وضع فشل اللاعبين المحترفين في صفوف الأندية السعودية أكثر من علامة استفهام، خصوصاً بعد فشل غالبية الأسماء الكبيرة في تحقيق أماني وطموح الجماهير لمختلف الأندية على رغم المبالغ الطائلة التي كبدت خزائن النادي جراء التعاقد معهم، ذلك الفشل أسهم بشكل كبير في انخفاض المستوى العام للدوري وانعكس سلبياً عليه. وباستثناء فئة قليلة من اللاعبين حققت نجاحات مع فرقها كالبرازيلي شيكو مع الاتحاد وكماتشو وتفاريس مع الهلال في الآونة الاخيرة وشعيب المباركي وبدرة مع الأهلي في البطولة العربية التي حققها الأهلي عام 2001 ومانغا مع الشباب قبل موسمين فإن الغالبية من اللاعبين اثبتوا فشلهم بدرجة كبيرة، ويعود ذلك إلى أسباب متفاوتة منها: عدم حسن الاختيار من الأندية للمحترفين والتي جعلت الأمر في أيدي سماسرة، هدفها الأول تحقيق أقصى ربح مادي، من دون الالتفاف إلى معاناة الأندية والجماهير، والأمر الآخر هو الاعتماد على اسم اللاعب وتاريخه من دون الأخذ بمقاييس ومعايير ما يحتاج إليه الفريق، والتي قد يأتي ذلك الاختيار على حساب مصلحة لاعب ناشئ، وإحقاقاً للحق لا تندرج تلك الأسباب على كل الأندية، والتي يمكن أن تستثنى منها عدداً قليلاً يعد على الأصابع والتي يتصدرها نادي الطائي، والذي يعد هو أبرز الأندية في اختيار اللاعبين بحكم النجاحات التي حققها في هذا المجال منذ الوهلة الأولى لتطبيق قرار السماح الاستعانة باللاعبين الأجانب فبعد أن حقق نجاحات سابقة مع يحي جاكو والذي قضى أكثر من 8 أعوام وماما دوصو الذي حقق نجاح منقطع النظير قبل أن يخفق بعد انتقاله للنصر، وبعدهم حمادجي الذي يثبت مرة أخرى نجاحه بمحترفيه الحاليين، وفي مقدمهم المغربي صلاح الدين عقال. وفي المقابل، سجل الاتحاد سقطة كبيرة في اختياره للأجانب، على رغم قوة الأسماء التي ضمها أمثال بيبتو وتوغو وهوغو بيريز والمحترف الأرجنتيني زاناتا والكاميروني جوب، ولعل إسهام الايطالي دونا دوني في تحقيق الفريق لبطولة يجعله خارج إطار الفشل. وينطبق الأمر على جاره وغريمه التقليدي الأهلي الذي ما زالت جماهيره تضرب كفاً بكف على كل الصفقات الفاشلة، والتي كان آخرها الصربي ميودراج، ولم يكن النصر بأحسن حالاً منهم، إذ لم يحقق أي صفقة ناجحة على رغم قوة الأسماء التي أحضرها ابتداء من سيزار البوليفي، والبقية، وقد يدخل البرازيلي العالمي دينلسون القائمة نظير ما قدمه من مستويات هابطة حتى الآن لا توازي حجم اسم اللاعب الذي كان في فترة من الفترات أغلى لاعب عالمي، ويدخل الهلال القائمة من خلال فشله في عدد كبير من اللاعبين أمثال البرازيلي جيوفاني وقبله التونسي فوزي الرويسي وديسلفا الذي قدم من الدوري الياباني بخلاف لاعبه الحالي طارق التائب الذي لم يلعب سوى دقائق معدودة. فيما لم يطاول النجاح أندية الشرقية التي فشلت فشلاً كبيراً حيث حطم القادسية والاتفاق كل الأرقام القياسية من حيث تجربة اكبر عدد من اللاعبين الذين خضعوا لتجربة فنية فشلوا جميعهم في تجاوز المرحلة التمهيدية، ما انعكس على نتائج الفريقين قبل أن ينضم إليهم الخليج. "الحياة"سلطت الضوء على القضية عبر أخذ آراء حول هذا الأمر من مختصين وإداريين ومدربين. في البداية أكد مدرب المنتخب السعودي للاحتياجات الخاصة الذي حقق بطولة العالم عبدالعزيز الخالد أن فشل اللاعب الأجنبي أو غير سعودي في الدوري المحلي يعود للاجتهادات الشخصية وعدم حسن الاختيار سواء بتكليف أشخاص لا دخل لهم في كرة القدم أو ترك الاختيار لسماسرة"نعاني من فشل اللاعب الأجنبي، وهذا يعود إلى اجتهادات شخصية في عملية التعاقد إذ يتم إسناد هذه المهمة لعضو مجلس إدارة لا يوجد لديه إلمام بكرة القدم أضف إلى ذلك إلى إن الأندية لا تتعاقد