كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر من منتصف ليل الجمعة والسبت، حين أُبلغ الصحافيون عن حملة دهم واسعة ستنفذها قوات الأمن داخل ستة أحياء سكنية، وسط مدينة جدة وجنوبها، ومعظمها أحياء شعبية، وهي: الرويس، والشرفية، والكندرة، والسبيل، والكرنتينة، والبلد. حملة الدهم، التي نفذتها قوات الأمن وصفت بأنها"واسعة وشاملة"واستمرت نحو ست ساعات وامتدت حتى ساعات الصباح الأولى، أسفرت عن توقيف وضبط الآتي: 300 من العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة في البلاد خصوصاً من الجنسيتين الإفريقية والأندونيسية، ومعامل لتصنيع الخمور والذهب المغشوش والمواد الغذائية التالفة غير القابلة للاستهلاك البشري، وشبكات تدير تشغيل خادمات المنازل، وكشف بيوت ل"الدعارة"ضبط فيها أكثر من 60 إمرأة ورجل في خلوات غير شرعية، إضافة إلى أدوات سحر وشعوذة وطلاسم. وشاركت في حملة الدهم قوات من الشرطة، والدوريات الأمنية، والجوازات، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بقيادة مدير شرطة جدة العميد مسفر الزحامي، ومدير المباحث الجنائية العقيد محمد المقاطي. ووقفت"الحياة"شاهد عيان على بدء التخطيط للحملة، حيث وضح أنه تم التخطيط لها مسبقاً، من خلال المتابعة والرصد المستمرين للحركة غير الطبيعية لتلك الأحياء بالتعاون مع"العمد"فيها، ما يعزز أنها واحدة من برامج تمشيط طويلة، تقودها الأجهزة الأمنية بمشاركة الجهات الرسمية ذات العلاقة، وأخرى قصيرة من أجل ضبط الحركة داخل البلاد. وتنفذ الأجهزة الأمنية في جدة منذ فترة حملات دهم واسعة، تركز على تنظيف الأحياء الشعبية من المخالفين والمتجاوزين، كونها المكان الذي يعتقده المخالفون والمتخلفون بأنه آمن وبعيد عن عيون رجال الأمن. عمدة حي الرويس ل "الحياة": تقارير دورية للحد من الجريمة يعتبر حي الرويس أحد أقدم الأحياء في جدة، ويتجاوز عمره ال300 عام، ويبلغ عدد سكانه حالياً نحو 50 ألف نسمة. ويقول عمدة الحي طلال عبدالعزيز عمرو في حديث ل"الحياة": تقول المراجع التاريخية إنه كان عبارة عن قرية صغيرة يقطنها البحارة، إلا أن التطور الذي شهدته السعودية، ومنها محافظة جدة شمل جميع الأحياء، وتحولت القرية بعد أن أصبح موقعها الجغرافي في وسط المحافظة، إلى حي سكني. ويضيف عمرو"لدينا تقارير ترفع بشكل دوري عن الحي للجهات المختصة، تشتمل على معلومات عن أوضاع الحي، والسكان حيث يتم تسجيل بيانات كاملة عن قاطني الحي وجنسياتهم". وأشار إلى دور الجهات الأمينة في حملات الدهم التي تنفذها دورياً. وقال إن ملاك المنازل التي ضبطت فيها عمالة مخالفة بعد أن سلمت لهم سيتم استدعاءهم، وأخذ التعهدات اللازمة عليهم لمراجعة الجهات الأمنية للتحقيق معهم، وتطبيق الأنظمة في حقهم. الكشف عن مصنع ل "الذهب المغشوش" في "الكندرة" دهمت قوات الأمن مصنعاً للذهب المغشوش في حي الكندرة. وتبين أن المصنع تديره عمالة آسيوية وتتخذ من منزل شعبي مقراً لها، تم تقسيمه إلى وحدات عدة. والمصنع هو عبارة عن معمل خاص مزود بأجهزة عدة ذات تقنية عالية لطلاء بعض الإكسسوارات النسائية بمادة الذهب المغشوش، وآلات أخرى لتجفيف هذا الطلاء. وبحسب إفادات استجواب العمالة تباع هذه الإكسسوارات في أسواق عدة على أنها"حلي ذهبية". وآخر ل "تصنيع الخمور" لم تكن مفاجئة أن تضبط قوات الأمن في حملات الدهم صباح أمس، منزلاً متخصصاً في تصنيع للخمور في الحي نفسه وتديره عماله إفريقية. وعثرت قوات الأمن داخل المنزل على عدد كبير من الغالونات المليئة بالخمور المعدة للتوزيع. وبحسب إفادات العمالة الإفريقية فإن المصنع يعمل منذ فترة غير قصيرة، ويتردد عليه الكثير من العمالة الإفريقية بغرض الشراء والتوزيع. دراجات نارية للسرقة والخطف عثرت قوات الأمن داخل أحد"أحواش"المنازل على عدد كبير من الدراجات النارية"الموتوسايكل"و"الدبابات"، كما جرت العادة على تسميتها. والمثير في عملية الضبط، أن رجال الأمن فوجئوا لدى اقترابهم من"الدبابات"انطلاق صافرات إنذار عند لمسها، وأتضح فيما بعد أنها تستخدم في عمليات السرقة والخطف. أدوات سحر وشعوذة وطلاسم شارك أفراد من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عملية الدهم، لاستثمار خبراتهم وقدراتهم في التعرف على بعض الأنشطة غير المشروعة، خصوصاً في ما يتعلق بأدوات السحر والشعوذة، حيث تمكنوا من التعرف عليها بهدف إبطال مفعولها. وبالفعل، ضبطت العديد من أدوات السحر والشعوذة، ووجد داخلها على أوراق وطلاسم وعظام، وعلى خصال شعر كانت معقودة بخيوط داخل قطع من الجلد. وأوكار ل "" خلوات غير شرعية" أكثر من 10 منازل في حملات الدهم، ضبط فيها الكثير من النساء والرجال في خلوات غير شرعية، وغالبيتها من الجنسية الأندونيسية، ومعظمها من المخالفة لنظام الإقامة والعمل. وأثبتت التحقيقات أن عدداً من المضبوطين يديرون شبكات عدة لتشغيل الخادمات بطريقة غير نظامية، ومعظمهن من الهاربات من منازل كفلائهن السعوديين. ولم تخل عملية دهم هذه المنازل من حوادث طريفة، في مقدمها محاولات الفرار من خلال الأسطح والشبابيك، فيما استسلم عدد منهم للأمر الواقع، وحاول بعضهم بطريقة كوميدية تقديم وجبات الأكل والفواكه إلى رجال الأمن.