رضا المستفيدين بالشرقية استمرار قياس أثر تجويد خدمات "المنافذ الحدودية"    سلمان بن سلطان يدشن "بوابة المدينة" ويستقبل قنصل الهند    دفعة قوية للمشاريع التنموية: نائب أمير الشرقية يفتتح مبنى بلدية القطيف    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير القادم    افتتاح إسعاف «مربة» في تهامة عسير    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    الطفلة اعتزاز حفظها الله    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية في حوار حول العنف وإصلاح المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي والوضع في العراق . اللحيدان ل "الحياة": السعودية مستهدفة لأنها "واحة خضراء" في أرض غبراء
نشر في الحياة يوم 26 - 03 - 2006

رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية الشيخ صالح بن محمد اللحيدان. اسم ارتبط بثلاث مؤسسات دينية رئيسية في البلاد، بوصفه عضواً مؤثراً في هيئة كبار العلماء، ورئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، ثم مدافعاً بصرامة شديدة عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ارتبط اللحيدان بالمؤسسة الدينية منذ وقت باكر، عندما كان مديراً لمكتب مفتي السعودية الراحل محمد بن إبراهيم آل الشيخ، فقاضياً، ثم رئيساً للمحكمة الكبرى في الرياض، ورئيساً في ما بعد للمجلس الأعلى للقضاء، وعضواً في هيئة كبار العلماء.
في حواره مع"الحياة"، أعرب اللحيدان عن أسفه لما آلت إليه حال العراق بعد الغزو الأميركي، فيما رأى محاكمة رئيس العراق المخلوع الجارية فصولها هذه الأيام، شمّتت الأعداء بصدام وبالعرب.
وتعرض للأحداث الإرهابية التي شهدتها السعودية منذ ثلاثة أعوام، واعتبرها حلقة في سياق محاولات سابقة يائسة من الأعداء، للنيل من المملكة"المحسودة على عقيدتها ورخائها وتمسكها بالأخلاق". ومع أن اللحيدان فضل ترك القضايا ذات العلاقة بهيئة كبار العلماء لمفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ، إلا أنه أقر بأن الهيئة في اجتماعها الأخير لم تناقش قيادة المرأة السيارة، بعد ما أثير جدل اجتماعي وشرعي حولها أخيراً.
وعلق اللحيدان على قضايا مثل: مميزات جديدة للقضاة في بلاده، وحالات نادرة جرى فيها اتخاذ إجراءات الفصل ضد القضاة، ومواقف له مع الملك فيصل والملك فهد رحمهما الله، وقضايا أخرى. وهنا حوار معه:
بعد ثلاثة أعوام من تصاعد أعمال العنف في السعودية، كيف تقوّم دور العلماء والدعاة في إلحاق الهزيمة بالإرهابيين فكرياً؟
- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصحابته ومن اهتدى بهداهم واستن بسنتهم، أما بعد... المملكة محسودة على ما هي فيه من خير وعناية بالعقيدة وتمسك بالأخلاق، وهي بحمد الله أشبه ما تكون بواحة خضراء في بقعة واسعة غبراء، وهذا فضل من الله على هذه البلاد، وثمرة التمسك بالعقيدة الصافية وتحكيم الشريعة في الأموال والدماء وغيرها.
ومنذ أن تسلم آل سعود الحكم في عهد الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، وحليفه المدافع عن العقيدة والحامي لحماها الإمام محمد بن سعود، رحمهما الله ورحم من سار على نهجهما وبارك لنا في ذرياتهم، وهذه الدولة تميزت بنبذ الشرك بمختلف صوره وأشكاله، فصار مكانها في البلدان الإسلامية مكان أهل العقيدة الصافية، وأما الأخلاق فقد كان الناس على قدر كبير من الالتزام بها في كل بلاد العالم الإسلامي، لأن الفجوة لم تكن اتسعت، ولأن الاختلاط بغير المسلمين لم يكن على قدر كبير، فلم تهدم الأخلاق ولم تهاجم القيم.
