تنصرف الرؤية في التشريعات والقوانين الجديدة في المجال الاقتصادي التي أصدرتها السعودية في الفترة الماضية الى مجموعة من الأمور، في مقدمها تهيئة المناخ المناسب لجلب الاستثمار في المشاريع العملاقة، إضافة إلى الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وجاء تقرير منتدى الريادة العالمي الذي اختار مدينة الجبيل الصناعية ضمن أكثر ثلاث مدن رائدة في العالم في مجال الاقتصاد والتوظيف ليؤكد صواب الاهتمام بالبنية التحتية للصناعة المستقبلية في السعودية، إذ تم اختيار الجبيل لإنجازاتها الصناعية الضخمة التي حولتها من قرية صغيرة لصيد السمك واللؤلؤ إلى واحدة من أهم مراكز الصناعة في العالم، كما أنها فازت مطلع العام الحالي بجائرة أفضل مدينة جاذبة للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط ضمن مسابقة ضمت أكثر من 40 مدينة. وفي هذا المجال يؤكد المسئولون ان الاهتمام بالصناعة جزء أساسي من بناء استراتيجية البلاد، وتهيئة الظروف المواتية لها من الدعامات الاقتصادية التي تهدف إلى تنوع مصادر الدخل، ويركز الصناعيون في المملكة مطالبهم في هذا الجانب على ضرورة تهيئة أراضي المدن الصناعية، لتكون جاهزة لاستقبال المستثمرين وإنشاء المصانع. وأكد رئيس اللجنة الصناعية في مجلس الغرف السعودية سعد المعجل ل"الحياة"أن استثمار بليوني ريال لتهيئة الأراضي الصناعية في السعودية سيخلق استثمارات تتجاوز 100 بليون ريال وستخلق آلاف الوظائف للشباب السعودي. وأشار إلى أن تهيئة الأراضي الصناعية سيجعل من السعودية بلداً جالباً للاستثمارات، وسيفتح المجال أمام المستثمرين السعوديين إلى إعادة رؤوس أموالهم التي في الخارج لاستثمارها في الداخل. وأوضح أن الفرص الاستثمارية موجودة إلى أنها بحاجة إلى تهيئة البنية التحتية والأرضية المناسبة لها. وأشار إلى أهمية ما تشكله مدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان من ثقل اقتصادي باعتبارهما تحتويان على المقومات المطلوبة لخلق قدرة صناعية رائدة على مستوى العالم. ويوافق هذا التوجه ما أعلنه رئيس الهيئة العامة للاستثمار عمرو الدباغ أخيراً من ان السعودية تهدف إلى أن تصبح من بين أفضل عشر دول في العالم جذباً للاستثمارات بنهاية العقد الحالي. وقد استطاعت المملكة أن تقفز 29 مركزاً لتصل إلى المرتبة 38 في تقرير للبنك الدولي عن ترتيب الدول على أساس القدرة على المنافسة في جذب الاستثمارات لتتقدم على جميع الدول العربية. وتظهر أرقام هيئة الاستثمار زيادة كبيرة تبلغ 46 مثلاً في قيمة تراخيص الاستثمار الممنوحة في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالفترة المقابلة من عام 2004، لتصل قيمتها إلى 41 بليون ريال 11 بليون دولار بفضل مشروع رئيسي في مجال تكرير النفط والبتروكيماويات. وتمثل جهود الهيئة لتهيئة الفرص الاستثمارية حلقة من مساع أوسع نطاقاً لتحرير اقتصاد السعودية التي تسعى للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بنهاية العام الحالي بعد محادثات استغرقت أكثر من عشر سنوات. وقال المعجل إن الحاجة إلى الاهتمام بالصناعيين السعوديين سيدفعه إلى المزيد من الاستثمار، خصوصاً أن رأس المال السعودي متوافر ويصدر للخارج، وانه يرى أهمية كبيرة في توجيه الأموال السعودية إلى فرص الاستثمار داخل المملكة. وفي مجال التوسع في المدن الصناعية، أشار إلى أنه توجه نحو جعل الجبيل الصناعية بمشروعها الجديد الجبيل 2 مدينة لصناعة الطاقة بعدما كانت مدينة للبتروكيماويات، وتستهدف المشاريع التي تطرحها هيئة الاستثمار قطاع الطاقة بما في ذلك المشاريع المرتبطة بصناعة النفط مثل البتروكيماويات واللدائن، إضافة إلى مشاريع شديدة الاستهلاك للطاقة مثل المعادن، وتحاول المملكة تطوير احتياطيات ل"البوكسيت"و"الفوسفات"لصناعة الألومنيوم والأسمدة. وتعرض حوافز على الشركات المستعدة لإقامة مشاريع في مناطق أقل تطوراً في البلاد، وقد تشمل هذه الحوافز إعفاءات ضريبية أو المرونة فيما يتعلق بسعودة الوظائف. ويؤكد المعجل ان التوجه لدعم الصناعة بحاجة إلى دعم من نوع آخر، عبر تشكيل وزارة مستقلة بالصناعة تطلع بمسؤولية نمو هذا الجانب وتركيزه وتذليل الصعاب أمام الصناعيين، والمستثمرين الراغبين في إنشاء صناعة داخل السعودية.