كشف المصرف المركزي العراقي، أن سبب انخفاض الدينار العراقي أمام الدولار يعود إلى"أزمة صُدّرت عمداً إلى داخل العراق، تديرها غرف عمليات إقليمية ترمي إلى سحب النمو النقدي المحقق عبر اتباع آلية مضاعفة ضخ السلع إلى الداخل". وشهد الدينار العراقي تراجعاً لافتاً في قيمته أمام العملات الأجنبية وتحديداً الدولار، إذ تجاوز التراجع 10 نقاط بعدما كان سعر صرف الدينار 1118 ديناراً للدولار ويساوي حالياً 1228 ديناراً. وأشارت أرقام المصرف المركزي، إلى"تخطي قيمة الواردات إلى العراق مبلغ 45 بليون دولار العام الماضي، ثلثاها لمصلحة القطاع الخاص العراقي والمبلغ المتبقي لتجارة التعاملات الحكومية. فيما بلغ حجم التبادل التجاري مع تركيا 14 بليون دولار، ومع ايران 7 بلايين وسورية 4 بلايين، وتوزعت البقية على التبادل مع دول الخليج والصين وأوروبا وأميركا وغيرها. وعزا المراقبون ومسؤولون في الحكومة وأعضاء في البرلمان الأسباب، إلى"تدخل كل من إيران وسورية في سوق بيع العملات الحكومية العراقية، وتعمّدهم سحب كميات كبيرة من الدولار بهدف حفاظهم على قيمة عملاتهم الوطنية التي أصيبت وبعد تطبيق العقوبات الاقتصادية، بنكسة قوية وفقدانها نصف قيمتها عما كانت عليها قبل العقوبات وخلال أشهر قليلة فقط". وأكد نائب محافظ المصرف المركزي العراقي مظهر محمد صالح في حديث الى"الحياة"، أن الأزمة التي يعيشها العراق"مصدّرة إلى الداخل من خارج الحدود"، لافتاً إلى"جهات تخطط لمؤامرات تجارية خلقت ما يسمى فجوات بين العرض والطلب داخل مزاد المصرف المركزي". وشدد على أن الهدف من هذه المؤامرات هو"تفريغ العراق من احتياطاته من العملة الأجنبية، مستخدمة الحرية الاقتصادية لإدارة مصالح تجارية حرة إي أشبه بالإغراق السلعي، وبالتالي وجدنا أن كتلاً نقدية بالعملة الصعبة تجد طريقها إلى الخارج تحت بند التجارة السلعية". وكشف صالح، عن وجود"سياسة لتقويض التنمية في العراق، وما حدث أننا نمثل معتمد التحويل المستندي مع القطاع الخاص لتنمية التجارة، وتدخلنا كمصرف هو الحفاظ على استقرار الدينار والتصفية بالدينار عبر سياسة"التعقيم"في مقابل ضخ الدولار، الذي يفترض استخدامه لسلع وخدمات وتمويل التجارة الخارجية". وقال:"اكتشفنا أن جزءاً من الأموال تحول لكن ليس لتمويل الاستيراد المبالغ به". واتهم صالح دولاً إقليمية"تقف وراء حرب الاستنزاف على العراق"، مشيراً إلى أن هذه المؤامرة"اشتركت بها دول في المنطقة"من بينها إيران وسورية. وأكد أن"نسبة 75 في المئة من التجارة العراقية الخارجية متجذرة داخل الإقليم ولا تأتي مع دول المنشأ، بل عبر وسطاء تجاريين، تزامن معها معاناة معظم دول المنطقة حالياً من أزمة اقتصادية سواء على صعيد الإمارات وقطر او إيران وسورية والأردن وتركيا تحديداً". إذ لفت إلى أن"الاقتصاد التركي في تدهور مستمر بعد ضرب مصالح أنقره في دول عربية بعد أزمة الربيع العربي، والأزمات المالية الدولية وعقوبات اقتصادية على دول أخرى". واعتبر صالح أن العراق هو"البلد الوحيد في المنطقة الذي ينأى عن الأزمات المالية وينتهج إستراتيجية تنمية اقتصادية شاملة، وأفضل سياسة لاستنزاف كتلته النقدية هي المبالغة في الاستيراد، ما يفضي إلى تفريغ فوائضه المالية وتأسيس مصالح مالية واقتصادية خارج الحدود". وفي شأن الجهات الداخلية المتورطة، قال صالح إن منها"المصرف التجاري العراقي الحكومي"و"المصرف العراقي"وبات بعض مسؤوليه أدوات لتنفيذ هذه المؤامرة. في المقابل يقف الجمهور العراقي متفرجاً كونه لا يعلم بهذه المؤامرة". وأكد أن"الناس قلقون على سعر الصرف وليس على مستقبل البلاد وثرواتها"، مشدداً على قوة الدينار والاقتصاد، لكنها قوة تواجه الضعف حالياً وتستنزف". وأوضح أن"مزاد العملات منذ تأسيسه عام 2004 وحتى اليوم، حوّل أكثر من 200 بليون دولار إلى خارج العراق لمصلحة الزبائن أو ما يعرف بنظام الحوالات الخارجية"، لافتاً إلى"تحويل نحو 39 بليون دولار عام 2011"، متوقعاً"ازدياد المبالغ المحولة هذه السنة بما يعادل حجم النمو في الموازنة العامة". وأعلن نائب محافظ المصرف المركزي، أن الاحتياطات من العملة الأجنبية"ارتفعت من 52 بليون دولار إلى أكثر من 63 بليوناً، وهي أرقام ترتفع وليس العكس كما روج بعضهم". وأقر البرلمان العراقي موازنة 2012 بمبلغ يزيد على 100 بليون دولار، وبزيادة عن موازنة العام الماضي قيمتها 18 بليوناً.