هذه البلاد منذ قيام تلك الدعوة المباركة، التي ردد صداها بالقبول والاستحسان علماء الحديث في الهند وعلماء العقيدة الصافية في المغرب الأقصى، والتميز ملازم لها، ومن طبيعة أي تفرد أن يكثر اللامزون والهامزون له في كل وقت وحين.
وفي هذا العصر، في أواخر القرن الرابع عشر الهجري، بقيت المملكة أيضاً لم تتأثر بالعواصف الهوجاء التي عصفت بأنحاء من العالم الإسلامي، وبقيت ممسكة بحبل الصراط المستقيم، وسائرة على منهج السلف، حكامها يصدق فيهم قول زهير بن أبي سلمي:
وما كان من فضل أتوه فإنما/ توارثه آباء آبائهم قبل. تمسكا وثباتاً وإعلاناً للمواقف، وأعوانهم من العلماء والقضاة والمدرسين يلتفون حولهم، لكن ذلك لم يحل دون تعرضها لألوان من الإرهابيات والاعتداءات.
فبلادنا، إذاً، من الدول التي تعرضت للاعتداء، غير أن أحداث الاعتداء الأولى جاءت من غير أبنائها، وعولج ذلك بعقوبات شرعية كانت بفضل الله حاسمة للشر، فانكمش وانقمع دعاة الإرهاب والاعتداء، واستمرت الدولة تسير سيرتها، إلا أن ذلك ضايق الشرق والغرب، فأرادوا أن يكيدوا للملكة، خصوصاً في ما يتلقى من بعض الشذاذ من بعض الغرب باحتفاء، إلى أن جاء الاعتداء على الكويت فكان ما سبقه مقدمات له، فوقفت المملكة الوقفة التي يقتضيها إسلامها ووفاؤها واهتمامها بالجار بالدفاع عنه.
ركبوا مطايا الخطأ!
كانت النتيجة أن دحر الغزاة وانقمع الشر، فترتب على ذلك ما ترتب من غيظ بعض مرضى القلوب، وما حصل من اختلاط بالأفغان في أيام مناصرتهم ضد الاحتلال الروسي، الذي كانت تدعمه كثير من دول الغرب، لا دفاعاً عن الإسلام ولكن بغضاً للعدو المنافس، فكان الذاهب إلى هناك يلتقي أناساً على عقيدة صافية لا ضرر منهم، وآخرين على النقيض، فتأثر بعض الشباب ببعض الأفكار المنحرفة، خصوصاً ذات البعد الثوري منها، نظراً إلى حداثة السن والفتوة، ومعلوم أن الشباب لقلة التجارب قد لا يحسبون الحساب الدقيق لكل تصرف، ثم رأوا ما رأوا هناك وعرفوا ما عرفوا من المقاصد، فارتكبوا وركبوا مطايا الخطأ، وفي زعمهم أنهم يريدون خيراً.
الحوادث التي بدأت قبل ثلاثة أعوام تعد امتداداً لما سبق من الاعتداء على المملكة وعلى تدينها، وإن كان زج فيها بأناس ظاهرهم التدين، ولكن قد لا تكون لهم النظرة العميقة، ولا البصيرة النافذة لمعرفة ما وراء الحجب، فجروا بسبب ذلك، هم وبعض من عاشوا في المملكة من غير أهلها، ممن كانوا مضطهدين في بلادهم وآوتهم المملكة، الكروب والنكبات.
والمملكة من عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، أخذت على عاتقها إكرام من يفد إليها والإحسان إليه، بل عاملت البعض كمعاملتها خاصة أبنائها، لأن الغريب له حق غربته، وبعضهم أوفياء وبعضهم دون ذلك، وبعضهم لا يفكر في وفاء، فأثروا في كثير من الشباب.
أتانا الشر ممن أحسنا إليه!
وكل الأعمال المنحرفة التي حدثت في الرياض أخيراً، وفي غيرها من مدن المملكة، أعمال شريرة لا يمكن أن تقبل بأي ميزان، ولكن إرادة الله نافذة، ويقول سبحانه: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون... فهذه من الفتن، غير أننا نشعر أن الأمر قد انجلى، وتكشفت النوايا وافتضحت، وأوشك أن ينحسر الأمر بحيث لا يسمع عن أي واقعة تكون بإذن الله.
