حدد البرلمان العراقي أمس الخامس عشر من تشرين الأول اكتوبر المقبل، موعداً للاستفتاء على الدستور الدائم الذي لا يزال موضع خلاف، وسط مقاطعة سنّية قد لا تطول، وتجاذب سياسي وطائفي، توّجه تأكيد وزير الخارجية هوشيار زيباري ان لجنة صوغ الدستور ستواصل عملها رغم تجميد السنّة عضويتهم فيها. جاء ذلك في وقت حصد مسلسل العنف حوالي خمسين ضحية، بينهم أربعون بانفجار شاحنة مفخخة في بغداد. راجع ص10 و11 وأقرت الجمعية الوطنية البرلمان أمس"مشروع قانون الاستفتاء على مسودة الدستور الدائم"، بعد تعديلات على بعض فقراته ومواده. وضم القانون"بعد اقراره"ست مواد، جاء في أولاها أن الاستفتاء على مسودة الدستور سيجرى في 15 تشرين الاول، فيما خصصت المادة الثالثة ل"أهلية التصويت"والشروط الواجب توافرها في الشخص المشارك في الاستفتاء، وبينها أن يكون عراقي الجنسية أو مشمولاً بالمادة 11 من قانون إدارة الدولة، وأن يكون تاريخ ميلاده 31 كانون الأول ديسمبر 1987 أو قبل ذلك، ومسجلاً وفقاً للأنظمة الصادرة عن المفوضية العليا للانتخابات. ومنحت المادة ذاتها الحق للمفوضية في"اعتماد المستندات الثبوتية للعراقي وفقاً لأحكام المادة الثالثة"، أما المادة الرابعة فعدت الاستفتاء ناجحاً ومسودة الدستور مصادقاً عليها، عند موافقة أكثرية الناخبين في العراق، وفي حال"لم يرفضها ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو اكثر". وأشارت المادة الخامسة إلى ان السؤال في استمارة الاستفتاء يكون على كامل المسودة مرة واحدة، وبالعبارة الآتية:"هل توافق على مسودة الدستور"على ان تكون الاجابة ب"نعم"أو"لا". وشددت المادة على أن الاستفتاء يكون بالتصويت"العام السري والمباشر". وفي حين قال قياديون في"الحزب الاسلامي العراقي"الذي علّق مشاركته في لجنة الصياغة، ان السنّة قد يعودون عن قرارهم اليوم، بعد تلقيهم ضمانات في شأن مطالبهم من الرئيس العراقي جلال طالباني، هدد أعضاء من كتلة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي بالانسحاب من اللجنة تأييداً للأعضاء السنّة. وانتقد عضو الكتلة عدنان الجنابي الطريقة التي تعاملت بها اللجنة مع قرار الأعضاء السنّة تجميد عضويتهم. وأضاف:"مواصلة مشاركتنا في اللجنة رهن بحصولنا على توضيحات طالبنا بها". وأشار الى تصريحات لرئيس اللجنة همام حمودي، عن أن مسودة الدستور ستنجز في غضون ايام، وقال:"انها مسودة لم نستشر في شأنها ولا نعلم مَن كتبها وكيف". وصرح نائب رئيس"الحزب الاسلامي العراقي"، عضو اللجنة الدستورية اياد السامرائي الى"الحياة"بأن"هناك مخاوف سنّية من تمرير مسودة الدستور عبر الجمعية الوطنية، خصوصاً أن لجنة ال55 المنبثقة عن البرلمان لم تأخذ بتحفظات السنّة وقدمت المسودة لقراءتها داخل الجمعية من دون التنسيق معنا". وشدد على ان مناطق العرب السنّة الموصل وتكريت والأنبار، لن تلجأ الى مقاطعة الاستفتاء على الدستور، بل قد تشارك في التصويت ضده إذا لم يلبِ مطالب السنّة. وكشف اتصالات تجريها أطراف بشخصيات سنّية في اللجنة، بهدف العودة عن قرار تجميد عضويتها. في غضون ذلك، اتهم القيادي في"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"بزعامة عبدالعزيز الحكيم علي العضاض، التيارات السنّية بمعاداة الحكم الفيديرالي في العراق. وقال ل"الحياة":"الأكراد يعلمون جيداً ان التيارات القومية السنّية تعارض الفيديرالية الكردية وهو أمر قد يقربهم من الشيعة، خصوصاّ أن التيارات القومية الشيعية باتت تؤمن بفكرة الفيديرالية، وتؤيد تطبيقها في المحافظات الجنوبية". لكنه اعتبر ان"المطالب الكردية الأخيرة أضحت خطيرة جداً، لأنها انتقلت من موضوع المشاركة وتعزيزها في السلطة الى موضوع السيادة الذي تمخض عنه تقديم خرائط جديدة لاقليم كردستان". ورأى ان"الباب مفتوح على مصراعيه للتحول الكردي من الفيديرالية الى الكونفيديرالية"، وكشف ان المطالب الكردية الأخيرة التي قدمت الى لجنة الدستور تضمنت المطالبة بإنشاء هيئات رسمية تعنى بحقوق اقليم كردستان وضمان تحقيقها. وزاد:"الأكراد يريدون السيادة الكاملة في اقليم كردستان، وحضوراً فعالاً في الحكومة المركزية في بغداد... يأكلون كعكة الفيديرالية بيد والمركزية بيد ثانية". على صعيد آخر، حذر زيباري من أي توغل عسكري تركي لملاحقة اعضاء"حزب العمال الكردستاني"في شمال العراق، وقال إن من شأن ذلك زعزعة استقرار البلاد. واضاف أن اعضاء الحزب موجودون في مناطق بعيدة عن سيطرة الحكومة المركزية والحكومة الكردية في الشمال، وأن القوات الأميركية قد تعتقلهم اذا تحركوا. وذكّر بأن على العراق التزام السيطرة على كل الجماعات المسلحة غير العراقية، ومنعها من ممارسة أي نشاط ضد الدول المجاورة. وشدد على أن العراق يرفض"أي تدخل عسكري اقليمي في شؤونه، سواء كان تركياً أو إيرانياً أو عربياً".