع اتحادات الكتاب في العالم العربي واتحادات الكتاب في العالم، وذلك ما ليس متاحاً الآن في الأندية والجمعيات، وبالنسبة للترشح في الرابطة، فإنني لن أرشح نفسي، حتى لو كانت الرابطة ديموقراطيّة، وذلك لأنني أريد إتاحة الفرصة لتجديد الدماء، خصوصاً وقد بذلنا بعض الجهود التي نأمل أن تكون آتت أكلها في خدمة الفكر والأدب والثقافة في بلادنا. الدويحي: مطلب الرابطة قديم جداً أبدي أولا تحفظي على كون فكرة تأسيس الرابطة للمجموعة الذين استقبل مجلس الشورى مطالبهم، إن مطلب الرابطة قديم جداً، وقد ظهر قبل 50 عاماً في جريدة"أم القرى"، ولذا فلا أحد يدعي شرف طلب هذا الحق. لقد قمت ومجموعة من الزملاء، ومنهم حسن النعمي، وحسين علي حسين، وإبراهيم الناصر، والدكتور منصور الحازمي، والدكتور إبراهيم العواجي، والدكتور سلطان القحطاني وآخرون من جماعة السرد، بتقديم هذا الطلب، وبعد ذلك قدّم محمد المنصور الشقحاء مطالبه هو وآخرون، في الصحافة وفي الإعلام المرئي، وفرزت وزارة الثقافة هذه المطالبات كلها واعتمدت منها تلك الأسماء التي قدمتها لمجلس الشورى. عموماً أنا متفائل بالموافقة على الرابطة من مجلس الشورى، ومتفائل بأن أعضاء الرابطة لن يكونوا منغلقين، وسيكون شرف حماية الكلمة هو السقف الذي يصون لهذه المهنة النبيلة شرفها وحريتها ومصداقيتها، وبالنسبة للترشيحات فإنني لن أرشح نفسي، لكنني سوف أرشح عابد خزندار للرئاسة. أحمد اللهيب: الرابطة والأسماء المستهلكة إن الحراك الثقافي في هذه الآونة يظل ثائراً، يخفي خلفه تغيراتٍ كثيرة جديرة بالتأمل، غير أنّ الوسط الثقافي يدّاركه العجز عن الإطاحة بالأسماء المنمقة بعبير الدال من دون طرحها ضمن أي منظومة ثقافية جديدة، وما يصدق وهذا ما يجري مع رابطة الأدباء التي دعا إليها مجموعة من المثقفين والكتاب حرصاً منهم على استباق العمر، الذي يكاد يمضي من دون الأخذ باعتبارهم في هذا الوسط المليء بالأسماء ذات المرتكز الوصولي. إن هذه الرابطة تأتي مثل غيرها من المراكز الثقافية"الأندية الأدبية - الجمعيات الثقافية..."فهي تبحث عن أسماء مستهلكة، لتنمق بها واجهتها الإعلامية بكلمتي"دكتور ? وبروفيسور"، ملغية أي تحديث بإيجاد أسماء بديلة ليس شرطاً أن يكون لها حضورها الإعلامي أو وهجها. كما يقال، بقدر ما يكون لديها ذلك البعد التجديدي والإبداعي الذي يمكن من خلاله فتح المجال لتيارات مختلفة وأطياف متنوعة، جديرة بتقديم تجارب جديدة. إن من يقرأ الأسماء المدرجة في رابطة الأدباء يعي جيداً المثل المشهور"ما في به البلد إلا ها الولد". جبير المليحان: الرابطة وآفاق العالمية هناك فرق كبير بين الرابطة - الاتحاد - الجمعية الأدبية وبين"النادي الأدبي"، من حيث الهدف من إنشائها، وطبيعة عملها ونظامها. فالرابطة تأخذ الطابع المهني، أي أنها تجمّع منظم يدافع عن مصالح فئة محددة ومعروفة، فكل من انتسب إلى هذه الفئة فإن له الحق في عضوية هذه الرابطة، والاستفادة من خدماتها ودعمها. هناك تصنيفات للتجمعات العمالية والمنهية، تبدأ من جماعة وجمعية ورابطة ونقابة واتحاد، وإذا نظرنا إلى الدور الذي تقوم به مثل هذه التجمعات في بلدان العالم، نجد أن بعضها من دون دور. فبعض الدول تلجأ لإنشاء"لجان - جماعات - جمعيات ? روابط..."بهدف إعلامي وللتخلص من المطالبات المهنية الداخلية، والضغوط الخارجية. غير أن هذه"المؤسسات المدنية"المصطنعة تولد شبه ميتة، وتبقى اسماً من دون مضمون. إنها مجهضة منذ البداية، إذ أسست ونشأت بقرار سلطوي، لهدف معروف، لكننا سنجد الكثير من الروابط والجمعيات والنقابات والاتحادات تأخذ دوراً مهماً في المؤسسات المدنية في مجتمعاتها. بل إن بعضها يتعدى ما يقوم به من دور مهني، ليكون قائداً في الحياة الاقتصادية والسياسية في بلده. إن وجود رابطة للأدباء السعوديين مهم للغاية. فهي إضافة إلى رعاية مصالحهم، وتهيئة السبل الجيدة لنشر إبداعهم وتوزيعه في الداخل والخارج. ستكون جسراً للأخوة والصداقة مع الروابط الشقيقة والصديقة في العالم القريب والبعيد، مما يتيح لمنجزنا الإبداعي الثقافي أن يتجاوز حدوده المحلية والإقليمية إلى آفاق أرحب.