الحكومة مهتمة وجادة في دحر الضالين، والحق أن كثيراً مما ينال المملكة من الشر يأتي من بعض من أحسنت إليهم، وقديماً قال المثل العربي:"اتق شر من أحسنت إليه". هذا كلام مجمل عمّا يتعلق بما سبق الأحداث قليلاً أو دار حولها، والعاقل يتعجب: كيف تحصل هذه الأعمال من أبناء البلاد الذين نشأوا هم وآباؤهم وتربوا على هذه الأرض، وأطعموا من خيراتها، وتعلموا في مدارسها، حتى حاز بعضهم الشهادات العالية، وهم حتى اليوم في رغد من الأمن والعيش بفضل الله جل وعلا، لكن الشيطان وأعوانه جادون، وكما يقال:"الغمرات ثم ينجلين بحول الله".
التساؤل الذي أذهل الكثيرين: من أقنع شباباً يعيشون رغداً في بلادهم بأن يسعوا فيها بالفساد... في ظل وجود علماء ثقات؟!
- غواية هؤلاء ليست أمراً غريباً، فإن القرون الأول والثاني والثالث الهجري برزت فيها المذاهب الخطيرة على الإسلام، وأولها مذهب القدرية الذين حقيقة أمر مذهبهم تجهيل الله جل وعلا، بزعمهم أن الأمور التي تقع في الكون خارجة عن علمه سبحانه وتعالى، ويقولون إن الأمر أنف. فهذا إذاً ليس بغريب. مذاهب الباطنية والجهمية والمعتزلة وجدت في القرون المفضلة.
وهذا من رحمة الله، أن ظهرت هذه المبادئ الهدامة في عصر يوجد فيه العلماء الربانيون لفضحها وفضح أصحابها، الباطنية كانت موجودة في القرن الرابع، عندما تأسست ما بين الجزائر وتونس، فلما لم تجد لها قراراً، انتقلت إلى مصر وسعت في نشر مذهبها الباطل، الذي يقول العلماء الربانيون إن منتهاه الكفر المحض. ولكن هذا كله من فضل الله علينا، أن كل مبدأ سيئ أو مذهب مظلم أو فكر إلحادي، يأتي في عهد يوجد فيه من يتصدى له من العلماء الثقات.
وكلما عزّ جانب الباطل أوجد الله علماء ربانيين يكشفون خلايا الباطل ويفضحونه، فيأنس أهل الحق بهم، فالحمد لله على كل حال.
بعد أحداث أيلول سبتمبر ترددت المطالبات بإصلاح المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي... هل ترى المؤسسة الدينية في السعودية استجابت أو خضعت لذلك ؟
- يقول الله: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، ونحن لا نستغرب هذا. هم يريدون أن يلصقوا كل أمر لا يرضونه بالدين، وهم معذورون من جانب آخر، فالشيوعية عندما انفضحت لأنها غير صالحة للدوام، بات الإسلام هو المنافس الحقيقي لمن ليس على الإسلام، فكون هؤلاء يتوجهون للمملكة لأنها قلب الإسلام النابض، وفيها ملتقى علماء العالم الإسلامي في كل عام في مكة، ويحصل التقاء على هامش ذلك والتقاء في المدينة بالخصوص، فذلك لأنهم إذا أمكنهم إذلالها - لا قدر الله - أو التنفير منها، أو إقناع الرعاع في الغرب بأن المملكة فيها وفيها، فالبقية تبع، لأن قادة الباطل وأئمته تبع لهم من كان دون ذلك.
بينما المملكة عرفت ولله الحمد - كما هو مقتضى دين الإسلام - بأنها تحب الإحسان إلى كل البلدان، والله يقول عن الإسلام وأمته: كنتم خير أمة أخرجت للناس، والمملكة ينبغي أن تكون هكذا، كما أن الأمة الإسلامية يجب أن تكون كذلك أيضاً.
الغرب رمانا بدائه وذهب!
