البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    ماجد الجبيلي يحتفل بزفافه في أجواء مبهجة وحضور مميز من الأهل والأصدقاء    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    قرارات «استثنائية» لقمة غير عادية    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    رينارد: سنقاتل من أجل المولد.. وغياب الدوسري مؤثر    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    على يد ترمب.. أمريكا عاصمة العملات المشفرة الجديدة    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    رقمنة الثقافة    الوطن    الشركة السعودية للكهرباء توقّع مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل في مجال الطاقة المتجددة والتعاون الإقليمي في مؤتمر COP29    محترفات التنس عندنا في الرياض!    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    صحة العالم تُناقش في المملكة    المالكي مديرا للحسابات المستقلة    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    أسرة العيسائي تحتفل بزفاف فهد ونوف    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 تصل إلى لبنان    أكبر مبنى على شكل دجاجة.. رقم قياسي جديد    استعادة التنوع الأحيائي    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    لاعبو الأندية السعودية يهيمنون على الأفضلية القارية    «جان باترسون» رئيسة قطاع الرياضة في نيوم ل(البلاد): فخورة بعودة الفرج للأخضر.. ونسعى للصعود ل «روشن»    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أجواء شتوية    المنتخب يخسر الفرج    رينارد: سنقاتل لنضمن التأهل    ترامب يختار مديرة للمخابرات الوطنية ومدعيا عاما    قراءة في نظام الطوارئ الجديد    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    «الشرقية تبدع» و«إثراء» يستطلعان تحديات عصر الرقمنة    «الحصن» تحدي السينمائيين..    الرياض .. قفزات في مشاركة القوى العاملة    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    التقنيات المالية ودورها في تشكيل الاقتصاد الرقمي    السيادة الرقمية وحجب حسابات التواصل    العريفي تشهد اجتماع لجنة رياضة المرأة الخليجية    الذاكرة.. وحاسة الشم    السعودية تواصل جهودها لتنمية قطاع المياه واستدامته محلياً ودولياً    أمير المدينة يتفقد محافظتي ينبع والحناكية    وزير الداخلية يرعى الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    محافظ الطائف يرأس إجتماع المجلس المحلي للتنمية والتطوير    نائب أمير جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكيل جامعة الملك سعود سابقاً وعضو مجلس الشورى الدكتور فالح الفالح : الفكر الإداري السائد في أكثر مرافق الدولة هو المركزية المفرطة
نشر في الحياة يوم 03 - 10 - 2005


ما أجمل أن تكون سيرتك الذاتية مليئة بالإنجازات!
وما أجمل أن تكون لك بصمة في أكثر من مجال!
وما أجمل أن تسجل نجاحات للوطن باسمك!
في ضيافة الدكتور فالح الفالح، الأكاديمي المعروف، عميد كلية الطب ووكيل جامعة الملك سعود سابقاً، عضو مجلس الشورى حالياً، نعيش وإياكم معه محطات حياته... نتلمس رؤيته حول كثير من الأمور، ونسمع شهادته التي اختص بها "الحياة".
طفولتك وشبابك... ما أبرز ملامحها؟
- نشأت حتى نهاية السنة الرابعة الابتدائية في قرية الخبراء، وهي من قرى القصيم الصغيرة الهادئة، وبعدها نزحت العائلة إلى الرياض حينما كانت قرية كبيرة في أوائل الخمسينيات الميلادية، ولأن البساطة المفرطة في الحياة كانت سمة غالبة في ذلك الوقت فقد كانت طفولتي تبعاً لهذا بسيطة... مماثلة لعشرات الأطفال حولي في القرية... أدوات ألعابنا بدائية وأحلامنا تعكس المشاهدات البسيطة حولنا، ينتهي العالم بالنسبة إلينا في سور القرية إلا أنها وبالنظر إلى الوراء كانت سعيدة من دون أي تحديات وصعوبات تذكر أو طموحات كبير.
