ريم زهرة فواحة تملأ أركان منزلها بشذى الطفولة وعبير البراءة، ترتسم على محياها ابتسامة رقيقة شفافة، تعكس ما في داخلها من طيبة وحب لمن حولها، قدرها أن تكون من أطفال"متلازمة داون"، في حين أعطاها حب الناس من حولها الثقة بالنفس. احتوتها والدتها سعاد المنصور، وأعطتها الكثير من وقتها. لم تقتصر رعايتها على ريم فقط، بل وهبت حياتها لأقرانها وعاهدت نفسها على أن تعين هذه الفئة، وذلك عن طريق إنشاء"المركز الوطني للتدخل المبكر لمتلازمة داون". هنا مقابلة مع مديرة المركز سعاد المنصور: هل يمكننا القول إن قدوم ريم للحياة غير مجرى حياتك؟ - قدوم ابنتي ريم لم بالرفض أو النبذ لها، بالعكس تقبلتها كما هي، وأحبها زوجي وتكيف معها إخوتها. كنت أنا وزوجي نكثر اللعب مع ريم، وأعطيناها الكثير من وقتنا بكل سرور. نشعر بالفرح عندما نراها تتقدم تدريجاً للأمام. وبعد ولادة ريم بأربعة اشهر لجأت إلى جمعية النهضة النسائية التي أنشأت أول مركز لأطفال متلازمة داون، وسجلتها في قسم العلاج الطبيعي كان يضم 20 طفلاً، واستفادت ريم من الخدمات التعليمية المقدمة لها من الجمعية، ولإصراري على معرفة كل الجوانب الخاصة بحياة تلك الفئة عملت مساعدة مدربه في جمعية النهضة، لأكون قريبة من ابنتي ولأكتسب الخبرة والمهارة وفن التعامل مع أطفال متلازمة داون، إضافة إلى المشاركة في دورات تدريبية للتعامل مع تلك الفئة. كيف جاءت فكرة إنشاء المركز، ومن ساعد في ذلك؟ - بعد بلوغ ريم الرابعة من عمرها جهزت في قبو منزلي فصلاً يحتوي على وسائل التعليم والأجهزة اللازمة، انضم إليه ستة أطفال من"جمعية النهضة"وكنت أتولى تعليمهم بنفسي في هذا المكان الذي يعتبر النواة الأولى للمركز. وكان من بين هؤلاء الأطفال حفيد رجل أعمال تبرع بفيلا كبيرة وأمر بترميمها وتجهيزها على أتم وجه لتكون مقر المركز، وبعد وفاته قرر الورثة جعلها وقفاً. وهكذا أصبح لدينا مركز متكامل الخدمات أطلقنا عليه اسم"المركز الوطني للتدخل المبكر". كم عدد الأطفال والمعلمات في المركز؟ - عدد الأطفال في البداية كان 13طفلاً مابين ولد وبنت، والآن أصبحوا 33 طفلاً موزعين على فصلين، ولدينا معلمتان ومساعدتان لهما، إضافة إلى فصل العلاج الطبيعي. ما أهداف المركز؟ - يهدف المركز إلى مساعدة الأهل في تنمية قدرات أطفال المتلازمة، ونشر الوعي حول المتلازمة، إضافة إلى تعزيز وتشجيع دمجهم في المجتمع. وماذا عن الخدمات التي يقدمها المركز؟ - من خدمات المركز تدريب الأسر على تقبل أوضاع أبنائهم، ومواجهة حاجاتهم بتلبيتها، وتنمية قدراتهم، وفتح قنوات بينهم وبين المجتمع لتعريفه بحاجات هذه الفئة وحقوقها كجزء من المجتمع. هل تجدين دعماً من الدولة ومن أصحاب القلوب الرحيمة؟ - إنشاء المركز تكفلت به مجموعة من أهل الخير، فضلاً عن إسهامات أولياء الأمور المقتدرين في كفالة غير المقتدرين، أي ان المركز شبه خيري وغير ربحي، لذلك لم أتقدم بطلب مساعدة من الدولة. هل من نصائح تقدمينها لأولياء الأمور لتنمية قدرات أبنائهم؟ - الإيمان بإرادة الله أولى الوسائل التي تساعد الأسرة على تجاوز هذه المرحلة الصعبة، لتبدأ مرحلة تربية الطفل وتوفير الرعاية السليمة له عن طريق البدء معه في سن باكرة. فالتدخل المبكر وتدريب الطفل من خلال المدرسة والأنشطة المصاحبة والحنان والقبول تساعده على تنمية مهاراته الاجتماعية والعاطفية واللغوية. هذا النوع من الإعاقة يحتاج إلى التشجيع لتكوين علاقات اجتماعية مع أطفال العائلة أو المدرسة. أيضاً أنصح الأهل بالبحث عن المعلومات الصحيحة الدقيقة، وأن تتحدث الأسرة مع أسرة أخرى لديها طفل مصاب بالحالة نفسها لتتبادلا بعض الخبرات. "متلازمة داون" لا تعني المرض "متلازمة داون" لا تعني أن أصحابها مرضى، بل إنهم ولدوا بصفات تختلف عن صفات الأشخاص العاديين، وتلازمهم مدى الحياة، وكان يطلق عليهم خطأً اسم"المنغوليين". يمتاز أصحاب هذه الفئة بضيق أو انحراف خارجي في العين، أو بوجود غشاء صغير يغطي الزاوية الداخلية للعين، وتكون أنوفهم صغيرة، وفيها تفلطح بسيط بسبب هبوط في عظم الأنف العلوي، كما يمتازون بفم صغير، وهم قصار القامة مع صغر اليد وامتلائها، وقصر الأصابع وضعف وليونة العضلات. وكلمة"داون"تعود إلى اسم الطبيب البريطاني الذي وصف ولاحظ تلك الصفات للمرة الأولى عام 1866، واسمه جون لانغدون داون. ويؤكد اختصاصي طب الأطفال الدكتور عبدالله محمد الصبي أن تطور الرعاية الصحية أدى إلى انخفاض نسبة وفيات هذه الفئة. ويقول في كتابه"متلازمة داون":"لوحظ في الماضي ان وفيات الأطفال المصابين بمتلازمة داون تحدث في عمر مبكر، والقليل منهم يصل إلى مرحلة الشيخوخة. و مع تطور الرعاية الصحية أمكن زيادة اعمار هؤلاء الأطفال، ومع ذلك فما زال لدى هؤلاء الأطفال نسبة وفيات أعلى من أقرانهم في المرحلة العمرية نفسها". ويذكر الصبي"ان أسباب الوفيات متعددة، وبعضها غير معروف، ومن أهمها عيوب القلب الخلقية وعيوب الجهاز التنفسي وإمراضه وتكرار الالتهابات البكتيرية والفيروسية، وكذلك الإصابة بفقدان الذاكرة والشيخوخة المبكرة، وهو ما يسمى بمرض"الزهايمر".