وماذا عن إصلاح المؤسسات الدينية؟
بالنسبة إلى المؤسسات الدينية، فإن بلادنا على منهج قويم، نحن درسنا، والطبقة التي أنا منها والتي قبلي وبعدي، درست على المنهج القديم، ولم يكن المنهج في حد ذاته داعياً للانحراف، ولا وسيلة إفساد وتخريب. المناهج التي عندنا لا شك في أنها تربي في المسلم الولاء لدينه وإخوانه، وأن يكون حريصاً على هداية غيرهم، ولهذا يقول النبي لعلي:"لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم". ولما قتل أسامة رجلاً شهد أن لا إله إلا الله، شدد عليه النبي، فقال أسامة:"وددت أنني لم أسلم قبل يومئذ".
الإسلام في تربيته لأبنائه في حال الحرب، يدعوهم ألا يقتلوا وليداً أو طفلاً - وهذه الطائرات تقتل الأطفال وتهدم البيوت على من فيها - ولا تقتلوا شيخاً هرماً ولا متعبداً في صومعته. هذا منهج الإسلام، والمملكة على هذا المنهج بحمد الله. الإسلام لا يربي على العدوان.
الجهاد الذي ينفر منه الغرب ليس جهاداً للقتل، ولكن لإخلاص العبادة لله جل وعلا، ولمنع من يعارض بيان أن الخلق عبيد الله، ما قاتل المسلمون إلا ليعبد الله وحده، وليس من أجل النفط أو جمع الثروة، أما الإلصاق بنا فيصدق عليه قول القديم:"رمتنا بدائها وانسلت".
قبل أيام اجتمعتم كأعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية... ماذا بحثتم من القضايا المهمة؟
- أترك الإجابة على هذا السؤال لرئيس الهيئة سماحة المفتي، أو لفضيلة أمينها العام.
الهيئة لم تبحث قيادة المرأة السيارة
ولكن هناك مسألة أثير الجدل حولها، وهي قيادة المرأة السيارة، لماذا لم تبحثوها في اجتماعكم الأخير؟
- الهيئة لا تبحث كل ما دق وجل، وقيادة المرأة السيارة سبق أن تحدث عنها وزير الداخلية، وأكد أنها لا تكون، والمملكة بصيانتها المرأة من الابتذال والتعرض للأخطار، درجت على أن قيادة السيارة خاصة بالرجال، ثم لو فرض أن المرأة تقود سيارتها فستحتاج إلى سائق، إنما الذين يتحدثون عن قيادتها قد لا يتصورون ما في ذلك من الضرر، أو يريدون أن يتحدث عنهم بأن لديهم من الشجاعة ما يؤهلهم للمطالبة بما لم يألفه المجتمع!
انشغلت الصحافة السعودية في الآونة الأخيرة بخلاف وصل إلى القضاء، بين قاض وأعضاء في"هيئة الأمر بالمعروف"، ما اعتبر انتهاء توافق استمر طويلاً بين الجهتين الدينيتين؟َ!
- الحمد لله، ليس هناك تنافر ولا تنافس. الحق يقال أن القضاة أنصار لرجال الحسبة، وأن رجال الهيئات من أحباب القضاة، وإذا فرض أن قضية ما وجدت بين قاض وأعضاء في الهيئة، فلا يدل ذلك على أن هناك تفككاً، والأصل أن الشاذ لا حكم له.
منذ حين والحديث عن التعاون بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى يدور حوله نقاش، هل بالفعل هناك ازدواجية بين الجهازين؟
- أولاً، نظام القضاء المطبوع مبينة فيه صلاحية الوزير وصلاحية المجلس، ولم يحصل أن المجلس تدخل في عمل الوزير، ولا العكس أيضاً حدث، فلا يتصور أن يكون هناك تنازع صلاحيات أو ازدواجية. الوزير لا يملك عزل أي قاض، كما أن المجلس لا يملك حتى عزل موظف صغير في مجلس القضاء نفسه. الأعمال الإدارية كلها لدى الوزارة، بما في ذلك إجازات القضاة، ولا يتدخل المجلس في شيء من ذلك، وما يقال إنما يصدر من جانب من لا يطلع على الأمور، أو لا يهتم بصحة أو كذب ما يقول.
