هل حان موعد تنظيم الإعلام في ليبيا؟"، ربما. لكن أكاديمية"دوتشي فيله"اختارت هذا السؤال عنواناً لمؤتمر نظمته أخيراً في العاصمة الليبية طرابلس، في سياق سلسلة من المشاورات مع وسائل الإعلام الفاعلة لتنمية الإعلام الليبي ودعمه عموماً. تمحورت أجندة المؤتمر حول تنظيم الإعلام من خلال الهياكل القانونية بالإضافة إلى تناول ما من شأنه إرساء القواعد والأخلاقيات المهنية والمعايير الصحافية ومواثيق الشرف الإعلامية، كما هدف إلى تسهيل الحوار بين المؤسسات الإعلامية والسلطات الرسمية والصحافيين ومؤسسات المجتمع المدني. من هنا،"كان للإعلام النزيه دورٌ في إنجاح الانتخابات الليبية"، بحسب تعبير المستشار في رئاسة الوزراء عبدالله الفورتية. لكنه انتقد انتشار السلاح، معتبراً أن"السلاح والانتخابات لا يتفقان". لكن، هل للمؤتمر علاقة بالصراعات المحتدمة داخل المشهد الإعلامي الليبي والتي انتهت بإعفاء رئيس هيئة دعم الصحافة إدريس المسماري من منصبه وتشكيل"المجلس الأعلى للإعلام"الذي أوقف بدوره بغية إجراء انتخابات صحافية في مدينة جادو الليبية؟ يجيب منسق المؤتمر ومدير أكاديمية"دوتشي فيله"خيري بوشاقور نافياً أن يكون للمؤتمر علاقة بالأمر، مؤكداً أن منهج"دوتشي فيله"مهني صرف،"ومن مصلحتنا، كليبيين أن يتأسس لدينا إعلام حر ونزيه لا يتحكم فيه أحد". وعليه،"لا بد من فصل السلطة الرابعة الصحافة عن بقية السلطات"، يقول رضا جنيح من"الهيئة التونسية للإعلام"، معتبراً أن الخطر الأكبر الذي يحيق بالصحافة والإعلام يأتي من السلطة التنفيذية، واصفاً إياها بأنها"أكبر عدو للحريات". وفي هذا السياق، ذكّر البروفسور مايكل تكلينيرغ، رئيس قسم أفريقيا في أكاديمية"دوتشي فيله"بالدور الذي لعبه الإعلام في ألمانيا النازية وفي أوروبا الشرقية قبل سقوط جدار برلين 1989، إذ عمل"الإعلام المغالط على تسويغ الجرائم ضد الإنسانية، مثل عمليات القتل الجماعي والتعذيب". وشدد تكلينيرغ على أهمية بناء إعلام حر تحكمه المهنية والتخصص والموهبة،"وهذا الأمر لا يحدث إلا في ظل نظام ديموقراطي علينا أن ندعمه بقوة حتى يشتد عوده ويبدأ منحنا الثمار". واقترحت رئيسة قسم الأخبار في التلفزيون الوطني التونسي مفيدة الحشاني أن يتبنى الإعلاميون تدوين مشروع"مدوّنة سلوك"وثيقة شرف تحفظ للمهنة شفافيتها وتحرص على أن تحكم العمل الإعلامي النزاهة والشرف والصدق والصدقية ومساعدة الضعفاء، حتى وإن تعرض الصحافي للخطر. وشددت على أن تتضمن مسوّدة السلوك مبادئ احترام الخصوصية واستقلالية الإعلام في الدعم والتمويل، مستشهدة بالتجربة التونسية في الانتخابات الأخيرة.