ولعل الانتقال إلى الرياض في ذلك الوقت كان الحدث الأكبر في حياتي، إذ بدأ التفاعل مع العالم الخارجي ومع الأحداث القريبة والبعيدة خصوصاً أحداث سنة 56 ميلادية في مصر وما سمي بالعدوان الثلاثي وما بعده من أحداث، وقد قادني شغفي بالقراءة إلى الاهتمام بالسياسة في العالم العربي والعالم وكانت صحافة مصر ولبنان وكتبهما مصدر الاطلاع كما أن أحداث العالم العربي المتعاقبة في الستينات كانت هي المسيطرة على ذهنيتي السياسية في ذلك الوقت إلى جانب اهتمامي الأول بالدراسة.
جمال عبدالناصر أسهم في بعثتك إلى ألمانيا... هل لك أن تحكي لنا تلك القصة؟
- كان عدد طلاب مدرسة اليمامة الثانوية في التوجيهي نحو 24 طالباً مع عدد بسيط من معهد العاصمة وهؤلاء هم جميع خريجي الثانوية في منطقة الرياض في بداية الستينات وكنت قد كتبت رغبتي في استمارة التوجيهي أن أدرس الهندسة، وكانت مثل هذه التخصصات يبعث الراغبون فيها إلى مصر لعدم وجود هذه التخصصات في جامعة الملك سعود، التي تم افتتاحها في تلك المرحلة, لكن العلاقات بين مصر الناصرية والملك سعود رحمه الله في ذلك الوقت غيرت مسار البعثات وللمرة الأولى إلى ألمانيا وايطاليا وفرنسا وأميركا.
وأعتقد شخصياً أن تغيير مسارات البعثات منذ ذلك الوقت إلى الغرب كان من أهم الأحداث التي أسهمت لاحقاً في تغير نمط التنمية في السعودية بعد عودة هؤلاء المبتعثين في مختلف التخصصات وبعد احتكاكهم المباشر بالحضارة الغربية، فقد أخذوا علومهم وثقافتهم مباشرة من هذه الدول من دون الوسيط العربي سواء في مصر أو لبنان.
الصدمة الحضارية
ابن القصيم البسيط... كيف اندمجت في تفاصيل الحياة الألمانية؟
- عشت ما يسمى بالصدمة الحضارية آنذاك, فقد خرجت أنا وجميع زملائي في ذلك الوقت من مجتمع بسيط قليل الموارد... أدواته المدنية تكاد تكون بدائية... فبيوتنا لم يدخلها الكهرباء أو الماء أو الهاتف... ركبت الطائرة ولبست البنطلون للمرة الأولى في حياتي، انتقلت من بيئة صحراوية صرفة إلى بيئة باردة ممطرة في الصيف مثلجة في الشتاء, أنهار عظيمة وغابات خضراء على مد البصر... رأيت وللمرة الأولى تساقط أوراق الخريف وتغير أوراق الشجر الجميلة بألوانها المختلفة، وقبل ذلك كنت أقرأ هذا فقط في الروايات.
انتقلت إلى مجتمع متعدد الأعراق مختلط في معهد غوته الشهير لدراسة اللغة الألمانية، وكان علينا إعادة التوجيهي وطبعاً في الجامعة وفي المستشفى... إلا أن محصلة هذا التفاعل الحضاري مع هذا المجتمع علي وعلى زملائي الذين عاشوا 14 سنة على الأقل كانت في مجملها ايجابية.
الابتعاث هو أفضل وسيلة لالتقاء الحضارات ومزج الخبرات... ما رأيك؟
- في ذلك الوقت لم يكن أمام الدولة إلا خيار الابتعاث لعدم توافر التخصصات العلمية والطبية بل وبعض التخصصات النظرية والدراسات العليا، وكان هذا الخيار يعكس بُعد النظر لدى وزير المعارف آنذاك الملك فهد بن عبدالعزيز، وبعده الشيخ حسن آل الشيخ رحمهما الله. ولعله من المفيد أن نتذكر أن اليابان والصين وكوريا ما زالت بعثاتها إلى الغرب متوالية وتعد من أكثر الدول ابتعاثاً على رغم تطورها وتقدمها, بل أن من لديه تجربة دراسة خارج ألمانيا يفضل على غيره في الجامعات المانية في الوقت الحاضر، ولهذا فإني أتمنى أن تزيد وتيرة البعثات وخصوصاً مرحلة ما بعد الجامعة، وايجاد خيار يسمح فيه للطالب الجامعي بقضاء بعض من مواد الدراسة في جامعات خارجية وأن تقتصر البعثات على المميزين من شبابنا.