وما ذا عن تعيين وترقية القضاة، إذ قيل أيضاً إنهما يخضعان لرأي فضيلتكم بالدرجة الأولى، ومن دون معايير واضحة؟
- من حين يعين القاضي من ملازم، إلى أن يصل إلى مرتبة رئيس ألف، وهي في نهايتها تصل إلى المرتبة الممتازة، إلى هذه الدرجة يحكمها نظام دقيق، كأن يمضي كذا وكذا من السنوات في المرتبة، وإذا كان هناك أكثر من شخص مستحق، فإن التفضيل يتم بالقرعة، والقرعة منهج ترجيحي شرعي، وأكثر القضاة الذين تخرجوا منذ خمسة عشر عاماً فما فوق، وصلوا إلى درجة رئيس ألف، قريباً من المرتبة الممتازة، التي لا يصلها إلا أناس معدودون خارج جهاز القضاء.
ولا يتفوق عليهم الحاصلون على المرتبة الممتازة بشيء عدا السيارة، مع أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، قبل سنوات عدة قال إنه مهتم بأن يكون لدى كل قاض يتولى القضاء فعلياً سيارة بسائقها، حتى تهيأ لهم أسباب الراحة والوصول من دون حرج، ومع تفهمنا لظروف الموازنة، إلا أن ما وعد به الملك حري بأن يقع في أقرب فرصة.
القضاة كسائر الناس في ما يتعلق بالنزاهة ونقيضها، هل هناك آلية دقيقة لمحاسبتهم على أخطائهم؟
- الحمد لله، القضاة في بلادنا على قدر كبير من العفة والأمانة، وإذا فرض أن بين ثمانمئة واحداً أو اثنين غير سويين، فهذا لا يعد ظاهرة سوء. وهناك قلة حدثت منهم بعض التجاوزات، إما عن غفلة منهم أو بتصرف بعض أعوانهم، وقد جرى إبعاد بعض القضاة بالفعل لأمر يتعلق بالأمانة.
قيل إنكم هذا العام أصدرتم قراراً بفصل نحو أربعة... هل هذا صحيح؟
- أنا لا أصدر إعفاء لأحد، مجلس القضاء مكون من أحد عشر شخصاً، ولا يحصل اقتراح لإعفاء أحد إلا بعد التأكد من ضرورة ذلك، كأن يحصل منه تجاوز لقصد سيئ، أو لعدم تقدير الأمور، فيستغنى عنه... إما بفقد الثقة والاعتبار ولا تكون إلا لمن ارتكب خيانة، أو بتقصير يخل بصلاحيته للقضاء.
تساءل أحد القضاة في مقالة نشرتها إحدى الصحف، عن سبب حرمان القضاة من التظلم إذا جرى اتخاذ قرار ضدهم... كيف ذلك؟
- على كل حال، الشخص الذي كتب ما نشر في إحدى الصحف معروف، وكان قاضياً في الأحساء ثم نقل إلى حائل، ثم استعيد تقديراً لظروف شرحها، وسُهل أمره للعمل في الرياض، ليس في القضاء وإنما في وزارة العدل، وكون القضاة لا يسمح لهم بالتظلم، فلأنه لا يعين قاض ولا يحال للتقاعد قبل سنّه أو يفصل إلا بأمر ملكي، وعندما ترفع المعاملة للملك فلا بد من أن تفحص، وقبل ذلك لا يعقل أن يجمع أعضاء المجلس ال 11على ظلم شخص لهوى في نفوسهم جميعاً، وأسوأ أحوالهم أن يكونوا اجتهدوا فأخطأوا، ونحن جميعاً لا نبرئ أنفسنا ولم ندّع العصمة، ولكن لم يوجد أحد عومل تشهياً، وأما هذا الرجل فإنني لا أحب الخوض في ما دعاه إلى كتابة ما كتب.
