أكد عدد من العقاريين والأكاديميين المتخصصين في قطاع العمارة والتخطيط ضرورة تحديد مرجعية ثابتة لأنظمة التخطيط العقاري، خصوصاً في ظل انتشار المخططات العقارية التي تسعى إلى تسويق مخططاتها بشكل سريع وربح كبير، من دون النظر إلى أهمية مراعاة الشروط والضوابط اللازمة لعملية التخطيط . ولأهمية الموضوع وضرورة الاطلاع على آراء العقاريين والأكاديميين قال رجل العقار الدكتور بندر بن سعيدان إن عدم وجود ثوابت واضحة عند تخطيط الأراضي يرجع إلى أن الجهات المسؤولة عن التخطيط هي المناط بها وضع الشروط والضوابط اللازمة لعملية التخطيط، وبالتالي فإن المطلوب من جهات الاختصاص إعطاء هذا الأمر أولوية قصوى في الوقت الراهن، خصوصاً ونحن نشهد نهضة عمرانية شاملة في جميع أنحاء السعودية والتي تحظى العاصمة الرياض بالنصيب الأكبر من هذه النهضة، وذلك رغبة في المحافظة على الشكل المطلوب وفي الخروج من العشوائية التي تشوه منظر المدينة. ولفت إلى أن من مبادئ التخطيط انماطاً عدة ولكن المشكلة أنه لا يوجد نمط موحد للمدينة ويعتمد ذلك على رأي بعض مهندسي لجنة التخطيط فقط، فإذا تغير أحد المهندسين في اللجنة فقد يقنع اللجنة بنمط مختلف فيبدأ النقاش من جديد، والموضوع ليس قصوراً في النظام ولا تحايل عقاريين، ولكن يمكن حل هذه المشكلة بإيجاد أو اختيار نمط معين للمدينة، فمدننا الحديثة حائرة بين هويات مدن العالم، فلم تحافظ على نمط المدينة العربية الأصيلة ولم تستطع التوصل إلى نمط خاص يلائم البيئة المناخية والاجتماعية للسكان. وذكر أن اتجاه البعض إلى إقحام أشكال تخطيطية غير ملائمة بغرض فرض أسعار معينة لا تتناسب وأسعار المنطقة أو الأحياء المجاورة، لم يصل إلى درجة الظاهرة، ولا أدري هل المقصود رفع الأسعار أو تخفيضها؟ فإذا كان المقصود رفع الأسعار فإن عرض وطلب وكل شخص يختار الذي يناسبه حتى وإن كان سعره مرتفعاً، أما إذا كنت تقصد تخفيض الأسعار فهذا في مصلحة المواطن، فكما ذكرت لك سابقاً. من جهته، قال رجل العقار مدير التسويق في مجموعة الرويس للعقارات أحمد الحذيفي أنه ليست جميع المخططات بهذه الظاهرة، ولكن هناك بعض المستثمرين للمخطط يعتمدون إلى الغموض ويكون الأهم هو الربح بعد البيع، وهذا ما نلاحظه في المساهمات الجديدة في طريقة التسويق للمساهمة وإعلان نسبة الربح من دون تحديد تصفية المساهمة. ولفت إلى أنه إذا كانت هناك إجتهادات إيجابية فهذا يخدم المخطط والمدينة بشكل عام، أما الاجتهادات السلبية فإنها ستؤثر في المخطط والمستثمر، أما الأنظمة فهي ليست بشكل كاف إذ ليس هناك متابعة من الجهات المسؤولة، أما تحايل العقاريين فيكون بنسبة ضئيلة من التحايل، فليس هناك من هو غشيم كي يفرض عليه سعر خيالي فغالبية الناس أصبحوا يتاجرون في العقار، وهذا أكسبهم خبرة في سعر البيع والشراء. وأكد أن هذه الظاهرة سلبية وهي تؤثر أولاً في المالك والمطور، فهناك مكاتب هندسية غير مؤهلة أو تنعدم فيها الخبرة الكافية، وهذا نلاحظه في تخطيط الشوارع الداخلية وفرض السعر