يقولون إن المرأة أفضل من الرجل في دراسة الطب، وتتفوق عليه ولكن الرجل أفضل في الناحية العملية وأكثر جرأة وطموحاً... ما رأيك؟
- بحكم تجربتي على مدى 30 عاماً في كلية الطب في جامعة الملك سعود، أشهد بتفوق بناتنا في دراسة الطب وجديتهن وحرصهن، أما بعد التخرج فإن عوامل أخرى مثل الزواج والانجاب وصعوبة حركة المرأة وكثير من الضغوط والمسؤوليات الاجتماعية تعد في نظري التحديات الأبرز التي قد تحول دون تفوقهم على الرجال في هذه المهنة. وهذه الظاهرة ليست وقفاً علينا، فهي موجودة في المجتمعات الغربية، فنسبة الرجال في التخصصات المختلفة تظهر غلبة الرجل.
عصر"الطفرة"
هل تشعر بأننا استثمرنا"الطفرة"كما يجب أم أننا الآن نعض أصابع الندم؟
- لا شك في أن البلد استفاد كثيراً من تلك"الطفرة"في بناء كثير من البنى التحتية الخدمية، لكننا أغفلنا الاهتمام بالجانب البشري وظهرت فجوة واضحة بين الانجازات المادية والبناء الذهني للإنسان، ويشمل هذا الاهتمام بالتعليم الكيفي والتربية والفكر والبحث العلمي وتأسيس تقاليد علمية وأكاديمية في مراكزنا الفكرية وبناء إدارة مرنة وحديثة، كما أننا لم ننجح كثيراً في إدارة فترة الانحسار واستمررنا ندير كثيراً من مرافقنا على حسب إدارة الأزمات سواء كنا في"الطفرة"أو في فترة الانحسار.
الإنفاق على مجال الصحة هائل، ولكن المواطن ما زال يشتكي سوء خدمة الصحة... ما تفسيرك لذلك؟
- في البداية الإنفاق على القطاع الصحي يعتبر جيداً قياساً على ما ينفق على الصحة من الناتج القومي فهو يتراوح في الأدبيات الاقتصادية بين 6 و8 في المئة، لكن دعني أؤكد حقيقة معروفة في اقتصاديات الصحة أن المال وحده ليس العامل الوحيد لنجاح الخدمة الصحية فالولايات المتحدة لديها أعلى انفاق من الناتج القومي وهو حوالي 15 في المئة ومع هذا ينظر للنظام الصحي الأميركي على أنه أسوء الأنظمة الصحية في الغرب وجميع مؤشراته الحيوية تأتي في ذيل قائمة الدول الصناعية على رغم انجازاته العلمية الباهرة، أما الدول الاسكندنافية فتنفق حوالى 6 في المئة من ناتجها القومي على الصحة لكن مؤشراتها الحيوية الصحية هي الأعلى في العالم.
على أنه من الجدير بالذكر أن غياب التنسيق بين القطاعات الصحية العاملة في السعودية قد قلل فعالية هذا الإنفاق.
مشكلاتنا الإدارية
نحن أكثر دولة تصدر أنظمة وقرارات، ولكنها لا ترى النور... ما الذي ينقص تفعيل القرار لدينا؟
- لست متأكداً، أننا أكثر دولة تصدر أنظمة، ولكن عدم تفعيل الأنظمة راجع في معظمه إلى غياب المتابعة والمحاسبة المؤسساتية الدورية للجهاز التنفيذي، والدليل على هذا أن هناك أنظمة صدرت ولم تنفذ أو أن تنفيذها جاء متأخراً. الجهاز التنفيذي لم يكلف نفسه إصدار لوائح تنفيذية على رغم أن النظام ينص على إصدار مثل هذه اللوائح خلال ثلاثة أشهر.
