ليس غريباً أن تكون جازان الخيار المفضل للكثير من السياح الذين بدأوا التوافد على المنطقة بكثرة، فجازان تعد من أجمل مناطق السعودية لتكامل العناصر الجغرافية فيها حتى سُميت ب"منطقة السهل والبحر والجبل". شواطئ ذهبية فاتنة تقود إلى البحر الذي يحتضن جزراً متناثرة هنا وهناك، وأودية منتشرة جعلت المنطقة أحد أخصب مناطق العالم زراعياً. ويعتبر تميز جو المنطقة بالاعتدال صيفاً وشتاءً، ما أهلها لتكون جهة ثابتة لسكان المناطق الباردة شتاءً والحارة صيفاً. القطاع الجبلي قطاع يمثل حوالى 40 في المئة من مساحة المنطقة، ويمتد في شرقها، ويمتلك مقومات طبيعية لا تتوافر في القطاعات الأخرى، جعلت منه أحد أفضل الخيارات للباحثين عن متعة المناظر الطبيعية النادرة والاستمتاع بالهواء العليل. هذا الصيف لم يكن عادياً لسكان وزوار القطاع الجبلي في جازان، إذ اجتمعت عدد من العوامل، أهمها غياب"الغبار"عن القطاع، ويعزو بعض الفلكيين ذلك إلى التغيرات المناخية التي طرأت على المنطقة أخيراً. يشتهر مناخ القطاع الجبلي بأنه أحد الأجزاء المطيرة صيفاً، ولعل معدل الأمطار المرتفع جداً في صيف هذا العام، أعاد للأشجار رونقها وخضرتها، لتدفع المزارعين إلى إعادة الاهتمام بأشجار البن التي أصابها الجفاف نتيجة سنوات عجاف خلت، كما عادت تشكيلات الينابيع المختلفة والمياه الجارية إلى الأودية، ما حدا بالحياة الحيوانية إلى الرجوع إلى سابق عهدها في القطاع. ويقع في هذا القطاع محافظات وقرى شهيرة منها بني مالك وفيفا وجبال الحشر وجبال الريث ومنجد والعزين وهروب وآل يحيى والعبادل وبلغازي. ومن أشهر معالم القطاع"جبل طلان"، إذ يعتبر أعلى نقطة عن مستوى سطح البحر في المنطقة. يطل على محافظة الداير من الشرق، ويبدو للواقف فوقه الأودية والجبال الأخرى في جميع الاتجاهات. وإضافة إلى الضباب شبه الدائم، يكسو"طلان"غابات كثيفة يكثر فيها شجرة"العرعر"وهو شجر معمر، تغطي جنباته ما يضفي عليه منظراً غاية في الجمال. أما جبل"العبسية"فيعتبر أعلى قمة في"فيفا"، وثاني أعلى نقطة عن مستوى سطح البحر في المنطقة، وهي قمة مسطحة يعلوها غابة تطل على غابات جبال فيفا. ومن المعالم الأساسية في القطاع الجبلي جبال الحشر والجبل الأسود والريث، وتعتبر من أبرز الأماكن التي تساعد على إقامة منتجعات عالمية لا تضاهى من ناحية الجو والطبيعة الجغرافية. قطاع السهول سهول جازان تزخر بالأودية التي تزين جنباتها المزارع المنتشرة، إذ تشكل أوديتها مساحة كبيرة من مساحة المنطقة الكلية، ولعل من أهم تلك الأودية التي حظيت بكثافة الزوار والمتنزهين"وادي جزومة"الذي يشتهر بشلالات وبرك طبيعية، إضافة إلى ما يحيط بها من الغابات الشبيهة بالغابات الاستوائية. ومن المنتجعات التي تلقى إقبالاً من الزوار في المنطقة"وادي موهد"، ويقع شرق العين الحارة الشهيرة في جازان بمسافة قصيرة. منظر جنبات الوادي تسلب فؤاد الناظر قبل أن تقع عيناه على المياه الجارية التي تتدفق كشلالات تبدأ من أعلى الوادي، عابرةً عن مجموعة من البرك المنحوتة في الصخر إلى أسفل الوادي. وتغطي المكان أشجار كثيفة ومساحات واسعة للمتنزهين، وتكثر بالقرب من الوادي مزارع الذرة والفاكهة. أما وادي لجب فيقع في جبال الريث، ويشكل الجبل غطاءً ينتشر على طرفي المنتجع ماعدا فتحة بسيطة يدخل من خلالها ضوء الشمس. ويفد إليه السياح من مختلف الجنسيات عربية وأجنبية، وكان أن وصفه أحد الزوار الأجانب ب"المعجزة"، لصفاء طبيعته وندرة مناظره، مؤكداً أنه لم يشاهد أروع من هذا الوادي في حياته. آثار المنطقة يفخر أهالي جازان بكثرة الكنوز التاريخية التي تزخر بها المنطقة، وهذا الأمر من أحد العوامل المهمة التي أهلت المنطقة لجعلها مقصداً للكثيرين للمهتمين بالتراث والآثار. فجبال جازان عرفت أنها موطن لحضارات قديمة تبتعد من زمننا الحاضر بحوالى سبعة آلاف سنة قبل الميلاد. ويحظى القطاع الجبلي في محافظة بني مالك، بالنسبة الأكبر إلى كثير من المواقع الأثرية، موزعة بين القلاع القديمة والقرى الجبلية والمغارات، ما جعل المكان من مناطق الجذب السياحية. وتعتبر"الولجة"من أهم القلاع التاريخية في جازان، وتقع في قرية"آل يحيى"في محافظة بني مالك، إضافة إلى قلاع الموفى والثوعية والنبعة وقير وقرية المزدرب وقلاع منصية، وجميعها تقع في جبال بني مالك. وتتفاوت هذه القلاع في تصميمها وطرق بنائها، لكن معظمها يشترك في مادة بنائها الرئيسة، إذ بنيت من الصخور الجبلية، وترتفع إلى أطوال عالية، ويتجاوز بعضها السبعة طوابق، وتتميز بوجود أبراج طويلة تحيط بها للمراقبة في أوقات الحروب.