فهو يؤثر أولاً في المساهم ونلاحظه في الأحياء والمساهمات المتعثرة بسبب الأسعار الخيالية الذي يستفيد منها المالك للأرض بطرق متعددة، وهذا يؤثر في حركة البناء وحركة البيع وهذا ما نلاحظه من هروب المشتري إلى الأحياء البعيدة. وطريقة التغلب على هذه الظاهرة يكون عن طريق المنافسة من منافس لتخطيط أراض مجاورة بإسلوب متميز وبأسعار منافسة والتغلب عليها بمتابعة أمانات المدن واللجان العقارية. وتمنى الحذيفي من الجهات المسؤولة مراقبة تخطيط الأراضي وأن يكون هناك دراسة ميدانية للأحياء والمساهمات المتعثرة، وتكون الموافقة على المخططات الجديدة بعد دراسة على موقع الأرض وتخطيطها بما يناسب الأحياء المجاورة التي تفتقد إلى الخدمات مثل المدارس والمرافق الصحية والحدائق واعتماد مساحات قطع أراض بما يناسب موقع المخطط وجميع الفئات وخصوصاً الشباب، وكذلك تشريع قانون على طريقة تقسيط الأراضي. ويرى رجل العقار والمدير العام لمؤسسة الخليل للاستثمار العقارية محمد بن سعيد الخليل أن تخطيط الأراضي يختلف من شخص لآخر، فهناك من يعمل بأمانة وهناك من يعمل لأهداف تجارية، إضافة إلى أن العاملين في هذه المخططات هم شركات ومقاولون وبالتالي يتم تسلم تلك المخططات من دون معرفة بما قامت عليه هذه المخططات، خصوصاً أن إعتماد المخططات يتم وفق تنافس المقاولين ويخضع للعملية التجارية من ربح وخسارة. ولفت الخليل إلى أن تنفيذ كثير من المخططات يتم من طريق موافقة أمانة المدينة التي يقع فيها المخطط، وبذلك ليس هناك اختلاف حيث إن النسبة واحدة ولا يكون هناك اختلاف إلا في المخططات السكنية والاستراحات فقط. وأوضح الخليل أن اختلاف أسعار بعض المخططات بعضها عن بعض يخضع لموقع المخطط، وكذلك التطوير الجيد والمتكامل بكل الخدمات، ويرجع ذلك كله إلى اتجاه وأفكار العقاري صاحب المخطط المعد للاستثمار أو المساهمة. ولفت إلى أن المخططات العقارية تخضع جميعها لإشراف الأمانة حيث هي التي تعتمد تنفيذها ولا يتم تسلم أي مخطط إلا بعد تطويره بحسب المواصفات الموجودة لدى الأمانة، وذلك عكس السابق الذي كانت الدولة هي التي تعمل على تطوير المخطط من حيث تقطيع المخطط إلى قطع سكنية أو تجارية ومن دون خدمات. أما الآن فأصبح النظام مختلفاً وأفضل من السابق حيث يلزم مخطط الأرض بإيصال جميع الخدمات إلى العقار المطور. وأوضح الخليل أن الوقت الحاضر أفضل من الماضي من حيث تخطيط وتطوير الأراضي العقارية، ما أخرج لنا مخططات راقية تشتمل على جميع الخدمات بعكس الفترة الماضية التي كانت تركز فقط على تجزئة المخطط إلى قطع فقط وطرحها للبيع. من جهة أخرى، يرى عضو هيئة التدريس في كلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود الدكتور غازي بن سعيد العباس أن تحديد الثوابت اللازمة لكل مخطط أمر ليس بالبسيط فهذه عملية معقدة تحتاج منا إلى تحديد مرجعية واضحة لتحديد هذه الثوابت، فما المقصود هنا بالثوابت؟ هل هي مثلاً عدم فصل حركة المشاة عن المركبات أم توفير الأمن وتحديد التدرج الهرمي للحركة؟ وهناك معايير كثيرة لتحديد جودة الشوارع وأعتقد أنه مع عدم وجود رخصة كالكود مثلاً وأنظمة تخطيطية واضحة بعد هذا التعاون في عدم توافر ما يسمى بالثوابت في المخططات إن صح التعبير. وأوضح أن إختلاف الأنماط داخل المدينة الواحدة يشترك فيه الأنظمة والعقاريون فقصور الأنظمة اللازمة لتحديد وحماية الثوابت ساعد العقاريين على التلاعب بضبط الثوابت وبالتالي تكثر الاجتهادات، لعدم اختيار المصمم المناسب والبحث عن المكاتب التخطيطية الرخيصة يظهر هذا التفاوت، وكل هذا اجتمع مع ضعف الأجهزة الإدارية المرجعية. ويرى أن ما قامت به أمانة مدينة الرياض من تكوين لجنة لمراجعة المشاريع التخطيطية والمشاريع المعمارية الكبيرة لهو خطوة جيدة للبحث عن جودة عالية في مستوى المخططات المقدمة، حيث أنه يشارك في هذه اللجان نخبة من المخططين والأكاديميين وعلى رغم تذمر بعض الجهات من هذه اللجنة إلا أنني أعتقد أنها ستسهم في رفع كفاءة المخططات الجديدة، وهناك تلمس لنتائج هذه اللجنة وإني أدعو الأمانات والبلديات كافة في كل مناطق السعودية إلى الاستفادة من تجربة أمانة مدينة الرياض. وعن إقحام أشكال تخطيطية غير ملائمة في المخططات العقارية ذكر أنه كما يقولون:"ما يصح إلا الصحيح"حيث إن هذه الأساليب لم تعد مجدية مع التنافس الكبير من العقارين لتقديم الأفضل كما أن تطور ثقافة المجتمع تلعب دوراً كبيراً في الحد من هذا التلاعب إلا أن بعض هذه الحلول قد يكون ذات جودة عالية وأعطت تميزاً لهذا الحي، ولا يعني أن هذه أشكال فقط فقد يكون هناك منهجية صحيحة وتقديم بدائل تخطيطية صائبة أسهمت في رفع جودة المخطط، وبالتالي سعر المخطط، وقد لمس العقاريون هذا فأصبحوا يبحثون عن المخطط الكفء الذي يقدم أفكاراً وحلولاً تخطيطية مناسبة وتحمل كثيراً من الثوابت اللازمة التي سبق أن ذكرتها. وأكد أن مبدأ الرقابة أمر إلزامي يجب على الجهات الرقابية تطوير كوادرها للتعامل الجيد مع متطلبات العصر والنهوض بمستوى المخططات خصوصاً، وعليه يندرج ضرورة إعادة النظر في الكثير من الأنظمة سواء الإشرافية أو التشريعية وبخاصة تحديد ثوابت المخططات وتقديم أساليب وتقنيين يُساعد على الإبداع، وفي الوقت نفسه يحفظ بالضوابط المهمة التي من شأنها الحفاظ على سلامة وأمن مستثمري المخطط . تطوير الأنظمة التي تتعلق بالتخطيط للتخطيط الحضري أنماط عدة تعتمد على البيئة والمناخ والشكل الاجتماعي المطلوب للتعايش معه، فالحي السكني يعتبر هو المسكن الكبير الذي يضم مجموعة من الأسر التي يجب أن تتفاعل مع بعضها البعض في التعليم والترفيه والعمل، وغير ذلك من صور الحياة، فإن لم يكن كذلك فلا يعتبر حياً بل ميَتاً. ويطالب العقاريون منذ مدة بضرورة تطوير الأنظمة كافة التي تتعلق بالتخطيط والبناء لأن بعضها لا يتماشى والتطور الذي شهدته السعودية في الميادين كافة، وبالطبع فإن الأنظمة الإشرافية والرقابية وتصاريح التخطيط تحتاج إلى إعادة والتحديث لتواكب متطلبات المدينة العصرية التي ننشدها ونطمح إليها.