هيئة الفروسية تناقش مستقبل البولو مع رئيس الاتحاد الدولي    54 ألف أمريكي يفرون من منازلهم.. حرائق لوس أنجليس تتوسع    أمير القصيم يشكر المجلي ويشيد بمشاركة أمانة القصيم في معرض سيتي سكيب 2024    فعالية "اِلتِقاء" تعود بنسختها الثانية لتعزيز التبادل الثقافي بين المملكة والبرازيل    بعد نكسة «باريس».. هل انتهت هيبة جوارديولا؟    تحت رعاية خادم الحرمين ونيابةً عن ولي العهد .. أمير الرياض يحضر الحفل السنوي الكبير للخيل    «التجارة»: نمو قطاع خدمات الطعام 33% عام 2024    إنجازات سعود الطبية في علاج السكتة الدماغية خلال 2024    العليمي: تصنيف الحوثي «إرهابية» مدخل لإحلال السلام والاستقرار بالمنطقة    11 فرصة عقارية بمزاد رواسي جدة    فرص تطوعية إسعافية لخدمة زوار المسجد النبوي    «الاحتلال» يصعد جرائمه في جنين.. مقتل مدنيين وإصابة مسن في هجوم إسرائيلي    ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الأمريكي    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثانية عشرة لمساعدة الشعب السوري    رابطةُ العالَم الإسلامي تُدين هجومَ قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدينة "جنين" في الضفّة الغربية    هطول أمطار متفاوتة الغزارة على معظم مناطق المملكة.. ابتداءً من اليوم وحتى الاثنين    استراتيجية جديدة ونقلة نوعية قادمة لاتحاد التايكوندو    «أكاديمية الإعلام» تبحث تطوير الكفاءات الوطنية    ولي العهد للرئيس الأمريكي: توسيع استثمارات السعودية مع الولايات المتحدة ب 600 مليار دولار    بين «الجوادي» و«الحاتمي».. أحلامُ خيطٍ رفيع    اتحاد بنزيما «شباب وعميد»    حرائق أمريكا.. هل من مُدَّكِر؟!    أفراح آل حسين والجحدلي بزواج ريان    الزميل رابع سليمان يجري عملية جراحية    عاصم يحتفل بقدوم عمر    مهرجان الخرج للتمور    الفيصلي يستقبل الجبلين.. وجدة ضيفًا على الجندل    أمير الشرقية يستقبل الفائزين من "ثقافة وفنون" الدمام    مدير الأمن العام يستقبل نظيره الجزائري    1000 معتمر وزائر من 66 دولة هذا العام.. ضيوف» برنامج خادم الحرمين» يتوافدون إلى المدينة المنورة    رئاسة الحرمين تفعّل مبادرة «توعية قاصدينا شرف لمنسوبينا»    السعودية تستعرض ثمار رؤيتها 2030    البازعي ل«عكاظ»: الجيل الحالي نشأ في فضاء أكثر انفتاحاً ووعياً بأهمية الحوار    الداخلية» تطلق برامج مهنية لتطوير رأس المال البشري    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي ينهي معاناة مراجع مع مضاعفات عملية تحويل المسار بجراحة تصحيحية نادرة ومعقدة    3587 عملية قلب مفتوح وقسطرة في صحي جازان    الراجحي: سياسة القضاء على العمل الجبري تعزيز لسوق آمن وجاذب    القيادة تعزي الرئيس التركي في ضحايا حريق منتجع بولو    شهقة ممصولة    وزير العدل يلتقي السفير الصيني    مختل «يذبح» جاره في مصر.. مصدر أمني ل«عكاظ»: القاتل يهذي بكلمات غير مفهومة    ندوة الإرجاف    المجتمع السعودي والقيم الإنسانية    ثقافة الابتسامة    سليمان المنديل.. أخ عزيز فقدناه    مسؤولون: الجيش الأميركي يستعد لإرسال 1500 جندي إضافي إلى الحدود    وصية المؤسس لولي عهده    نموذج الرعاية الصحية.. الأثر والرعاية الشاملة !    مستشفى الملك فهد الجامعي يجدد اعتماد «CBAHI» للمرة الرابعة    "ملتقى القصة" يقدم تجربة إبداعية ويحتضن الكُتّاب    الفن التشكيلي السعودي في كتاب    اختتام المخيم الكشفي التخصصي على مستوى المملكة بتعليم جازان    أعمال العنف تؤكد رغبة إسرائيل في تعزيز الاستيطان    رابطة العالم الإسلامي تعزي تركيا في ضحايا الحريق بمنتجع بولاية بولو    حسام بن سعود: التطوير لمنظومة العمل يحقق التطلعات    بدء أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين    الأمير محمد بن ناصر يدشن المجمع الأكاديمي الشرقي بجامعة جازان    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصارى القدس في ضوء الوثائق العثمانية
نشر في الحياة يوم 24 - 08 - 2013

صدر حديثاً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة بالتعاون مع مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، كتاب"نصارى القدس... دراسة في ضوء الوثائق العثمانية"، للدكتور أحمد حامد إبراهيم القضاة، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة القصيم في السعودية.