أنا ضد التقنين في القضاء
في المملكة فريقان من العلماء، أحدهما مع التقنين والآخر ضده... أنت مع أي الفريقين؟
- لا يوجد فريقان أحدهما مع التقنين والآخر ضده. هل الذين يطالبون بالتقنين هم من العلماء الكبار أم من القضاة الذين أمضوا عشرين إلى أربعين سنة في القضاء؟ أم أن المطالبين به من الشباب، الذين قال فيهم النابغة الذبياني:
فإن يك عامر قد قال جهلاً
فإن مظنة الجهل الشباب؟
أنا أرى عدم جواز التقنين، فإن من لازم التقنين إذا ما أريد أن يكون تقنيناً معتمداً، أن يلزم القضاة بالتقيد بما في المواد، ولا يجوز لأحد أن يلزم الناس إلزاماً قطعياً بشيء، إلا أن يكون من قول الله جل وعلا أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم، وما عداه مما كان بالإجماع، لأن الأمة لا تجمع إلا على حق.
ولهذا أرى أن التقنين في غير محله، وأما أنه يحل المشكلات، فقد قننت الدولة العثمانية وأصدرت مجلة الأحكام العدلية وكلفت من يشرحها، لكنها على رغم ذلك لم تنقذ تركيا مما هي فيه، ولم تصن القضاء على نحو أفضل من السابق، ثم في هذا حجر على فهوم القضاة، فيقيدوا أنفسهم بما ورد في مواد التقنين، الأمر الذي يترتب عليه هجران العلم، ويفصل القاضي عن سنة النبي وفقه القرآن والمراجع الشرعية.
وأما تقنين الكتب التي يرجع إليها القاضي، فما فيه من المنافع لا يقارن بما فيه من الأضرار، فضلاً عما فيه من عزل القضاة عن فقهاء السلف وطريقة استدلالهم.
صصدام شمّت بنا وبنفسه الأعداء!
بصفتك رئيساً لأعلى جهاز قضائي في السعودية، كيف ترى محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين اليوم في العراق؟
- الذي يستمع لهذه المحاكمة أو يشاهدها، يعرف أنها لا تسير على منهج قويم، فالإنسان لا يحاكم عدوه، وإذا حاكم عدوه لم يعدل، وصدام حسين من دون شك جنى على نفسه وعلى العراق وعلى دول الجوار، وشمّت بنفسه وبهم الأعداء، وكان له تاريخ مظلم في العراق، وهذه المحاكمة الله أعلم بمنتهاها، ولكننا نخشى أن يكون وراء الريع رويعات، ووراء الأكمة أكمات، وعلينا أن ننتظر ماذا ستكون نتيجة هذه المحاكمة.
تتردد بين المحامين اتهامات لبعض القضاة بعدم المرونة معهم، ما الأسباب التي تدفع القضاة لذلك؟
المحامون لا ارتباط لهم بمجلس القضاء، ثم إنه حين يترافع المحامي بالنيابة عن شخص، فهو إنما يمثل طرفاً في القضية، وعندما يتذمر من نظرة القاضي يمكن أن يكون ذلك نتيجة لعدم رضاه عن حكم القاضي. أما كون القاضي يكرهه بعض من يحكم ضدهم، فإن أبا جعفر المنصور لما قدم المدينة اشتكى الناس إليه قاضيها، فقال له: ماهذا يا أبا عمران؟ فأجابه القاضي: نصف أهل المدينة ساخط علي يا أمير المؤمنين، فقال له كيف ذلك؟ فقال: الناس ما بين شخص حكمت له فيكون راضياً، وآخر حكمت ضده فيكون ساخطاً، فأجابه الخليفة: إذن أنتم وشأنكم، وهذا يعني أن نصف الناس أعداء لمن عدل، أما غير العادل فإن الجميع له خصوم، لأن من التمس رضا الناس بسخط الخالق سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.