مع اللاعبين إلا قبل إغلاق فترت التسجيل بساعات". وزاد الخالد:"يجب أن نضع معايير لعملية الاختيار فإذا كان اللاعب المختار لا يتفوق على اللاعب السعودي علينا ان نغض النظر عن التعاقد وإعطاء الفرصة للاعب ناشئ سيفيد الفريق مستقبلاً، والكرة السعودية كذلك، أو أن نتعاقد مع لاعب واحد ذي فائدة فنية خير من أن نتعاقد مع 3 لاعبين". وأشار الخالد إلى ان ما يحدث حالياً من تعاقدات مع أسماء كبيرة انتهت صلاحياتها ليعدو كونه مباهاة"عندما نفكر ان نتعاقد مع لاعبين عالميين علينا ان نعرف ماهية الفائدة التي ستتحقق وما هو العائد الاقتصادي من ذلك التعاقد، وأعتقد بأن اللاعب العالمي الذي أفاد الكرة السعودية هو ريفالينو الذي استفاد منه الهلاليون، أما البقية فلا يوجد أحد". فيما قال الدكتور حافظ المدلج:"من وجهة نظري هناك 3 أمور خلف فشل اللاعب الأجنبي في الدوري السعودي، وهي أن عملية الاختيار تعتمد عملية التعاقد على سمسار هدفه مادي أو فزعة من عضو في نادي، ويكون هذا التعاقد بعيد عن الواقعية كأن يتعاقد مع مهاجم والفريق يحتاج إلى ظهير، ونحن هنا لم نضع اللاعب المناسب في المكان المناسب". وزاد:"لو نظرنا إلى اللاعبين الأجانب لوجدناهم 80 في المئة مهاجمون، ما يجعل عملية التعاقد فاشلة". واسترسل بالقول:"النقطة الثانية في من يقوّم اللاعب الأجنبي ومدى ملاءمته للفريق، فالمدرب يختار إما بسبب ضيق الوقت أو لعدم رغبته في إغضاب الشخص الذي تعاقد مع اللاعب، ما يعني وجود محسوبية الاختيار". وأضاف:"النقطة الثالثة الأخيرة وهي المتعلقة بإلغاء عقود اللاعبين المحترفين، إذ إن عملية إلغاء التعاقد تتم بسرعة حيث إن اللاعب مطالب بالنجاح خلال فترة وجيزة، وهذا أمر صعب للغاية، إذ اللاعب لم يأخذ فرصته للتأقلم مع أجواء السعودية والتي أعتبرها من أصعب الأجواء". وزاد المدلج:"هناك عدد من اللاعبين ألغيت عقودهم وانتقلوا لاستحقاقات في دول أخرى وحققوا النجاح، لأنهم نجحوا بالتأقلم، ويجب على الأندية ان تختار لاعبين قادرين على التأقلم السريع، وأنا أستغرب عدم الاستعانة بأي لاعب تركي، فهو لاعب مؤهل للنجاح لاكتمال كل العناصر المطلوبة، إذ انه يعيش في بيئة مشابهة للسعودية، أضف إلى ذلك ان اللاعب التركي سيجذب جماهير كبيرة من الجالية التركية عدا مستواه وبنيته القوية المشابهة للاعب الأوروبي، إلا انه يتفوق عليه بإمكان التأقلم السريع، ونحن مطالبون بالاعتماد على أنفسنا في عملية التعاقد وليس الاعتماد على مشاهد أشرطة تسجيلية للاعب قد يكون مدافعاً وسجل عدداً من الأهداف تضم كلها في شريط وتعرض على انه مهاجم، كما أن حضور مباريات حية للاعب الذي سيتم التعاقد معه من شخص ملم بالأمور الفنية ستكون مفيدة ودقيقة وتعطي نتائج سريعة لنجاح اللاعب". ويعلق المدرب السعودي خالد المرزوق على هذا الأمر بالقول:"أعتقد أن الحُكْم على اللاعب المحترف بالنجاح أو الفشل يحتاج إلى معرفة مدى الأهداف التي تحققت من جراء هذا التعاقد، بمعنى أننا بحاجة إلى إيجاد معايير للقياس عليها عن تحقق هذا النجاح أو فشله ومعرفة ماذا نريد من هذا التعاقد؟". وزاد:"هناك أندية تسعى لتحقيق بطولات من جراء هذا التعاقد وأندية تريد البقاء، والأمر سيان هنا، ولذلك ومن خلال نتائج الدوري نجد أن من حقق النجاح من اللاعبين المحترفين عدد قليل لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وتكاد تكون في الطائي مختفية هذه العملية، والتي هي متفاوتة في الأندية الأخرى ففشل المحترف في الاتحاد يختلف عن سبب فشل اللاعب في الخليج، ويختلف عنه في محترف النصر، إلا إنني أؤكد أن السواد الأعظم من اللاعبين لم يحقق المطلوب من وجوده باستثناء تفاريس في الهلال وعقال في الطائي".