الإدارة الصحية في المملكة تفتقر إلى الرؤية وتخضع للمتغيرات باستمرار... ما تعليقكم؟
- مع احترامي وتقديري لكل الوزراء الذين تعاقبوا على هذا المرفق، وأعتقد أن كل منهم لم يقصر في اجتهاده الشخصي، إلا أن الإشكالية نتجت أن كل وزير يأتي برؤية شخصية حول النظام الصحي في المملكة ويحاول بحسن نية تطبيق هذه الرؤية وفي الغالبية أنها تختلف تماماً عن رؤية الوزير الذي سبقه بل وأحياناً تتعارض معها، وهذا يقود مع الوقت إلى عدم تراكم الخبرة الصحيحة في هذا القطاع، ما نتج منه نظام صحي مجزء يفتقر في معظمه إلى الدراسة العلمية الميدانية الصحيحة التي تخلق ثوابت لهذا النظام ولا تتأثر بتغيير المسؤول الأول في الوزارة.
إن المسؤول في وزارة الصحة وربما في غيرها من الوزارات الخدمية يتحول مع الوقت إلى رجل مطافئ ليخمد الحرائق الموجودة في ثنايا وزارته والحرائق التي تواجهه من وزارة المال وديوان الخدمة المدنية وحاجات المواطن المتعاظمة.
نعم، نظامنا الصحي تعدى 50 سنة في تطبيقه، لكن إلى الآن ما زال يخضع للرؤية الشخصية للمسؤول الأول الذي نحوله مع الوقت إلى مرجعية فكرية لهذا النظام وليس انعكاساً لرؤية عليا تتعدى الأشخاص وتعمل من خلال رؤى عليا ثابتة تتجدد من طريق البحث العلمي وحاجات البلد وقدراته والاهتداء بتجارب الغير، ولعل صدور النظام الصحي الجديد والذي صدر قبل ثلاث سنوات وما فيه من رؤى واضحة والتزام الدولة بمضامينه يغير شيئاً من الأمر.
أليست مراكز الرعاية الصحية الأولية مظلومة ومكروهة من كل الأطراف، من مرضى وأطباء وإداريين؟
- فكرة مراكز الرعاية الصحية الأولية فكرة رائدة وجيدة من ناحية المبدأ، وهناك دول كثيرة في العالم متقدمة ونامية طبقتها بنجاح، وحينما بدئ في إنشاء هذه المراكز في السعودية كانت في بداياتها واعدة، وما زال جزءاً من عملها الأساسي وتطبيق نظام التحصين ناجحاً، بل ربما يعتبر أنجح ما تقدمه وزارة الصحة من خدمات إذا أخذنا الأمر في تأثيره في حماية المواطنين من الأمراض السبع المعدية التي يغطيها هذا النظام.
إن المشكلة برزت حينما تم تهميش هذه المراكز إدارياً ومالياً وبشرياً فأكثرها في مبان مستأجرة وطاقم العاملين في هذه المراكز لا يحصلون على التدريب والحوافز المناسبة، ولعل المشروع الجديد لبناء مراكز صحية جديدة يعيد الحياة إلى فكرة الرعاية الصحية الأولية، ومن المهم التأكيد أن حوالى 80 في المئة من الأمراض يمكن التعامل معها في المراكز الصحية الأولية إذا أحسن تجهيزها وإدارتها وخلق علاقة سلسة مع الرعاية الصحية الثانية والثالثة.