هذه قصتي مع الملكين فيصل وفهد
تتداول الأوساط قصة لك مع الملك فهد يرحمه الله، ويقال إنك أبديت له استعدادك للحكم ضده غيابياً إذا لم يحضر في قضية كان أحد طرفيها... نريد أن نسمع هذه القصة منك شخصياً؟
- القصة كما ذكرت، ولا أريد الخوض في تفاصيل أكثر عنها، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، وهي في الحقيقة قضية بيني وبين الملك فهد رحمه الله، والحق الذي أقوله أن فهداً من أفراد الرجال، ولست أول شخص ينظر قضية بين شخص كبير في الدولة وفرد من الشعب.
والملك فهد تميز عن العصر الذي هو فيه بلا شك، وبالفعل القضية وقعت عندما كان وزيراً للداخلية وكان طرفاً فيها.
ولكن قيل إنه رحمه الله بدلاً من أن يعاتبك على صرامتك، احتفظ لك بتقدير كبير بسبب تلك القصة؟
- لم يكن بيني وبينه سوء تفاهم على الإطلاق، لا قبل القضية ولا بعدها، ولكن صار يذكر الموقف كثيراً على وجه المفاكهة، ورجوته ألا يكرره لما في ذلك من الحرج لي، فلما أكثر وازددت رجاء له قال لي: أنا أريد أن أوصل للناس رسالة مفادها أننا لا يغضبنا من الشخص صلابته في الحق!
أفراد الأسرة الحاكمة وبقية الشعب أمام القضاء سواء
هل أفهم من هذا أن أفراد الأسرة الحاكمة يترافعون مع عامة الشعب لدى القضاء؟
- لا شك في ذلك، على سبيل المثال، كان الملك فيصل رحمه الله طلب حجة استحكام لمزرعته وأنا رئيس المحكمة الكبرى في الرياض، فطلب الوكيل الذي راجعني في المحكمة أن نخرج الصك من دون إعلان في الصحف، نطلب البينة ونطلب من هيئة النظر أن تقف على الموقع، إذا كان هناك ما يستدعي ذلك، ونجري ما يلزم تبعاً لذلك بلا إعلان، فقلت له: لا يمكن هذا إلا بأمر من الملك نفسه، وأنا أعلم أن الملك لن يصدر أمراً كهذا، كل منا أنا والوكيل أصر على موقفه، فقابلت الملك رحمه الله فقال لنا: أعلنوا عن طلبي حتى إذا كان هناك من له احتجاج، يقيمه علي في الدنيا قبل الآخرة، فجرى الإعلان. وكثيرة هي القضايا من هذا النوع، ولا نستغرب هذا على قوم كرام هم من حمى جناب التوحيد وجعلوا الكتاب والسنة دستوراً لدولتهم.
وما أصعب موقف مر عليك في القضاء؟
- الحمد لله، لم يمر علي موقف لم أتمكن من الخروج منه!
إذاً، أنت معاوية العصر؟
- ضاحكاً أنا كسائر الناس، ولكن من يقضي بين الناس عليه أن يوطن نفسه على سماع ما يحب وما لا يحب.
ولكن يا سماحة الشيخ، أنت شخص يتردد أنك شديد الصرامة في إعطاء الحق وفي انتزاعه؟!
- أنا لم أتول أمراً يمكّنني من التصرف في القضاء بشكل منفرد، حين كنت رئيساً للمحكمة كنت أخاً للقضاة، وكانت بيني وبينهم مودة كبيرة، ولا أذكر في ذلك الحين أنني أخذت إجازة، وفي المجلس أنا واحد من 11 شخصاً.
إذاً، ما يقال عنك من الصرامة ما تفسيره؟
- تفسيره أن الناس عندما يراجعون المجلس يقول لهم الأعضاء راجعوا رئيس المجلس، فظنوا أنني أسير الأمور في المجلس وحدي، وهذا أمر غير صحيح.
