ارتفاع أسعار الذهب إلى 2623.54 دولارًا للأوقية    بحضور وزير الطاقة الشركة السعودية للكهرباء و"أكوا باور" وكوريا للطاقة يوقعون اتفاقية شراء الطاقة لمشروعي "رماح 1" و"النعيرية 1" بإجمالي استثمارات 15 مليار ريال    مركز الملك سلمان للإغاثة ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة الأحد المقبل    سماء غائمة تتخللها سحب رعدية ممطرة على جازان وعسير والباحة    منتدى الرياض الاقتصادي يطلق حلولاً مبتكرة    «الجامعة العربية» تدعم إنشاء التحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع    دراسة: القراء يفضلون شعر «الذكاء» على قصائد شكسبير!    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية الأمريكي    التعليم: إلغاء ارتباط الرخصة المهنية بالعلاوة السنوية    «الثقافة» تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي    الأخضر في مهمة «نصر»    الأخضر «كعبه عالي» على الأحمر    المشعل.. في الصدارة والكل من بعده    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة منتخب إندونيسيا ضمن تصفيات كأس العالم    الخليج يواجه الشباب البحريني في ربع نهائي "آسيوية اليد"    الأخضر السعودي تحت 19 يتغلّب على البحرين في ختام معسكر الشرقية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع حاكم إنديانا الأميركية    انعقاد أولى الجلسات الحوارية في المؤتمر الوطني للجودة    42 متحدثًا في الملتقى البحري السعودي الثالث    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً لوزارة التعليم حول «الرخصة»    «الشورى» يطالب التأمين الصحي بالقيام بمهماته وتحقيق أهدافه    9,300 مستفيد من صندوق النفقة في عام    كلب يقضي عامين بجوار قبر صاحبه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    العتودي الحارس الأخير لفن الزيفه بجازان    اتهامات تلاحق كاتباً باستغلال معاناة مريضة ونشرها دون موافقتها    بعد سيلين ولوبيز وكاميلا.. العالمي هوبكنز يعزف في الرياض    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1 %    إصابات الربو في الطفولة تهدد الذاكرة    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    الثعبان في «مالبينسا»..!    الادخار والاستثمار… ثقافة غائبة    عودة للمدارس    وزارة العدل: 9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    بهدف تنمية الكوادر الوطنية المتخصصة.. إطلاق برنامج تدريب المبتعثين في التخصصات الثقافية    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مندوب تركيا    لبنان نحو السلام    مرحلة الردع المتصاعد    هل تجري الرياح كما تشتهي سفينة ترمب؟    الاختيار الواعي    صنعة بلا منفعة    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    رسالة عظيمة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    إدانة دولية لقصف الاحتلال مدرسة تابعة للأونروا    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    حسام بن سعود يستقبل رئيس جامعة الباحة    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    سعود بن طلال يطلق كائنات فطرية في متنزه الأحساء    قائد القوات المشتركة يستقبل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني    رئيس هيئة الأركان العامة يدشّن أعمال الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في كلمة أمام مجلس الشورى تحدد ملامح السياسة السعودية الداخلية والخارجيةپ. الملك عبدالله : ندعم الاستقرار في المنطقة ... وأمن البحرين ودول مجلس التعاون جزء لا يتجزأ من أمن المملكة
نشر في الحياة يوم 26 - 09 - 2011

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس، في كلمته أمام اللقاء السنوي من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية وتعزيز مضامينها، مشيراً إلى أهمية دور المرأة في المملكة، ومنوهاً بما يقوم به المواطن في خدمة الأمن، والتطوير الحاصل في قطاعات القوات المسلحة السعودية، والتوسعة التي تتم في الحرمين الشريفين، تيسيراً على الزوار والمعتمرين والحجاج، إضافة إلى عدد من القضايا المحلية المختلفة الذي تناول فيها القضاء والتعليم والصحة وغيرها.
