هذه رسالة من أم طعنت بها السنون، فأفقدتها بصرها وحرمتها قدميها، واختتمتها بفقدان ذاكرتها. رسالة لابنها الذي أشغلته الدنيا عنها. "أيها الجماد النابض قربي، اقترب مني أكثر، فأنا أطمع في حب أكبر... فإن لم يخذلني حبك فأنت تطمع في أن تعانقني، وإن لم تخنك الجرأة فستفعل... أنا ما بين ناظريك فافعل... فغداً... وغداً ساعات أو قل لحظات إن كان المقياس الدنيا... سأرحل... لا تقل بأنك تخجل... ويحي! إن كان هو العذر الأجمل... أو لا تشتاق لدفء أحضاني؟ أما قبلت يوماً منك العينين، وطوعاً داعبت القدمين، لِمَ لَمْ أخجل ونظرات الكون ترمقني؟! أتُراها خدعتك الكلمات؟ حين التفوا حولك وقالوا: جمدت تلك العينان، وخفت بريقهما، أو لا تصدقك النبضات، فبغير قلبي ما رأيتك يوماً... وما جمدت من قلبي النبضات. آه يا حبي... لو لم تستعص هذه القدمان، لسابقت النظر إليك وضممتك حتى لا تدري أياً من أضلاعي هي أضلاعك. آه يا حبي... لو لم يشغلني عنك الهذيان لأسمعتك عن حبي رواية.أنت دون رجال الكون من له ينبض قلبي. ماذا؟... أوقلت شيئاً؟ لا أسمع غير الصمت. أهذا رد فعلك؟ إذاً فلتسمعها وعلى أشهاد الكون... أحتاج إليك... أحتاج إليك... أحتاج إليك... حبيبتك الأولى... ست الحبايب... أمك.