نشرت "الحياة" في الصفحة المحلية الاثنين 2-3-1426ه العدد 15350، تقريراً حول شكوى المعلمين من مواجهة طلاسم الطلاب في دفاترهم وأوراق إجاباتهم، ويشيعون الخط العربي إلى مثواه الأخير، وأعتقد أن التقنية الحديثة المتمثلة في ظهور البرامج والأجهزة المتطورة وآلات الطباعة، وأشرطة التغذية الراجعة الفيديو، والأقراص الممغنطة CD والكومبيوتر، والقطع البلاستيكية المفرغة الشبرونات، والنماذج المطبوعة المحبرة والتي لا تحتاج إلا إلى الضغط عليها لتثبيت الحروف على الروق، وورق الكربون والشفافيات، كل ذلك ساعد على دق آخر مسامير نعش الخط العربي. وما أسهم في اتساع الرقعة على الراتق - إن صح هذا التعبير ? وأسهم أيضاً في تشييع جنازة الخط العربي هو إسناد التدريس الصفوف المبكرة في المرحلة الابتدائية لمعلمين، غالبيتهم لا يحسن الخط العربي، فالتلميذ يفتح عينيه على خط رديء وهو يقلد معلميه، وفاقد الشيء لا يعطيه. بل إن ما يكتبه بعضهم يكاد لا يدركه المثقف الواعي، وما زاد الطين بلة عدم اهتمام بقية المعلمين في غالبية المواد في هذه الصفوف وفي غيرها العليا من المرحلة نفسها بعد إجادة تلاميذهم الخط من عدمه. ولا أثر لأي اهتمام بهم بعد أن يجتازوا المرحلة. إلا ما ندر وعبر حصة النشاط إن وجد بين معلمي التربية الفنية من يهتم بهذا الجانب، وكذلك عدم الاهتمام بالدورات التي تقيمها إدارات التعليم، التي قد لا يعبأ بها كثير من الآباء ويعتبرها بعضهم مضيعة لأوقات أبنائهم، وإلى الآن لم أسمع شيئاً يؤكد وجود بارقة أمل للاهتمام بالخط العربي لدى البنات. قد يفز الخط العربي ويفك أربطة نعشه قبل أن يدفن، إذا ما كنا جادين حقاً في استمرار جيلنا والأجيال المقبلة الاهتمام به، ونقوم بإجراء التنفس الاصطناعي وما يلزم عملية الانعاش بإسناد تدريس الصفوف المبكرة وتدريس مادة الخط العربي لمعلمين خطوطهم جميلة، ويكونون قد اجتازوا دورات في هذا المجال، واحتساب درجات للطلاب من جميع المعلمين في المواد والمراحل كافة كما كنا في السابق، على جمال الخط ونظافة الورقة وسلامتها من الأخطاء. ولا بد من إقامة مزيد من الدورات المسائية للطلاب والمعلمين رديئي الخط، خصوصاً المعلمين، لأثرهم المباشر على طلبتهم في مجال تحسين الخط العربي لهم، والتوسع في فتح معاهد أو مراكز لتدريس الخط العربي، يكمل بعدها الملتحق دراساته العليا في هذا المجال، والتخفيف من الاعتماد على وسائل التقنية الحديثة في الإعلانات واللافتات إلا ما تحتاج إليه الأعمال المتكررة والتي تتطلب عدداً كبيراً من النسخ. إن جمال الخط العربي من مفاتيح الرزق، يفتح أبواباً للخير كثيرة، وصاحب الخط ذو مزاج راقٍ ونظر صافٍ وتهذيب عال ونفْس رفرافة وروح متزنة وذوق رفيع. تجده يهوى الكتابة ويعشق الناظر إلى ما يكتب ولا يمل النظر فيه، كيف لا، والله جميل يحب الجمال، وجمال الخط كما قيل قرين بجمال الروح. عدنان أحمد كيفي أستاذ الخط العربي في الحرم المكي الشريف سابقاً