موضحاً أن أمن مملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي جزء لا يتجزأ من أمن المملكة، ومجدداً الإعلان عن جهد المملكة في تحقيق السلم الأهلي في ولبنان، وحل القضية الفلسطينية، ودعم العراق ليبقى"كياناً سياسياً عربياً إسلامياً موحداً ومستقلاً"، والارتقاء بسبل التعاون بين الدول الإسلامية المختلفة، وفي ما يأتي نص كلمة خادم الحرمين كاملة:
الحمد لله الذي أثنى على عباده المؤمنين فقال: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
أيها الإخوة أعضاء مجلس الشورى
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته:
بسم الله، وعلى بركته نفتتح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى سائلاً الله العلي القدير أن يبارك أعمالنا وجهودنا، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
أيها الإخوة الكرام:
يسرني في هذا اللقاء السنوي الذي يجمعني بهذه النخبة الطيبة من أبناء الوطن أن أستعرض معكم مسيرة عام كامل، سعت فيه الدولة لتحقيق أهدافها وطموحاتها من أجل خدمة المواطن ورفاهيته، ويأتي لقاؤنا بكم متزامناً مع مناسبة اليوم الوطني الحادي والثمانين للمملكة العربية السعودية، الذي رسخ لنا جميعاً عظمة الانجاز الذي تحقق ولله الحمد على يدي مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، وسار على نهجه ومسيرته من بعده أبناؤه الملوك رحمهم الله جميعاً.
وإذ نهنئ شعبنا الكريم بهذه الذكرى التي نستلهم منها الدروس والعبر، فإننا نؤكد إصرارنا على المضي في تذليل جميع الصعاب وتسخير الجهود والأخذ بأسباب الرقي لتحقيق التطور في جميع أرجاء الوطن وفي شتى المجالات. وفيما يموج العالم من حولنا بأحداث وتداعيات ومتغيرات تواصل بلادكم مسيرتها التطويرية وتنعم بالأمن والاستقرار في ظل وحدة وطنية تعكس ولله الحمد وبجلاء علاقة التلاحم والوفاء ما بين قادة هذه البلاد وشعبها الوفي النبيل.
وكنا قد أصدرنا بعد عودتنا من رحلتنا، قرارات عدة شملت قطاعات متعددة وشرائح متنوعة، نصبو من خلالها تخفيفاً للأعباء وتوفيراً لأسباب الحياة الكريمة المعاشة لكل مواطن ومواطنة، حرصاً منا على تعزيز العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتلبية لاحتياجات ومتطلبات شعبنا لينعم بحاضر كريم ويطمئن إلى مستقبل آمن لأجياله القادمة بإذن الله، ومن هذا المنبر أقول لكل الوزراء ومسؤولي الجهات الحكومية كافة، لقد اعتمدت الدولة مشاريعها الجبارة ولم تتوان في رصد المليارات لتحقيق رفاهية المواطن، والآن يحتم عليكم دوركم من المسؤولية والأمانة تجاه دينكم وإخوتكم شعب هذا الوطن الأبي أن لا يتخاذل أحدكم عن الإسراع في تحقيق ما اعتمد، ولن نقبل إطلاقاً أن يكون هناك تهاون من أحدكم بأي حال من الأحوال، ولن نقبل الأعذار مهما كانت.
عام مضى من العمل المتواصل على الصعيدين الداخلي والخارجي، نحاول من خلاله تقويم ما تم من إنجازات وما واجهناه من تحديات، وأن ننظر بعين التفاؤل لما نصبو إلى عمله مستقبلاً، نبراسنا في الطريق عقيدتنا السمحاء، ثم جهود أبناء الوطن المخلصين الذين حملوا الأمانة على أعتاقهم بالحفاظ على هذا الكيان الشامخ بأمنه واستقراره وسلامة قاطنيه، مستشعرين بأهمية الانخراط في تطوير جميع مرافق الدولة لرفع كفائتها. ورغم ما تم من انجازات، فإننا نراها اقل من طموحاتنا، لأننا نطمع بالمزيد بما يعود بالخير الوفير على شعبنا.
وبما أننا في عالم متغير، فإننا عازمون - بعون الله - على الاستمرار في عملية التطوير، وتحرير الاقتصاد، ورفع كفاءة العمل الإداري، والعمل بسياسات متوازنة لمستقبل مشرق بإذن الله، وإذ كنا قد حصدنا ما غرسه الآباء والأجداد، فان مسؤوليتنا تتعاظم، فالكم ليس مهماً بقدر أهمية نوعية المحصول ليجني الأبناء والأحفاد الفائدة القصوى منه.