التأمين الطبي
التأمين الطبي قادر على منح رعاية طبية مميزة لكنه محتاج إلى فتوى شرعية ليقتنع العامة به...؟
- صدرت فتوى شرعية من هيئة كبار العلماء حول جواز نظام التأمين التعاوني وعلى أساس هذه الفتوى صدر النظام الصحي التعاوني، أما أن يكون التأمين هو الحل الوحيد لإيجاد خدمات ناجحة فهذا يعتمد على إيجاد صيغة مقبولة لهذا النوع من التأمين تختلف عن التأمين الخاص، ولهذا فشلت بعض الدول في تجربة التأمين الصحي حينما لم توفر لها الأرضية الادارية والفنية والرقابية والقضائية الصحيحة وهو ما أخشى أن نقع فيه.
نظام الضمان الصحي ولد مكبلاً... ما رأيك؟
- فكرة الضمان الصحي جيدة وصحيحة وضرورية وجاءت بعد دراسات عميقة، لكننا - وبكل أسف - نكبل أنظمتنا حينما لا نهيئ لها الظروف والبيئة الضروري لإنجاحها مثل وجود شركات تأمين معتمدة متخصصة, وقبول الهيئة القضائية التعامل مع مشكلات التأمين ووجود جهاز رقابي مرن للتعامل مع مشكلات التأمين, ثم القدرة بعد ذلك على تصحيح بعضاً من مشكلات هذا النظام عند التطبيق وبطريقة مرنة وسريعة.
هل تؤيد وجود إدارة متخصصة لعقاب المقصرين من الأطباء، إذ البعض طالب بمحاكم متخصصة لأخطاء الأطباء...؟
- أولاً- هناك هيئة طبية صحية شرعية تحكم في أخطاء الأطباء، وهي تزاول عملها منذ أكثر من 40 عاماً، وكان أول رئيس لها الشيخ محمد بن جبير رحمه الله رئيس مجلس الشورى سابقاً.
ثانياً- هناك نظام مزاولة المهن الصحية وقد نوقش في مجلس الشورى، وينتظر خروجه من مجلس الوزراء قريباً وفيه من الإجراءات والضوابط ما يكفي لمعاقبة المخالفين من الممارسين الصحيين في كل التخصصات الطبية والصحية، الا أن الأمر يحتاج إلى تطوير الجهات التنفيذية مثل إدارات الرخص الطبية في مديريات الشؤون الصحية المعنية بتطبيق هذه الأنظمة، ولعل في إشراك الجمعيات الطبية وممثلي القطاع الصحي في الغرف التجارية حلاً لبعض ما تواجهه هذه الإدارات من صعوبات في تقويم الأداء والرقابة في المؤسسات الصحية.
كليات الطب
القبول في كلية الطب ب"القطارة"رغم حاجتنا الماسة لأكثر من 50 ألف طبيب! هل تحظى كليات الطب بدلال مستحق... وماذا ينقصها؟
- الحديث عن القبول في كليات الطب وعلاقته بنقص القوى العاملة الصحية حديث شائك وذو شجون ويجب أن ينظر الانسان إلى القضية بجميع أبعادها و مستوياتها وأهمية كل بعد، مثل القدرة الاستيعابية لكل كلية، بناءً على الامكانات المالية والبشرية والمختبرات والأسرة ومقارنة كل ذلك بالمستويات العالمية المعروفة.
فإلى وقت قريب لم يكن في السعودية إلا أربع كليات طب بقيت على امكاناتها نفسها منذ الثمانينات، مع إلزامها بزيادة القبول الى أكثر من 100 في المئة، ثم أخيراً وبعد تأخير شديد افتتحت ست كليات طب جديدة في خلال الأربع سنوات الأخيرة بامكانات شحيحة وبقوانين بيروقراطية متجذرة وأصبح كل عميد كلية طبية جديدة مطلوباً منه أن يعيد اختراع العجلة بدلاً من البناء على التجارب السابقة.
نعم نسبة الأطباء السعوديين في القطاع الصحي لا تزيد على 20 في المئة في الوقت الحاضر، ولكي تحقق معدلات زيادة معقولة تتناسب مع الزيادة السكانية على وزارة المال أن تغير نظرتها إلى التعليم الطبي ومتطلباته وألا يكون موظفو الموازنة في المالية هم المرجعية في تحديد احتياجات التعليم الطبي، مثل عدد الأساتذة وعدد المرضى لكل طالب, وعدد المختبرات إلخ...
