كل أمة تفخر بتاريخها وكل الشعوب تباهي بزعمائها، وللمملكة تاريخ إسلامي مشرق حافل بالبطولات مليء بالصور المشرقة ينهل منه الطلاب والطالبات دروساً في البناء والعظة ونماذج في القدوة والمثل. ومن الصور المشرقة والنماذج المضيئة لتاريخنا الوطني ما يقصه التاريخ عن مؤسسي الدولة السعودية وعن بناة مجدها وصناع تاريخها، فذلكم الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ثاني ملوك الدولة السعودية الأولى والمتوفى سنة 1218ه، تقول سيرته التي يقرأها الطلاب والطالبات إن الرجل كان كثير الخوف من الله والذكر له والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان يرعى العلم والعلماء ويهتم بالتعليم حتى أن الصبيان من أهل الدرعية إذا خرجوا من عند المعلم يصعدون إليه بألواحهم ويعرضون عليه خطوطهم فمن تحسن خطه منهم أعطاه جزيلاً وأعطى الباقين دونه، وكان يدفع الأموال لتفريقها على طلبة العلم وحملة القرآن والمعلمين. يقول أحد كتابه:"إنه أتاه ذات يوم 25 حملاً من الريالات ومر عليها وهي مطروحة فنخسها بسيفه وقال:"اللهم سلطني عليها ولا تسلطها علي"، ثم بدأ في تفريقها". وقد ساد الأمن في عهده وروت الكتب صوراً تحكي واقع الأمن في المملكة الذي هو أجل النعم وأثمنها، ومن تلك الصور ما روي من أن مجموعة من سُرّاقْ الأعراب وجدوا عنزاً ضالة في رمال"نفود السر"المعروفة في نجد وهم جياع فقال بعضهم لبعض لينزل أحدكم على هذه العنز فيذبحها لنا لنأكلها فكل منهم يقول لصاحبه انزل إليها فلم يستطع أحد منهم النزول خوفاً من العاقبة على الفاعل، فألحوا على رجل منهم فقال والله لا أنزل إليها إن عبدالعزيز يرعاها، فتركوها وهم في أشد الحاجة إليها. وعرضت الكتب قصة وفاته - رحمه الله - فقد توفي كما تُوفي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث قُتل في المسجد وهو ساجد أثناء صلاة العصر كما قُتل عمر بن الخطاب وهو يصلي صلاة الفجر، إذ وصل إلى الدرعية رجل في صورة درويش كما وصل أبو لؤلؤة المجوسي إلى المدينةالمنورة في زمن عمر وادعى بأنه مهاجر وأظهر التمسك بالطاعة وتعلم شيئاً من القرآن فأكرمه الإمام عبدالعزيز وأعطاه وطلب من يعلمه أركان الإسلام، وبينما كان يصلي أسرع إليه هذا الدرويش بخنجر طعنه به في خاصرته وتُوفي على إثرها - رحمه الله - كما تُوفي من قبله عمر بن الخطاب بالصورة نفسها. هذه هي النماذج التي يقرأها ويتعلمها أبناؤنا الطلاب والطالبات عن ملوكهم: إنفاق على التعليم، وعناية بالعلم والمعلمين، وأمن تسعد به بلادهم منذ قرون، ومعاناة مع البغاة والإرهاب منذ أمد. وإذا وجد البُغاة والإرهاب فلا يعني ذلك اتهام فكر الأمة ومناهجها. * عضو مجلس الشورى السعودي.