خطورة الصراع المذهبي
أيها الإخوة الكرام:
إن استقرار الوطن ووحدته هو صمام الأمان - بعد الله - ولا نسمح بأي حال من الأحوال ما يشكل تهديداً للوحدة الوطنية وأمن المجتمع. فإحياء النعرة القبلية واللعب على أوتار الصراع المذهبي، فضلاً عن تصنيف فئات المجتمع وإطلاق نعوت ومسميات ما انزل الله بها من سلطان، ناهيك عن استعلاء فئة على فئة أخرى في المجتمع، كلها أمور تناقض سماحة الإسلام وروحه ومضامينه.
إن التمسك بالوحدة الوطنية وتعزيز مضامينها أمر له ضرورة وأولوية، وعلى كل منا أن يضعه نصب عينيه، مؤملاً أن يكون ضمن محور اهتمامات وطروحات مجلسكم الموقر. كما أن استمرار الحوار الوطني كأسلوب للحياة ومنهج للتعامل مع كافة القضايا، وتوسيع المشاركة بين جميع مكونات المجتمع السعودي أمر في غاية الأهمية من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، ومعالجة القضايا المحلية، وإيجاد قناة للتعبير المسؤول، وهي الأهداف التي يستند عليها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي كنا قد دعينا لإنشائه منذ بضع سنوات، لقناعتنا بأهميته كمظلة تسعى لتوفير المناخ الملائم للحوار الوطني.
لقد كان امن الوطن من أُولى الواجبات التي تشرّفت بأدائها الجهات الأمنية التي أثبتت - ولله الحمد - قدرتها على مواجهة فلول الإرهاب، وهي ولله الحمد عازمة على تحقيق المزيد من النجاحات في ظل قدرة الكفاءات العلمية والعملية، القيادية منها والفردية التي يتمتع بها منسوبوها للحفاظ على مكتسبات التنمية.
وقد أثبتت التجارب والمواقف أن المواطن هو رجل الأمن الأول، وشريكٌ رئيس في لوحة الانجاز التي سطرتها الأجهزة الأمنية في دحض الدعاوى الباطلة والآراء الشاذة، وإحباط المخططات الإرهابية التي وضعتها الفئة الضالة رغبة منها في استهداف أمن البلاد ومقدراته، والتغرير بأبنائه مرتهنة لأسلوب الانتقائية وتوظيف النص والتفسيرات البشرية الخاطئة المتطرفة في كل ما يدعم توجهاتها، وديننا الحنيف براء من كل ذلك، فهو دين رحمة وتسامح وصفح.
وفضلاً عن أهمية الأمن الوطني، فإن هناك الأمن المائي الذي لا يقل أهمية، ويُعدُّ أحد الأهداف الاستراتيجية لخطط التنمية في المملكة، والداعمة له من خلال التوسّع في إنشاء محطات تحلية المياه المالحة، وبناء السدود، لتعزيز الثروة المائية الجوفية. وحرصاً من الدولة في المساهمة بتخفيض تكلفة إنتاج المياه بالطرق المتّبعة حالياً، فقد تبنت المبادرة الوطنية لتحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية، ومن المقرر تنفيذ هذه المبادرة على ثلاث مراحل في مدة زمنية تبلغ تسع سنوات.
ومن اجل الحفاظ على هذه الثروة الوطنية التي تُشكّل عصب الحياة وجوهر النمو، مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل: وجعلنا من الماء كل شيء حي فقد أصدرت الدولة العديد من الأنظمة واللوائح، التي تُعنى بتنظيم واستغلال الموارد المائية بما يحقق المنفعة العامة، فضلاً عن إنشاء مراكز متقدمة لأبحاث وتقنيات المياه وفق أحدث المعايير والتقنيات العلميّة التي هيأت بلادنا - ولله الحمد - لتكون في مصاف الدول الرائدة في مجال تحلية المياه المالحة.