لا تبحثوا عن حل لمشكلة نقص الكوادر الصحية عند عمداء كليات الطب بل الحل عند مسؤولي الموازنة في وزارة المالية ومديري الجامعات ووزير التعليم العالي.
المستشفيات التابعة للجامعات أليست بحاجة الى استقلالية في التعامل ومرونة في الاجراءات؟
- منذ إنشاء أول مستشفى جامعي في المملكة وهو مستشفى الملك خالد الجامعي وادارة كلية الطب تصارع لايجاد موازنة مستقلة لهذا الصرح الذي تمثل عمالته نحو 40 في المئة من عمالة الجامعة، إلا أن الادارات المتوسطة في الجامعة مثل ادارة شؤون الموظفين والإدارة المالية وبعض من مسؤولي الجامعة ظلوا طوال هذه السنوات العشرين الماضية ضد هذا التوجه لأسباب غير منطقية وغير عملية، استمراراً للفكر الاداري السائد في أكثر مرافق الدولة وهو المركزية المفرطة و"التكويش"على صنع القرار في أعلى السلم الإداري والإيحاء بأن الإدارة العليا في القطاع هي التي تقدر المصلحة العامة فقط وهي الأمينة عليها. لقد حان الوقت لاستقلال المستشفيات الجامعية عن الادارة المركزية للجامعة.
رواتب الأطباء
رواتب الأطباء محلك سر، لماذا؟
- ليست القضية فقط في تجمد الكادر الصحي لسنين طويلة، وكذلك كادر أعضاء هيئة التدريس وبينهم الأطباء، ولكن في تعدد الكوادر في المرافق الحكومية، فهناك الكادر الصحي في وزارة الصحة وبعض من المرافق الصحية الحكومية الأخرى، وكادر أعضاء هيئة التدريس الأطباء والاثنان أقل الكوادر مالياً، ثم كوادر المستشفيات الحكومية التي تدار ادارة ذاتية وهي"التخصصي"و"الحرس الوطني"ومستشفيات وزارة الدفاع، وبعض من هذه الكوادر تصل رواتبها الى ضعفين أو ثلاثة أضعاف الكادر الأول، رغم أن الأطباء يحملون المؤهلات نفسها. ولا أحصي شخصياً اللجان التي كونت منذ الثمانينات حتى الآن لإيجاد ضوابط لتوحيد رواتب هذه الكوادر من دون التوصل إلى نتيجة.
وفي رأيي أن احد الأسباب الرئيسة لتدني خدماتنا الصحية في العشر سنوات الأخيرة هو شعور قطاع كبير من الأطباء والممارسين الصحيين الآخرين بالاحباط وذلك لعدم ظهور حل حاسم لهذه القضية وهو الذي دفع كثيراً من الأطباء العاملين في المرافق الحكومية إلى العمل في القطاع الخاص خارج أوقات دوامهم الرسمي.
وما رأيك في خفض مكافأة طبيب الامتياز؟
- التخفيض ليس فقط عن الأطباء بل عن جميع خريجي الكليات الصحية، في رأيي قرار غير موفق وتوقيته خاطئ ومسبباته غير منطقية وعلى الجهة التي أوصت بهذا أن تراجع نفسها، خصوصاً بعد قرار الملك عبدالله زيادة رواتب موظفي الدولة .
البحث العلمي في الطب هل يجد الدعم الكافي أم أنكم تتسولون الجهات المعنية؟
- كانت مراكز الأبحاث في كليات الطب، إلى مرحلة معينة، تشكو من قلة الدعم المالي وبيروقراطيته، أما الآن فإنها تشكو من انشغال أعضاء هيئة التدريس بالعمل الخاص من أجل تغطية متطلبات حياتهم بعد عودتهم من بعثاتهم! البحث العلمي في الطب وغيره يحتاج إلى بيئة علمية حقيقية لكي يتطور وهو أمر لم تصل إليه مؤسساتنا العلمية إلى الآن.