يتناول الكتاب الأحوال العامة للنصارى في القرن التاسع عشر في ضوء معطيات سجلات محكمة القدس الشرعية في القدس العثمانية، حيث انقسم النصارى إلى مجموعة من الطوائف، ولكل طائفة اعتقادها وآراؤها الدينية وطقوسها ورجال دينها وكنائسها، مثل الروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك، والأرمن، واللاتين، والأقباط، والأحباش، والسريان، والبروتستانت، والموارنة.
وكانت طائفة الروم الأرثوذكس أكثر الطوائف نفوذاً في المجالات الاقتصادية بحكم الأراضي التي امتلكتها، ومشاركتها في أغلب الصناعات والمهن مقارنة بأبناء الطوائف الأخرى، والإدارية بتوليهم الوظائف المالية والقضائية، والدينية بسيطرتها على أغلب الأماكن المقدسة، وتقدّمها على الطوائف الأخرى بإجراء الطقوس الدينية في الحج والأعياد، باعتبارها أقدم الطوائف وجوداً في القدس، ولكثرة أتباعها ودعم الدولتين العثمانية والروسية لها.
ولم تضع الدولة العثمانية عقبات أمام رعاياها من النصارى"بل أتاحت لهم قدراً كبيراً من الحرية، حتى إن تعليمات فرض القيود عليهم في مجال الملبس وركوب المطايا كانت لهجتها أقوى من تطبيقها، ومن ثم فإنها كانت شكلية في الغالب.
وحقق الحكم المصري لبلاد الشام 1831 - 1840 قسطاً من المساواة الاجتماعية، وأتاح للكنائس فرصة للنمو والتطور، ولم يعد بوسع الدولة العثمانية التراجع عما تمّ في عهد محمد علي باشا الذي أصدر فرماناً بإلغاء الرسوم كافة، كرسم العوائد السنوية، ورسم العبودية، ورسم الغفر، والأموال المعتادة التي كانت تدفعها الأديرة وزوار القدس إلى الوالي ورجاله، بالإضافة إلى تدخل الدول الأجنبية والقناصل لحماية الطوائف النصرانية، فأصدر السلطان عبد المجيد خطّ شريف كولخانة عام 1839م، وخط التنظيمات الخيرية عام 1856م، وأكد الخطان المساواة بين رعايا الدولة العثمانية بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية.
وساهم النصارى في الحياة الاقتصادية، فكان لهم دور واضح في المجال الزراعي من خلال امتلاكهم مساحة واسعة من الأراضي الزراعية التي تشمل الحواكير والبساتين والكروم والبيارات في المدن والقرى والمناطق المحيطة بها، وتصرفوا بها بيعاً وشراء ووقفاً، وتعود هذه الأراضي إلى الدولة في حالة وفاة مالكها من دون وارث شرعي أو وصية. وبعد أن أصدرت الدولة العثمانية قانون الأراضي عام 1858م الذي نص على تمليك الأراضي الميرية وتسجيلها بأسماء القائمين على زراعتها شرط أن يثبت المزارعون أنهم يزرعون الأرض منذ مدة لا تقل عن عشرة أعوام، وأنهم دفعوا الضرائب المقررة للدولة خلال هذه الفترة، إضافة إلى دفع رسوم تسجيل هذه الأرض.
