بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وبحرقة الحزن والأسى تلقى أبناء الشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية نبأ رحيل المغفور له، بإذن الله، خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود إلى جنة المأوى بإذن الله، ومع هذا المصاب الجلل، تعجز الكلمات بل تعجز اللغات عن التعبير عما يجيش في النفوس من أسى بالغ، وحزن عميق تتفطر له القلوب، ولا نملك إلا الصبر والاحتساب وان نرفع أيدينا تضرعاً إلى الله ان يتغمد فقيد الأمة ببالغ رحمته وان يسكنه فسيح جناته. فمنذ بداية مشاركات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - يرحمه الله- في إدارة شؤون الدولة حرص يرحمه الله على أن تكون للسعودية خطة تنموية تسير عليها لتنتقل من جغرافية صحراوية ومجتمع مضياف بسيط إلى دولة عصرية ومجتمع متمدن متماسك. وكان يقوم بمتابعة وتنفيذ خطط التنمية التي ركزت على تنمية الإنسان وتأسيس البنية الأساسية وتقديم الخدمات للمواطن والمقيم والحاج والمعتمر والزائر بسخاء لا محدود وعطاء من دون من. كما حرص - رحمه الله -، على ان تنجح هذه الخطط في إحداث تحول حقيقي في البنية الاقتصادية وتنويع القاعدة الإنتاجية. وكان يؤكد في كل لقاء ومقابلة - رحمه الله - ان تركز هذه الخطط على بناء وتطوير المواطن وتحسين البيئة التي يعيش فيها لما يخدم تطور الموارد البشرية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وما نشهده حالياً من مكتسبات وطنية وتطور في جميع المجالات والرخاء والأمن هو دليل واضح وملموس على ما قام به من أعمال ستسطر في سجله الحافل بالمنجزات التنموية، فكان عهده الميمون زاهراً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والإنجازات الحضارية والتنموية التي تحققت لكل مناطق السعودية وفي جميع المجالات خير شاهد على هذه الأسطر. وما زلنا نختزل في الذاكرة الإنجازات الكبيرة التي تحققت على يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، الذي كانت له اليد الطولى في تسارع التنمية، حتى أصبحت بلادنا تضاهي دول العالم الأكثر تطوراً، ولم تنس هذه الخطط التنموية، قطاع البريد الذي وصل إلى كل مدينة وقرية وهجرة، ليستفيد منه المواطن والمقيم وليتواصل به الحاج والمعتمر، حرصاً منه - رحمه الله - ان تصل الخدمات التنموية كافة لكل مواطن، مهما كان موقعه أو مقر إقامته. ولن تفي هذه الكلمات الفقيد الغالي حقه بما يليق بمقامه الكبير وما يتناسب مع عطاءاته اللامحدودة في كل الميادين. فقد كان رجل دولة من الطراز الأول، إذ أسهم بما أوتي - رحمه الله - من حنكة سياسية نادرة ومتميزة في أن يحافظ الوطن العربي على جغرافيته السياسية، بعيداً من عبث العابثين وحقد الحاقدين، وان يتحرك العالم اجمع لحل قضايا الضعفاء والمظلومين بدل ان تترك ليطويها النسيان وتكون واقعاً غير عادل، وان يضع السعودية في مصاف الدول المهمة التي لها تأثير كبير في الرخاء والأمن الإقليمي والدولي، ولقد قام الملك فهد - رحمه الله - ببناء المواطن السعودي بناء متكاملاً. ولن نستطيع تعداد مآثره الجليلة وأعمال البر والإحسان التي ارتبطت باسمه - رحمه الله - في ميادين الخير كافة التي تخطت حدود الجغرافيا وستبقى في سطور التاريخ. نسأل الله جل وعلا أن يغفر لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وان يسكنه فسيح جناته، وان يلهم الأسرة المالكة والشعب السعودي وعموم المسلمين الصبر والسلوان، وان يجزيه عنا وعن المسلمين في كل مكان خير الجزاء، وان يبارك في خلفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية - حفظه الله - ونصره، الذي كان ولياً للعهد قوياً أميناً، اثبت للعالم اجمع حنكته الفطرية وحكمته البالغة ووضوحه، فهو والد الصغير وأخ الكبير وصديق الجميع، ناصراً للمظلوم، مدافعاً عن الحق، جعله الله ذخراً للبلاد والعباد وزاده هدى وتوفيقاً وصلاحاً، وان يوفق ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ? حفظه الله وأيده.