اللحيدان يقضي حاجة "الأرمل الذكر"
للذين لا يعرفون قصة"الأرمل الذكرِ"، كان الخليفة الأموي الشهير عمر بن عبدالعزيز رحمه الله لا يستقبل الشعراء ولا يسمح لهم بمدحه، وإن فعلوا لم يكافئهم. وذات يوم حاول جرير أن يكسر العرف فكان ما أراد، باتخاذه الأرامل رسلاً إلى الوالي الصالح عمر بن عبدالعزيز، قائلاً في قصيدة مذهلة:
هذي الأرامل قد قضيتَ حاجتها / فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
قبل نحو عام صليت مع رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح بن محمد اللحيدان أحد الفروض في مسجده شمال الرياض، وأخبرته برغبة الجريدة في تسجيل حديث معه. فقال إن الوقت لا يناسبه، فبقيت بعد ذلك أياماً، وقصدته مرة أخرى في صلاة الفجر فاعتذر بشيء لا أذكره، وهكذا دواليك، لا نتقدم إليه برغبة إلا أجهز عليها بعذر أكبر من أخيه، عاماً كاملاً.
حتى غدا الأمر بالنسبة إلي تحدياً أكثر من مجرد حوار مع شيخ جليل مثل اللحيدان، يشترط الموافقة على أسئلتك له قبل أن تبدأ في الحوار. لم أتجاوز ناحية بيت الشيخ بعد رفضه المتكرر، إلا انهالت علي نفسي بوابل من العتاب. كيف أعجزَك إقناع شيخ وقور متذوق للجمال والأدب بالتحاور معه؟ راودتني أفكار لا تناسب المقام. رفضتها جميعاً. استقرت فكرة واحدة هي الولوج إلى قلب الشيخ من زاوية التراث.
وكنت في مناسبات عدة أصارح زملائي الصحافيين، بأن أي مشكلة صحافية في شح المصدر أو ركاكة المعلومة الثقافية أجد لها ترقيعاً أو تطويراً أو استنساخاً من التراث، ومارست ذلك عملياً في أخبار وتحقيقات عدة، يذكرها الزميل جميل الذيابي المدير العام للتحرير في السعودية والخليج لهذه الجريدة.
قبل يوم من إجراء هذا الحوار معه، صليت مع سماحته صلاة العصر وجددت رغبتي مرة أخرى في تسجيل حوار، وكان ألف وجهي لكثرة ما أتردد عليه، وينسى أحياناً أي الجرائد أمثل. أخبرته. نظر إلي قبل أن يوافق أو يرفض فقلت له: تقضي حوائج الناس يومياً في مكتبك وفي مسجدك - أحيانا أمامي - وأنا أتردد عليك عاماً كاملاً فلا ألقى منك إلا الصدود؟! يا شيخنا هل تحفظ قصيدة: كم باليمامة من شعثاء أرملة / ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر؟ أجاب:"نعم"، ومضى يكمل الأبيات، فاستوقفته قائلا: أليس بينها قول جرير:"هذي الأرامل .."؟ قاطعني الشيخ متطوعاً بإكمال البيت. أضفت: وأنا أقول لك أيضاً: فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر. ابتسم الشيخ الجليل وواعدني في اليوم التالي بعد الظهر، فكان الحوار بعد أن اطمأن إلى كل الأسئلة قبل البدء.
لما جلست إلى الشيخ في بيته وجدت الصرامة والتجهم اللذين أتخيلهما صفتين للشيخ، تذوبان مثل السكر في الشاي. سألني الشيخ عن أسرتي وقبيلتي. ظننت أنه سؤال بريء فأخبرته بما أعلم. لكنه فيما بدا سألني ليخبرني، وأفاض يثني ويمدح ويذكر ويستدل، حتى رجوته أن يتوقف، وأنا ممتلئ زهواً وغروراً بما أسمع. ظننت أن الشيخ فعل ذلك ليطيب خاطري ويقول - كما ألمح في البداية -: اترك عندي الأسئلة وسأرسل لك إجاباتها! لكنه أجاب عن أسئلتي وودعني بهدية سنية، هي"أربع كيلوات من التمر السكري". فغادرت منزل الشيخ الجليل بحب وحوار وهدية. فلا أدري على أي منها أشكره، غير أنني أتمنى أن تكون هذه البداية مع فضيلته وليست النهاية. لأنه قبل الحوار ذكّرني بأن"الحوار" سيكون إما البداية وإما النهاية!
المحرر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.