أيها الإخوة:
إن دولتكم تسعى دائماً لرفاهية المواطن وتحسين ظروفه المعيشية بدءاً بتأمين العلاج والرعاية الصحية له، إيماناً مِنهّا بأن صحة الإنسان هي مقياسٌ لتقدم الشعوب ورُقيُّها.
وقد اتضح ذلك جلياً في الاستمرار بإنشاء المستشفيات المتكاملة في المدن ورفع طاقاتها الاستيعابية، ونشر المراكز الصحية في القرى والهجر، وتوفير التجهيزات الطبية الحديثة، ناهيك عن تأهيل الكوادر الوطنية للعمل في المجال الصحي من خلال استحداث كليات الطب، ومراكز التدريب الصحي في كافة أرجاء الوطن. وكنا قد أصدرنا أمرنا باعتماد 16 مليار ريال لتنفيذ وتوسعة عدد من المدن الطبية.
وإننا مستمرون - بعون الله وتوفيقه - في ذات الاتجاه نحو الارتقاء بقطاع الخدمات الصحية في المملكة سواء من خلال التركيز على إنشاء المشروعات الصحية الجديدة، وتحسين البيئة الصحية القائمة، وزيادة الاعتمادات المالية المخصصة لها.
الخطة الخمسية التاسعة لرفاهية المواطن
أيها الإخوة الكرام:
إن الخطة الخمسية التاسعة والتي صادق عليها مجلسكم الموقر فإنها ستكون - بمشيئة الله وتوفيقه - عوناً لنا جميعاً على تحقيق ما نصبو إليه نحو تكريس الرخاء والنمو والازدهار، لاسيما وأنها قد نصّت على تحقيق الاستقرار الاجتماعي وضمان حماية حقوق الإنسان، وتعزيز الوحدة الوطنية. كما أكدت على رفع مستوى معيشة المواطن، والاستمرار بنهج تنويع القاعدة الاقتصادية والتنمية المتوازنة والمستدامة لجميع المناطق، وتفعيل دور القطاع الخاص ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وانطلاقاً من حرص الدولة على الاستمرار في مسيرة التنمية بجميع مجالاتها، فقد أنشأت وزارة للإسكان ودعمت صناديق التنمية الصناعية والعقارية والزراعية لتقديم التسهيلات المالية والقروض الميسرة للمواطنين ليساهموا بفاعلية في التنمية.
كما أُعطيت الأولوية لدعم المستحقين المشمولين بنظام الضمان الاجتماعي، وزيادة عدد المستفيدين منه، والتأكيد على إيجاد فرص العمل للمواطنين عبر دعم برامج السعودة، وإنشاء مراكز التدريب والتأهيل الفني والتقني في كافة مناطق المملكة.
مشاريع توسعة الحرمين
أيها الإخوة الكرام:
لقد شرّفنا الله بخدمة الحرمين الشريفين، فكانت تلك الخدمة واجباً وعزة وشرفاً وركيزة ترتهن له هذه البلاد المباركة وقادتها. واعترافاً بفضل الله على بلادنا بما حباها من خيرات ونعم وفيرة، منطلقين من مسؤولية المملكة الدينية، فإننا قد قمنا - بحمد الله - بوضع حجر الأساس لتوسعة المسجد الحرام وافتتاح عدد من المشروعات التطويرية للحرمين الشريفين، سائلاً الله عز وجل أن يجعل فيها الخير الكثير خدمة للإسلام والمسلمين قاطبة.
إن توسعة الحرمين الشريفين، وتوسعة جسر الجمرات، وتشغيل قطار المشاعر ما هي إلا نماذج مجسدة لهذه المشروعات التطويرية لكي يجد الحجاج والمعتمرون والزوّار الراحة والطمأنينة عند أداء مناسكهم وهي واجب ندين به لله تعالى.
وبمشيئة الله سوف نواصل العمل الدؤوب من أجل خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، والسهر على راحة الحجاج والمعتمرين الكرام بما نملك من جهد ومال، لأننا نؤمن بأنه واجب تمليه علينا عقيدتنا، وهو عمل نبتغي به مرضاة الله عز وجل.
