لم تفلح تحذيرات وزارة الصحة السعودية من إجراء الحجامة لدى محال الحلاقة أو في المراكز الطبية غير المرخص لها، في منع البعض من التوجه إلى تلك المحال، التي تمارس هذه الطريقة تحت مسميات أخرى مثل"التحاليل المخبرية". وتم أخيراً اكتشاف إصابات عدة بمرض نقص المناعة المكتسب"الإيدز"بعد ذهاب أصحابها إلى محال الحلاقة والمراكز الطبية التي تعالج بالحجامة. وأكد أحد الذين أصيبوا بالإيدز تحتفظ"الحياة"باسمه عن طريق محل للحلاقة في شارع الشميسي أن حلاقاً أجرى له الحجامة وبعد أشهر عدة أراد التبرع بالدم، فتلقى اتصالاً من أحد العاملين في مختبر الدم في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض يطلب منه مراجعة المختبر وإجراء بعض التحاليل، وعندها فوجئ بالخبر الذي نزل عليه كالصاعقة على حد قوله:"أخبرني المسؤول في المختبر أنني مصاب بمرض الإيدز، ويتوجب عليَّ إجراء تحاليل مشابهة لعينات الدم لبقية أفراد أسرتي، وعندها تبين سلامة زوجتي وحملها إضافة إلى ابنتي". وتساءل:"من المسؤول عن إصابتي، وترك محالّ الحلاقة تعالج باستخدام الحجامة". أما سالم عبدالله الذي أجرى الحجامة قبل أيام عدة في محل للحلاقة في شارع الشميسي يديره حلاق من أفريقيا، فأكد أن الحلاق أخرج دماً داكناً اللون من ظهره عبر أنابيب بلاستيكية ووضع الدم في كيس لم يعرف مصيره بعد ذلك. وأبدى مخاوفه من أن تكون تلك الكاسات والأنابيب البلاستيكية التي استخدمت في عملية الحجامة ملوثة. وفي جولة ل"الحياة"على عيادة شمال مدينة الرياض تقدم خدمة الحجامة، تبين أن العيادة أشبه بال"خمسة نجوم"، فبعد أن تستقبل الزائر فتاة توجهه إلى قسم يسمى"الطب البديل"، وهو اسم للتمويه عن النشاط الأساس وهو الحجامة والعلاج بالإبر الصينية، التي تمنعها وزارة الصحة إلا بعد أن يصدر تصريح مستوف للشروط الصحية كافة. وهناك يقابل الزائر شخصاً من الجنسية الصينية يقوم بالحجامة، ثم يدفع الزائر الرسوم المطلوبة وهي 100 ريال قيمة التحاليل و300 ريال قيمة الحجامة، وبعدها تصدر الفاتورة الرسمية تحت اسم"تحاليل مخبرية". ومن جانبه، أكد استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني في الرياض الدكتور عادل العثمان وجود مريض أشرف على علاجه بعد أصابته بمرض نقص المناعة المكتسبة"الإيدز"بسبب علاجه بالحجامة عند مراكز غير مرخص. وأوضح أن الحجامة بشكل غير صحي ونظامي تتسبب في عدد من الأمراض المعدية كالتهاب الكبد الوبائي، مشيراً إلى خطورة انتشار مثل هذا الطب الشعبي، خصوصاً عند فتح الجلد بمشرط غير معقم، إضافة إلى ترك الجرح ينزف دماً، فيتيح انتقال أمراض خطيرة يصعب معالجتها. وأضاف أن هناك عدداً من الجراثيم تكون مستقرة على الجلد، وما أن يتم فتح الجلد بمشرط حتى تدخل الجراثيم إلى داخل الجسم، وينتج منها مكورات عنقودية تتطور إلى التهاب وخراج، وفي حال عدم علاجها تؤدي إلى تسمم دموي. ومن جانب آخر، حذر أحد الاستشاريين في الأمراض المعدية رفض ذكر اسمه من الاعتماد على ما يسمى بالطب البديل، لأن الأساليب المتبعة في استخدام الطب البديل غير مدروسة وفائدتها غير مؤكدة علمياً بل قد تكون ضارة جداً. ونوه إلى عدم الانسياق وراء الدعايات البراقة والوعود الزائفة، إذ يدعي عدد من الذين يصفون أنفسهم بأطباء أو الاختصاصيين في الطب البديل بقدرتهم على شفاء أمراض عدة، بل أن بعضهم يدعي انه يشفي الأمراض جميعاً. وأشار إلى أن الطب البديل يقف عاجزاً أمام الطب الحديث، وأن الطب البديل ما هو إلا مجموعة من تراكم النظريات والاجتهادات غير العلمية، ومن الأجدى عدم اتباعه بأي شكل من الأشكال. مرغلاني : لا يوجد أي ترخيص للحجامة نفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المشرف العام على العلاقات والإعلام الصحي الدكتور خالد بن محمد مرغلاني إصدار أيّ ترخيص لمنشأة طبية لتقديم خدمة الحجامة، مؤكداً أن"أي مركز طبي أو عيادة تقوم بالحجامة تحت اسم الطب البديل أو أي تسميات أخرى تعد مخالفة للنظام وتعرض المركز في نهاية المطاف إلى الإغلاق والتبعات القانونية التي نص عليها النظام". وأضاف مرغلاني ل"الحياة"أن المقام السامي وجه وزارة الصحة ووزارة الشؤون البلدية بتشكيل لجنة مشتركة لدرس آلية إقرار الحجامة وفق ضوابط وشروط موحدة للمؤسسات الصحية تضمن تقديم هذه الخدمة بشكل سليم يراعي الأصول المتبعة في الممارسة الصحية السليمة. وحذر المواطنين والمقيمين من زيارة أي مركز صحي يقدم الحجامة أو مراجعة أحد محال الحلاقة المنتشرة، خصوصاً في شارع الشميسي، لاحتمال انتشار الأمراض المعدية الخطيرة التي تنتقل من طريق الدم مثل الإيدز والتهاب الكبد الوبائي وغيرهما. وشدّد على ضرورة التعاون مع الجهات المتخصصة والإبلاغ عن كل مركز أو محل حلاقة يقدم خدمة الحجامة لحماية المجتمع. ونوّه المرغلاني إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها دخلت مراحلها النهائية في رسم الخطوط العريضة لضوابط الحجامة وسيعلن عنها خلال الأشهر القليلة المقبلة. ما الحجامة؟ هي استخراج الدم الفاسد من الجسم وإعادة معدل الدم إلى نصابه الطبيعي عبر إحداث نوع من الاحتقان الدموي باستعمال كؤوس خاصة مصنوعة من الزجاج تعرف باسم"كاسات الهواء"، وتكون ذات بطن منتفخ وعنق متطاول قليلاً. وبعد أن يحرق المشرف على الحجامة قطعة من الورق ويضعها داخل الكأس يلصق الكأس بالجسم، ما يؤدي إلى حرق الهواء وإحداث انخفاض في الضغط فيمتص الجلد ويظهر الاحتقان الدموي الموضعي، بعدها يعمل الشخص الذي يقوم بالحجامة على تشطيب تلك المناطق المحتقنة من الجلد بطرف شفرة حادة. وتجرى الحجامة في 14 موضعاً، منها: أسفل الظهر، و"القفا"أسفل الرأس والكاحل والعصعص والزندان والساقان والعرقوبان والظهر.