زار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون امس، موقع مجزرة ارتكبتها قوات بلاده خلال استعمارها الهند، معتبراً أنها كانت"حدثاً مخزياً"، لكنه لم يقدم اعتذاراً. وفاجأ كامرون الجميع خلال زيارته الهند لتعزيز العلاقات الاقتصادية، وأيضاً للتودد لحوالى 1.5 مليون ناخب بريطاني من أصل هندي قبل انتخابات عام 2015، بالتوجه إلى مدينة امريتسار بإقليم البنجاب شمال غرب التي تضم المعبد الأكثر قدسية للسيخ، في محاولة لتضميد جرح ما زال مؤلماً خلفه الاستعمار البريطاني في هذا البلد والذي انتهى عام 1947. ووضع كامرون إكليلاً من الزهر على النصب التذكاري في حديقة جاليانوالا باغ في امريتسار، حيث فتح الجنود البريطانيون في 13 نيسان ابريل 1919 النار على مشاركين في تجمع سياسي سلمي، ما أدى إلى مقتل مئات من الهنود. وكتب في سجل الزوار:"إنه حدث مخزٍ في تاريخ بريطانيا، ووصفه ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني السابق حينها بأنه عمل بشع". وزاد:"يجب ألا ننسى ما حصل هنا. وعبر التذكر، علينا ان نحرص على أن تناضل بريطانيا من أجل حقوق التظاهر سلمياً في العالم". ولا يزال الحدث المعروف باسم"مجزرة امريتسار"مدرجاً في المناهج التعليمية في الهند. وتفيد مصادر بأن بين 400 وألف هندي قضوا برصاص الجنود بأوامر أصدرها الجنرال ريجنالد داير، الذي برر قراره ب"ضرورة إعطاء البنجاب درساً أخلاقياً". وأمضى اس. كاي. موخرجي، أمين صندوق رعاية نصب جاليانوالا باغ، نصف ساعة وهو يرشد كامرون في المكان الذي يستقبل 20 ألف زائر يومياً، ومرّ به أمام بئر قفز فيها حوالى 120 شخصاً وماتوا هرباً من الرصاص. وقال موخرجي إن"كامرون ارتبك، لكنه أكد أن الأمر مؤسف ويجب ألا يتكرر أبداً"، علماً أن هذه الحادثة العنيفة أشعلت فتيل حركة الاستقلال في الهند. وفيما بدت زيارة الموقع مخاطرة من كاميرون الذي يزور البلاد مع نواب بريطانيين-هنود، باعتبارها قد تثير مطالب مماثلة من مستعمرات سابقة أو حتى ضحايا آخرين في الهند، صرح بوسان بيل الذي يرأس صندوق مساعدات لعائلات ضحايا المجزرة بأن"تدوين رسالة في كتاب الزوار بادرة ناقصة". وكامرون هو أول رئيس وزراء بريطاني يزور الموقع وهو في منصبه، وفق مصادر ديبلوماسية، لكنه ليس أول مسؤول رسمي كبير يزوره. وكانت الملكة اليزابيث الثانية وضعت عام 1997 إكليلاً من الزهور على النصب خلال جولة في الهند، لكن زوجها الأمير فيليب صرح حينها بأن تقديرات الهنود لعدد القتلى"مبالغ فيها". وقدم كامرون عدداً من الاعتذارات منذ توليه رئاسة الوزراء، واحد منها عن سوء معالجة الجهات الرسمية كارثة مباراة كرة قدم في ملعب هيلزبورو عام 1989، وعمليات القتل في ارلندا الشمالية عام 1972 التي تعرف باسم"الأحد الدامي". وفي عام 2006، أبدى رئيس الوزراء السابق توني بلير"حزنه العميق"من تجارة العبيد، في مبادرة اعتبرت أيضاً امتناعاً عن الاعتذار.