كما ساهم النصارى في أجهزة الحكم والإدارة من خلال عملهم بالجهاز المالي، وفي الجهاز الإداري مثل بلدية القدس، ومجلس الشورى، ومجلس إدارة لواء القدس، وفي الجهاز القضائي من خلال عملهم في محكمة البداية المختصة بعمليات الشراء والبيع، وإصدار الوكالات والتصديق عليها، وتلقي الشكاوى من المواطنين، وشارك فيها النصارى وفق ما ذكرت السجلات، فرنسيس لونصو اللاتيني، وبسكوال أفندي ابن الخواجة أنطوان اللاتيني، ومحكمة التجارة التي تتبع وزارة العدلية المختصة بإجراء المحاكمات التجارية، ومن أعضائها النصارى بغوص أفندي كعضو دائم وعضوان موقتان هما ميخائيل أفندي والخواجة عودة عزام البروتستانتي.
وتمتع النصارى بالحرية الدينية من خلال إنشاء الكنائس والأديرة وترميمها، وضمت الكنائس المدارس للتعليم، وبلغ عدد المدارس في الكنائس سبعاً وعشرين مدرسة للذكور، بالإضافة إلى أماكن للزوار، وملاجئ لإيواء العجزة والمسنين، ووقف الأوقاف الذرية والخيرية على أفرادها وكنائسها في مدينة القدس على ذريتهم وعلى مصالح الخير.
وحددت المذاهب الفقهية الشروط اللازمة لصحة أوقاف أهل الذمة، وهي أن تكون موقوفة على المصالح العامة أو الفقراء، أو المساكين، أو أولاد الواقف ونسله وأعقابه من دون أن يكون شرط الوقف بقاءهم على دينهم، أما الوقف على كنائسهم وأديرتهم ومعابدهم فإنه لا يجوز لاعتباره إعانة لهم على الكفر، ولم تجز المالكية وقف النصارى على الأماكن الدينية الإسلامية، وحج عدد كبير من النصارى للقدس، واحتفلوا بأعيادهم مع حرص الدولة العثمانية على توفير الأمن للزائرين النصارى أثناء الاحتفالات الدينية.
ولجأ النصارى إلى محكمة القدس الشرعية للفصل في الخلافات الناشئة عن الإرث والطلاق بينهم، لاسيما النساء منهم للحصول على حقوقهن. كما احتفل نصارى القدس بأعيادهم الدينية وجرت احتفالاتهم بالحارات التي كانوا يقطنونها، وضمن أديرتهم وكنائسهم، وقرب مزاراتهم المقدسة في موسم الحج وأهمها: عيد الفصح أو القيامة، خميس العهد العدس، عيد الميلاد، عيد الصليب، عيد الزيتونة أو الشعانين، عيد البشارة، عيد الصعود أو خميس الصعود، عيد رأس السنة وعيد الغطاس.
كما طغت الخلافات على العلاقات بين طوائف النصارى حول أولوية الدخول إلى الأماكن المقدسة، وإقامة الطقوس الدينية في الكنائس، والإشراف عليها بخاصة في كنيستي القيامة والمهد. فقد دخلت طائفة اللاتين في نزاع مع الطوائف الأخرى المنافسة لها في ما يتعلق بشؤون كنيسة القيامة، كما إن بعض النصارى كانوا يثيرون القلاقل بانتقالهم من ملة إلى أخرى طلباً لمنافع سياسية أو لحماية أجنبية، وساعدت الرشاوى التي كان يدفعها رؤساء الطوائف للمسؤولين العثمانيين على إذكاء هذه الخلافات، بالإضافة إلى تدخل القناصل لصالح طوائفهم. فأصدرت الدولة العثمانية قراراً بإبقاء القديم على قدمه، حسماً للخلافات، ولكن استمرار تدخل الدول الأوروبية والقناصل ساهم في استفحال الخلافات"فقامت حرب القرم بين الدولة العثمانية وروسيا من 1853 إلى 1856م.
وتميزت العلاقات بين المسلمين والنصارى في القدس بالود في بعض الأحيان من خلال اتفاق الطرفين على مواجهة الحملة الفرنسية على بلاد الشام عام من 1798 إلى 1801 بتقديم الإفرنج مبلغاً من المال لشراء الأسلحة والذخائر، ولتعمير سور مدينة القدس، وقامت علاقات تجارية بين الطرفين ودخل بعض النصارى في الإسلام، ومن أراد منهم أن يُسلم فعليه أن يذهب إلى محكمة القدس الشرعية، ويعلن إسلامه أمام القاضي، ومن هؤلاء سلامة الرومي الذي تركته زوجته بعد أن رفضت الدخول في الإسلام، بينما أسلم معه أولاده، وزوج إحدى بناته، عبدالله الكردوش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.