مرض السل مرض بكتيري معد، وفي الخمسينات ظهرت مضادات حيوية فعالة ادت الى انخفاض اعداد الدرن بنسبة 75 في المئة، وتوقع مسؤولو الصحة العامة ان الدرن سيستأصل من الولاياتالمتحدة بحلول عام 2010، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ ان المرض ازداد انتشاراً في الدول النامية نتيجة الازدحام وسوء التغذية وسوء التهوية وإدمان الخمور، وكذلك العدوى نتيجة لتدخين النارجيلة او الاختلاط بمرضى الدرن، وكذلك في حالات نقص المناعة نتيجة للسكر والادوية المثبطة للمناعة مثل الكورتيزون، وانتشر المرض في الدول المتقدمة نتيجة انتشار مرض نقص المناعة المكتسب الايدز. والسل مرض شديد العدوى ينتقل اساساً عندما يطرد مريض في طور نشاط المرض البكتيريا من رئتيه عن طريق السعال ومن ثم يستنشق الآخرون الرذاذ الصادر من رئتيه محملاً بالعدوى، فينتقل إلى رئة من يستنشق الرذاذ وتبدأ في التكاثر، ويحدث ان ينتشر عن طريق الدم ليصيب الجهاز العصبي ممثلاً في المخ والعمود الفقري. وتتلخص اعراض المرض في ثلاثة اعراض هي: اولاً: اعراض عامة مثل السعال المزعج من الارهاق والهزال وفقدان الوزن وفقدان الشهية والحمى المستمرة ذات الدرجة الدنيا والعرق اثناء الليل واحياناً البلغم المصحوب بالدم. ثانياً: اصابة انسجة المخ والمخيخ تؤدي الى حدوث التهاب سحائي درني وكذلك الى حدوث اعراض ارتفاع في ضغط المخ مثل الصداع والقيء وزغللة العين، وقد يؤدي الى حدوث تشنجات، وفي حالات اخرى قد يؤدي الى اعراض عصبية جزئية مثل شلل نصفي واختلال في المشي والحركة أو حدوث بعض المضاعفات مثل استسقاء بطيئات المخ. والدرن قد يؤدي إلى حدوث خراج في المخ، أو إلى إصابة فردية في المخ، أو إصابات متعددة ما يجعل التشخيص يتداخل مع أمراض أخرى مثل الأورام الثانوية أو الاروام الليمفاوية أو الالتهاب الميكروبي. ثالثاً: التهابات درنية في العمود الفقري، وتنتشر غالباً في منطقة التقاء الفقرات الظهرية والفقرات القطنية واحياناً تحدث في الفقرات العنقية، وتؤدي إلى حدوث أعراض عامة مصحوبة باعراض أخرى، مثل: ألم شديد في الفقرات، وانقباض في العضلات، وضعف في الساقين، وقد يؤدي إلى حدوث شلل وتنميل في الساقين. وبالنسبة لطرق التشخيص لمرض السل لا بد من إجراء تحاليل معملية وأهمها هو ارتفاع في سرعة الترسيب، واختبار الدرن الجلدي، وعمل أشعة عادية على الصدر، ويمكن أن تكشف عند الندبات في الرئة، والعقد الليمفاوية في الصدر، إضافة إلى اخذ عينات البلغم لفحصها ومعرفة وجود بكتيريا السل من عدمه، فإذا ظهرت فهذا يعني إصابة بعدوى نشطة قد تؤدي إلى نقل العدوى للآخرين، كما يتم عمل أشعة عادية على الفقرات وتوضح تآكل في الفقرات مع حدوث انحناء في العمود الفقري، وأشعة مقطعية في الكومبيوتر على المخ، وأشعة رنين مغناطيسي على العمود الفقري، وهي توضح وجود التهاب درني يضغط على النخاع الشوكي وأشعة رنين مغناطيسي على المخ وتوضح مدى انتشار الدرن في المخ. وبالنسبة للعلاج يوجد أولاً علاج طبي بالمضادات الحيوية ويشمل علاجاً طبياً لمدة شهرين بأربعة عقاقير ثم يستمر العلاج لمدة سبعة أشهر بثلاثة عقاقير أخرى حتى يكتمل الشفاء. والتدخل الجراحي لحالات الدرن في العمود الفقري أو المخ في حالات عدم الاستجابة للعلاج وفي حالات ظهور أعراض عصبية شديدة مثل الشلل في الساقين. وقد أثبتت الدراسات الحديثة في جراحات العمود الفقري التي طبقت في العديد من الجراحات حدوث التئام في زراعة العظام في الفقرات وكذلك عمليات تثبيت العمود الفقري باستخدام الشرائح والمسامير. وفي النهاية، لا بد من إيضاح أن الوقاية خير من العلاج، وان علاج مرض الدرن يحتاج إلى تعاون المريض والأهل والطبيب، وكذلك الوعي الطبي لدى المجتمع. خالد عابدين - الرياض استشاري جراحة المخ والأعصاب