"يعاني جميع جيران العراق بشكل عام جراء الوضع الأمني العراقي، إذ تخوض القوات الدولية حرباً ضروساً، تهدف لضرب التنظيمات الارهابية من جهة، ولمنع اندلاع حرب مذهبية بين السنة والشيعة في البلاد من جهة أخرى، وحيث لا يمكن لها ضبط الحدود"... بهذه الكلمات البسيطة والشفافة لخص وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز الوضع الأمني المعقد في منطقة الخليج ككل وليس في المملكة وحدها، الناتج عن التدهور والانفلات الحاصل داخل جارتنا المرهقة العراق. وحرصاً من الداخلية على أمن المواطن الذي يمثل- كما لمسنا- الأهمية الأولى والقصوى في أولويات حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقد قررت الداخلية إقامة سياج أمني يمتد بطول 900 كم على الحدود بين المملكة والعراق، لمنع تسرب أي أفراد أو جماعات من المتناحرين داخل العراق إلى الأراضي السعودية. وقد بدا من كلام وزير الداخلية مدى الضغط الذي تتحمله وزارته من أجل إحكام السيطرة الأمنية المحكمة على طول هذه الكيلومترات المشتركة بيننا وبين العراق، وهو ما نلمسه جميعاً في الشارع، إذ يكاد لا يتأثر المواطن بهذه الأحداث لا من قريب ولا من بعيد، نتيجة هذه السيطرة المحكمة. وهو نجاح يجير لرجال الداخلية الذين يعملون دائماً في صمت وبعيداً من الأضواء. هذا ليس إشادة بجهاز أمني يشهد له الجميع بالكفاءة، وراهن على نجاحه المواطن العادي قبل المتخصصين والمتابعين للشأن السعودي، قدر ما هو قراءة لوضع عراقي متنقل أحياناً بين الأمن والسياسة، ولعبة تشارك فيها بعض الدول لضرب الخليج في مقتل وليس المملكة وحدها، ومحاولة فجة لصرف هذه المنطقة عن تحقيق أي إنجازات على مستوى مواطنيها، بأسلوب ينم عن كراهية تاريخية غير منطقية قائمة على الإحساس بعقدة الفوقية والتعالي على أي إنجاز يحقق داخل بلدنا. الصراع الدائر في العراق والمنطلق بأسماء وهمية في ظاهره، والمعبأ في جوهره بكراهية طائفية بين جميع فرقه الدينية من سنة وشيعة والسكانية من أكراد وعرب وغيرهم، وانفراط عقد وحدته وهرولة معظم فئاته للاسترزاق منه وتسليم زمام أمورهم لأية دولة تبعث إلى جانب السلاح بحقائب مليئة بكل العملات التي لها وزنها في عالم المال، إلى جانب حرص هذه الدول على أن تكون عطاياها مغرية حد الإلهاء عن ثوابت تمس حياة البائعين أنفسهم، لا يمكن اختزال تأثيره الممتد في الجغرافيات المحيطة به، خصوصاً الخليجية، في حديث دولة من دون سواها، بل يجب أن تستشعر كل دول الخليج هذه القضية الخطيرة وتعمل في شكل جماعي على حلها من دون الاعتماد على دولة بعينها، وحينما أشار سمو وزير الداخلية إلى حجم المشكلة كان ذلك تعبيراً صادقاً صادراً من أكبر دولة في المنطقة حول حجم وشكل الكارثة. فالوضع ينم عن حرب شرسة بالفعل، إن لم يتم الالتفات إليها بشكل جماعي ستطال جميع دول المنطقة التي ليست في معزل أو بعيدة عنها، خصوصاً أن الصراع الداخلي في العراق تحركه ? ربما ? دول تستفيد بشكل أو بآخر من حال الفوضى الدائرة فوق أراضيه الآن، لذا فإن السور والسياج الذي تعتزم الداخلية بناءه، والذي سيتكلف نحو12 بليون دولار، لمنع تسرب هذه المظاهرات المسلحة الانتحارية إلى شارعنا، ومن أجل المحافظة على أمننا وأمن أبنائنا، هو بمثابة تحدٍ كامل لوعينا جميعا الذي سيكون في المرحلة المقبلة السياج الحقيقي لمنع أي تسرب لحالات الإرهاب والانتحار إلى داخل شوارعنا، حتى إن وقف على حدودنا من يحاولون بشتى الطرق تقويض حال الاستقرار والأمن الذي، ولله الحمد، ننعم وسينعم بها أولادنا حاضراً ومستقبلاً بإذن الله. [email protected]