كيف تنظر إلى تقاعد عضو هيئة التدريس في كلية الطب؟
- أعتقد أن وزارة التعليم العالي ونظامها والجامعات وإجراءاتها الادخارية لم تنجح في إيجاد العلاقة الحسنة مع عضو هيئه التدريس المتقاعد ولم توجد الإجراءات المتحضرة للتعامل مع هذا الأستاذ ويغلب على الإجراءات التعامل بأساليب بيروقراطية.
مجلس الشورى
أنت من أوائل الأعضاء في مجلس الشورى واستمرت فترتك في المجلس ثلاث دورات بمجموع 12 سنة... ما أبرز ما خرجت به من تلك التجربة؟
- أعتز شخصياً بتجربتي في مجلس الشورى وشاركت مع زملائي في الدورات الثلاث في تأسيس وتأطير أسلوب العمل في هذه المؤسسة المهمة، منذ أن كان عددنا 60 حتى وصلنا إلى 120 وأهم ما خرجت به بعد 12 عاماً ما يأتي:
أهمية وجدوى إتاحة الفرصة لكل الآراء أن تأخذ طريقها في المجلس ولجانه بحرية ونقبل ونحترم الرأي الآخر حتى لو اختلفنا معه وقبول رأي الغالبية بعد التصويت.
أهمية تفاعل الآراء بين التخصصات المتعددة لأن في هذا اثراء للموضوع المطروح للنقاش.
أن الحقيقة لها أكثر من وجه وأنه لا أحد يملك وحده الحقيقة الكاملة.
أن الوطن غني بذوي الرأي الناضج المتعقل، شرط أن تتاح لهم الفرصة والحرية.
وعلى رغم أهمية ما تحقق خلال ال12 عاماً الماضية وبروز دور المجلس الا أنني أتمنى التركيز في المستقبل في المجلس على ما يأتي:
أن يعطى المجلس صلاحيات أكثر في محاسبة الجهات الخدمية والاطلاع على الانفاق العام من المال العام وابداء الرأي حوله.
تطوير صلة مجلس الشورى بمجلس الوزراء وقيام تفاعل بينهما، وإيجاد آلية لتفعيل توصيات مجلس الشورى أكثر من الماضي.
الاعداد من الآن لأسلوب جديد في اختيار أعضاء مجلس الشورى مثل الانتخابات مثلاً، خصوصاً بعد نجاح تجربة الانتخابات البلدية.
ايجاد وسائل سهلة لتمكين المواطنين من حضور نقاشات مجلس الشورى.
زاولت خلال مسيرتك العملية مجموعة من الوظائف، من أستاذ طبيب الى عميد كلية الطب فوكيل لجامعة الملك سعود ثم عضو مجلس الشورى ثم أخيراً عدت الى مهنتك الأساسية استشارياً لأمراض الكبد والجهاز الهضمي... ترى أي هذه الوظائف أقرب الى نفسك؟
- لقد حاولت ما استطعت أن أعطي جميع هذه الوظائف ما تستحقه من اهتمام لكن الشيء الذي لم أتخل عنه خلال هذه المسيرة هو مهنتي كطبيب، لكن لا شك في أنني أجد نفسي كثيراً في وظيفتي الطبيب والأستاذ في كلية الطب.
سيرة ذاتية
- الاسم: فالح بن زيد الفالح
- من مواليد الخبراء في منطقة القصيم.
- متزوج لديه 4 بنات وولدان: حسام خريج في كلية الطب، متخصص في القلب، ولبنى طبيبة أسنان وتكمل الدراسات العليا في زمالة التقويم، ولميا خريجة بكالوريوس علاج طبيعي، ومها تدرس الأدب الإنكليزي ، أمل وأحمد في المرحلة المتوسطة.
التأهيل الأكاديمي:
- بكالوريوس الطب عام 1388ه من جامعة هايدنبرغ في ألمانيا.
