اليوم وليس غداً سيتغير فيّ كل شيء، سيصبح لكل شيء عندي نظام وقوانين، فقد سئمت الفوضى التي تقتلع الأشجار، وتمحو المدن، وتقتل الناس، وتدمّر الحضارات. من هذا اليوم سأقرأ جميع الصحف التي تحبها سأبدأ من جديد وأغيّر نظامي واهتماماتي وهواياتي، فربما كتبت تاريخ حبٍ جديد على خارطة أرض المحبين. المهم ان أخرج بنتيجة عادلة في زمن قلّ فيه العدل وتوعكت فيه النتائج. اليوم سأزور الكلية التي تدرس فيها وألقي نظرة على الباب الذي تعودت أن تدخل منه وأتساءل: هل تكفي الأبواب لدخول الشمس والنوافذ لدخول الهواء؟ وأين يذهب الغبار وأنفاس الموجودين؟ والفضاء لا يتسع الا للطيور. اليوم سأطلب جميع الكتب التي قرأتها وبحثت فيها علني أخرج باختراعٍ جديد يزيح عن كواهلنا التبعية ويفتح أبواباً للأمال الباحثة عن نفسها أو دراسة نظرية تزرع السلام حول الغلاف الجوي للأرض حتى يغسل الخوف الذي بعثر الأمن هنا وهناك. اليوم سأنشئ متحفاً خاصاً بي وأطلق عليه اسمها ليكون فيه شيء من عطرها، من أوراقها، من دفاترها، من بحوثها، من مذكراتها في الجامعة أو على الأقل شيء من ثرى الأرض التي مشت عليها ومن الحقول التي قطفت منها ازهار الحزن وورود الثلج وأناشيد الألم ومن الصحراء التي حولتها الى واحات بشرية ليس فيها قطرة ماء أو شجرة تكتب الحب علناً على أوراقها. اليوم سأخصص مكاناً لها في مكتبتي يحمل اسمها وفيه: عناوينها البريدية... وأسماء صديقاتها وعناوينهن... وكل شيء يذكّرني بها وسأزور المواقع التي تحبها وتعودت أن تزورها، فقد أقرأ قصيدة لم تكتب بعد أو قصة قصيرة لم تسافر بعد الى غدران المواجع أو كلمة لم تسمع بالكذب في زمن غادره الصدق. اليوم سيتغيّر كل شيء وسأقول لها ومن دون خجل أو تردد أنت حبيبتي، والعمر الذي لم يولد بعد أنت الأمل الذي ترعرع وولد مع طقس الضمائر الملتحفة برداء النوم الطويل. أنت عزيزتي شخص آخر، ولد على مسرح المستقبل ينتظر دوره ولكن لم يحن بعد.