لم يكن محمد مهدي يعلم أن سوق الأسهم ستحد من دخله المحدود بدلاً من زيادته، كما كان يسمع عن حجم الأرباح"الطائلة"التي حققها بعض أصدقائه خلال الشهر الماضي. فهو دخل السوق منذ فترة، إلا أن يوم الخميس الماضي الذي شهد بداية الهبوط في المؤشر جعله يرى شيئاً بسيطاً من حقيقة السوق. ولم يوفق الشاب الطموح الذي دخل السوق بثلاثين ألف ريال خلاصة ما استطاع جمعه من مال، ويقول شارحاً سبب دخوله:"نصحني أصدقائي في دخول السوق لأربح مثلهم، فهم يتحدثون عن أرباح ما كنت أحلم بها، تصل إلى 10 آلاف ريال في الاسبوع، وأكثر ما حفزني على المخاطرة". بيد أن الحظ لم يسعفه منذ البداية، كما يقول إذ"أن يوم الخميس كان بمثابة شبح"، فقد قلص ذلك اليوم آلاف عدة من رأس المال، ويضيف شارحاً ما حصل له:"لأن رأسمالي صغير قررت أن أضعه في سهم واحد، ونزل هذا السهم بصورة سريعة ما اضطرني للبيع بخسارة"، مستدركاً"عوضتها، واستطعت الوصول إلى ربح جيد بيد أنني توقعت أن يصعد الربح على رغم كثرة التحليلات المحذرة التي لم أكترث لها، وفجأة علقت من جديد في سهم آخر لتعود الأمور في شكل أسوأ من السابق إذ واصل السوق الهبوط، وزاد من ذلك الهبوط الحاد الذي حصل أول من أمس الأحد". وللمرة الأولى، يشاهد محمد قائمة الأسهم الأكثر ارتفاعاً خالية إلا من سهم واحد اسمنت القصيم الذي ارتفع في شكل طفيف في الفترة الصباحية 0.10، ويقول:"في كل يوم يكون هناك عشرة أسهم مرتفعة بيد أن أول من أمس وتحديداً في الفترة الصباحية لم يكن إلا سهم اسمنت القصيم، الذي ارتفع أقل من 1 في المئة في حين كانت القائمة المقابلة"الخسارة"تعج بأكثر الأسهم خسارة، إذ تصدرت ستة أسهم القائمة، فأغلقت على النسبة المحددة للتذبذب في حين البقية كانت في 4.99 ما رفع من حدة قلقي وجعلني لا أستطيع التفكير". وبعد هبوط المؤشر إلى 19.971.00 عمت الفترة الصباحية من أمس الأحد في بعض البنوك حالة من الترقب والخوف من المستثمرين في السوق، وكلما شاهد الجالسون خلف شاشة الأسهم لونها أحمر ازداد معدل القلق لديهم، وقال محمد مهدي:"كنت أنظر الى عيون الناس، فرأيت الهم على وجوههم، وقد خشينا على أحد كبار السن الذي طلب من عامل النظافة في البنك جلب كوب من الماء له، وتبين لنا أنه خسر ما لا يقل عن 800 ألف ريال دفعة واحدة، ما جعلني ألتفت لمأساته، وأنسى ولو في شكل موقت مأساتي". وسألت"الحياة"الخاسر فقال والتأثر في وجهه:"المشكلة أني دخلت بمبلغ كبير جداً، ووضعت كل المبلغ في سهم واحد، وهذا خطأ، وعلى رغم معرفتي بأنه خطأ فادح، إلا أنني خاطرت لأدفع الثمن الآن". ونصح الخاسر الشبان الذين تضامنوا معه ب"عدم البيع". وقال محمد مهدي:"عند إصراره على عدم البيع حتى وإن ازدادت الخسارة شجعني ذلك كثيراً على عدم البيع خلافاً للمرة الأولى"، مضيفاً:"كنت أنوي أن أبيع حتى أخرج بأقل قدر من الخسائر".