- شهادة التخصص في الأمراض الباطنية عام 1397ه في ألمانيا.
الخبرات العلمية والعملية:
- عضو هيئة التدريس في كلية الطب جامعة الملك سعود منذ عام 1398ه.
- استشاري الأمراض الباطنية وأمراض الجهاز الهضمي والكبد في المستشفيات الجامعية.
- عميد كلية الطب من عام 1405ه إلى عام 1409ه.
- أستاذ في قسم الباطنة في كلية الطب في جامعة الملك سعود منذ عام 1408ه.
- وكيل جامعة الملك سعود من عام 1409ه إلى عام 1412ه.
- عضو مجلس الشورى منذ عام 1414ه حتى 1426.
- نشر أكثر من خمسين بحثًا في المجلات الطبية العالمية والسعودية المتخصصة وأكثرها في أمراض الكبد الفيروسية.
- أشرف على مجموعة من رسائل الماجستير في علوم الطب والإدارة الطبية.
- عضو في لجنة اختيار الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية للطب منذ عام 1415ه وحتى الآن.
- الباحث الرئيس في ستة مشاريع بحثية متعلقة بأمراض الكبد الفيروسية وذلك خلال الفترة من عام 1419ه إلى عام 1422ه.
إنجازات أفتخر بها في مسيرتي العلمية والعملية
أعتز بسنين العمل في كلية الطب بجامعة الملك سعود وأنا واحد ضمن فريق كان له شرف خدمة كلية الطب والطب عموماً في المملكة، وأعتز ببعض الإنجازات التي شاركت فيها مع الكثير من الزملاء.
ولكن هناك أربعة أمور أذكرها، وأعتقد أنه من المهم أن تذكر وهي:
أولاً: أنا ما زلت أشعر بفخر أنني شاركت مع فريق من زملائي في افتتاح مستشفى الملك خالد الجامعي، الذي أصبح أحد الصروح الطبية الكبيرة في السعودية.
ثانياً: أعتز بالمشاركة مع زملاء في درس نظام الهيئة السعودية وتهيئته للتخصصات الصحية وإصداره، وقد أخذ منا حوالى ثماني سنين حتى تم إصدار هذا النظام، ومن الزملاء الدكتور عثمان الربيعة، والدكتور منصور النزهة، والدكتور فهد العبدالجبار، والدكتور عبدالرحمن السويلم وغيرهم من الزملاء.
ثالثاً: أعتز بإدخال نظام الزمالات في جامعة الملك سعود، على رغم المعارضة القوية من عمادة الدراسات العليا آنذاك.
ولولا مساندة مدير الجامعة في ذلك الوقت الدكتور منصور التركي لفشل المشروع، لأن الإخوة في الدراسات العليا لا يعترفون إلا بالماجستير والدكتوراه، وكان أولها زمالة العيون.
رابعاً: مشروع إدخال نظام التحصين ضد التهاب فيروس الكبد"ب"عام 1989 يعتبر انجازاً من الدولة حينما وافق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد في عام 1989 على ادخال هذا النظام وبشكل باكر بين دول العالم.
كما أنه انجاز للمسؤولين في وزارة الصحة آنذاك، حينما تحمسوا ويسروا اجراءات تطبيقه ومتابعته وهو انجاز للفريق العلمي البحثي الاستشاري المكون من كل القطاعات الصحية والذي كان لي شرف تنسيقه.
ويكفي أن نعرف أنه بسبب إدخال ذلك النظام انحسرت الاصابة بفيروس"ب"بين الأطفال حتى سن 12 من عمرهم من 7% في عام 1989 الى 0.3% في عام 1997.
ونتيجة لذلك البرنامج فإن كل أطفال السعودية الذين وصلوا الى سن 16 تم تحصينهم، كما أن معظم الشباب الذين وصلوا الى سن 22 تم تطعيمهم عند دخولهم المدارس، وأصبح هذا البرنامج أحد خمسة برامج في العالم في الحماية من أمراض فيروس الكبد"ب"تتم متابعة نتائجها والاشادة بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.