من المشكلات الظاهرة للعيان على المستوى القضائي في المملكة العربية السعودية، هو طول مدد التقاضي وعدم البت فيها بعد أن تستكمل المرافعات شروطها وأركانها، وبعد التأكد من البينات وقفل باب المرافعة. ومن وجهة نظري أن هذا الأمر ليس لسبب واحد، وإنما هو مزيج من أسباب عدة كان لها أثر واضح في تجلي هذه المعضلة أهمها: أولاً: تشتيت القضاء وهذا يظهر في وجود جهات متناثرة خارج نطاق السلطة القضائية، ضمن أجهزة السلطة التنفيذية، تتولى مهمة الفصل والحكم في بعض الدعاوى التجارية والجزئية والمدنية بمنأى عن القضاء العام وديوان المظالم، ما جعل الأحكام متضاربة ومختلفة بل متفاوتة ما أدى إلى عدم استقرار القضاء. وهذه المعضلة يكمن حلها في إنشاء محاكم متخصصة تحت مظلة القضاء العام، كأن يكون لدينا محكمة تجارية تضم جميع اللجان التجارية، التي تدار عن طريق ديوان المظالم ووزارة التجارة ومؤسسة النقد، وغير ذلك من المحاكم المتخصصة التي نص عليها التنظيم القضائي الجديد. ثانياً: مشكلة عدم حضور الخصوم أو أحدهما، وهذا هو أحد أهم الأسباب في تأخر القضايا وعدم البت فيها، والحل المقترح هو: - وضع آلية مناسبة للتبليغ والإحضار. - تفعيل الأحكام الغيابية لما لها من أثر في دفع المدعى عليه للحضور لتقرير دفوعه في مواجهة ما اتهم به، إذا علم أنه سيحكم عليه غيابياً في حال مماطلته. - دعم أجهزة الإحضار أو التبليغ بالعناصر البشرية المؤهلة لذلك، والاعتمادات المالية واستخدام أجهزة التقنية الحديثة لضمان سرعة التبليغ ومطالبة الإحضار. ثالثاً: تنفيذ الأحكام: ولعل أبرز مظاهر الخلل تكمن في ما يأتي: - إن الجهة المنفذة للأحكام القضائية تتولى في بعض الأحيان تفسير هذه الأحكام، ما يؤدي إلى اختلاف الحكم الصادر من القضاء عن الحكم المنفذ. - عدم تحديد الجهات المنفذة في بعض الأحكام، إذ إن هذه الجهات تتدافع هذه الأحكام في ما بينها، فمثلاً الشرطة قد تحيل إلى الإمارة، والإمارة قد تحيل إلى وزارة التجارة، وهذه الأخيرة قد تحيل إلى جهات أخرى وهكذا، ما يؤدي إلى ضياع الحقوق أو تعطيلها أو إضعاف الثقة في الأحكام القضائية. والحل الذي أراه أن تفعّل نصوص اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية، التي تقرر وجود قاضٍ للتنفيذ، إذ أن ذلك ينتج عنه حفظ الحقوق والقضاء على المماطلة في تنفيذ الأحكام وسرعة التنفيذ، باعتبار أن قاضي التنفيذ هو الأقدر على فهم مصطلحات وعبارات قاضي الحكم، ويكون ما يراه قاضي التنفيذ نافذاً في جميع مناطق المملكة مع مراعاة منح قاضي التنفيذ الصلاحيات اللازمة لتنفيذ الأحكام، كالحجز على أموال المدين وبيعها وغير ذلك من الجزاءات. هذه الأمور من وجهة نظري هي أهم أسباب طول أمد التقاضي لدينا.