إن الحزن يعتصر القلوب لفقد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - وأدعو الله - عز وجل - أن يتغمده بواسع رحمته، وان يسكنه فسيح جناته، وان يجزيه خير الجزاء لما قدم لدينه ووطنه وأمته وللإنسانية، وان يلهمنا جميعاً الصبر والسلوان. عرفناه جميعاً الملك الذي اسر القلوب في وطنه وفي جميع أرجاء العالم، لما له من مواقف تاريخية لا تنسى على مستوى جميع الأصعدة، فقد نذر نفسه - رحمه الله - لنصرة قضايا أمته، ووقف بحزم للدفاع عن قضاياها، وتحقق له الكثير من الأمنيات التي استطاع أن يدونها في سجله الحافل، الذي لم يكن في يوم من الأيام يمن به على احد. ودافع عن الحقوق العربية، وسعى لكل ما فيه خدمة الإسلام والمسلمين، ووحد الصفوف، ولمَّ الشمل عربياً لمواجهة التحديات رغم كل المصاعب التي كانت تواجه العالم العربي، لكن حنكته وحكمته دائماً ما تجعل التوفيق - بإذن الله ? حليفه، فاستطاع - رحمه الله - أن يسكن قلوب العرب والمسلمين. لقد استطاع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - أن يقوي ويثبت مكانة المملكة العربية السعودية عالمياً، فأصبح لها الدور البارز والمتميز والكلمة المسموعة المحترمة، فوظف هذه المكانة ليس لخدمة المملكة بل تجاوز ذلك إلى الوقوف إلى جانب الأشقاء العرب الذين دائماً يجدون أن المملكة الحضن الدافئ الذي يعالج ما قد يؤثر على المواقف والقضايا العربية بشكل عام. لن أتحدث عن علاقتي الشخصية بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - ولكن الحديث عن ما كان يحمله من همّ كبير ومسؤولية عظيمة تجاه الشعب السعودي، والعمل على تحقيق أهم متطلباته ورغباته، وان يعيش آمناً مطمئناً، فتحققت الكثير من المنجزات والمشاريع العملاقة التي حققت الرفاهية للمواطن السعودي الذي يسجل بكل تقدير للملك فهد - رحمه الله - تلمسه الدائم لهذه الحاجات والمطالب، والعمل على أن تتحقق على ارض الواقع. إن الإنجازات التي حققها - المغفور له - بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز على الصعيدين الداخلي والخارجي لا يمكن حصرها، ولكن يظل اهتمامه بالحرمين الشريفين وكتاب الله - عز وجل - أهمها وأبرزها، حيث شهدت في عهده اكبر توسعة للحرمين الشريفين وإنشاء مجمع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة، وهذا نابع من حرصه - رحمه الله - على أن يجد الحجاج والمعتمرون والزوار الذين يأتون إلى السعودية من مختلف أصقاع المعمورة وهم يؤدون مناسكهم كل يسر وسهولة وخدمة كتاب الله طباعة وترجمة وتسجيلاً. وبقدر ما في القلوب من حزن عميق لوفاة الملك فهد - رحمه الله - إلا أننا بكل فخر نبايع مليكنا وقائدنا ووالدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظهما الله - داعياً الله أن يوفقهما لمواصلة المسيرة المباركة لبلادنا الغالية. * أمير منطقة المدينة المنورة