أيها الإخوة:
لم نألُ جُهداً في تطوير كافة قطاعات قواتنا المسلحة، من خلال التدريب والتأهيل والتجهيز، والوقوف على التجارب والخبرات الخارجية، وإدخال التقنية العسكرية الحديثة على منظوماتنا الدفاعية، لان الحفاظ على استقلالية المملكة وسيادتها، وصيانة ما تحقق من منجزاتها هو من أولوياتنا الحتمية التي لا مساومة عليها.
وهو ما يدفعنا للمضي قدماً في تطوير قواتنا المسلحة بجميع قطاعاتها، وتجهيزها للدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء - لا سمح الله - مستعينين بالله ثم بسواعد أبنائنا القادرين على حماية البلاد، والمحافظة على مكتسباتها ومنجزاتها المتراكمة في زمن يُعد قياسيا في عمر الأمم.
أيها الإخوة الكرام:
أؤكد دائماً ان المواطن - بعد التوكل على الله جل جلاله - هو أساس التنمية وهدفها في آن واحد، فكان من الطبيعي أن تهتم الدولة ومنذ زمن بالجانب التعليمي الذي يعد إحدى ركائز التنمية.
فأولت الدولة اهتماماً متزايداً بالمؤسسات التعليمية والثقافية، وتشييد صروح العلم والمعرفة عبر زيادة الإنفاق على بناء المدارس والجامعات في كافة مناطق المملكة، وتطوير برامج التعليم العام والجامعي، والتوسع في إنشاء الجامعات لتغطي جميع أرجاء المملكة، فضلاً عن توفير الخدمات التعليمية، وتدريب الكوادر الأكاديمية السعودية، وذلك من اجل أن يحظى الطالب السعودي بالعناية والاهتمام اللازمين.
وكوننا نتجه نحو اقتصاد المعرفة والاستثمار في الأجيال، لان العنصر البشري هو المعني بالتدريب والتعليم والتأهيل. فإنكم تلاحظون أن البنود المخصصة لميزانية التعليم أكبر البنود المالية التي خصصتها الدولة لهذا القطاع الهام.
وحرصاً منا على توسيع التجارب المعرفية والخبرات العلمية لأبنائنا وبناتنا الطلاب فقد مددنا برامج الابتعاث الخارجي للعديد من دول العالم، كما أمرنا بضم أبنائنا وبناتنا الدارسين على حسابهم الخاص إلى برنامج الابتعاث متى ما توفرت فيهم الشروط إيماناً منا بتهيئة الأجواء لهم ليتفرغوا للتحصيل العلمي وتنويع معارفهم من أجل إنتاج كفاءات وطنية مدربة مهنياً وتقنياً.
إن الارتقاء التنموي بأوضاع المرأة لا يتم إلا من خلال الرؤية التي تؤمن بضرورة تفاعل جميع أفراد المجتمع في الجهد التنموي، ولعل الوصول إلى التنمية الشاملة يتطلب مشاركة أوسع للمرأة السعودية من خلال تطوير قدراتها، وإزالة المعوقات التي تعترضها، لتكون عنصراً منتجاً في الأنشطة الاقتصادية والإنمائية وبما يتفق مع شريعتنا الإسلامية.
أيها الإخوة الكرام:
إن تطلعاتنا لا تتوقف من اجل نقل بلادكم - بإذن الله - إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال القطاعات الخدمية والاتصالات. ولذلك رُوعي في بناء وإعادة تحديث البنية التحتية للبلاد عبر شبكة الاتصالات، ووسائل النقل، والمطارات، والموانئ، والطرق البرية التي شيدت، أن تكون وفق أهداف خطط التنمية، وتتناسب مع أحدث المعايير الهندسية والعمرانية، ما سيعزز الفرص أمام الاستثمارات الوطنية والأجنبية للمشاركة بفاعلية وإنتاجية في عملية النمو الشاملة التي نمر بها الآن.
كما أننا ماضون - بعون الله وتوفيقه - في تطوير قطاعات الدولة المختلفة على مستوى مرفقي القضاء والعدل، وإدخال التقنية الحديثة، وتطبيق المعاملات الإلكترونية على كافة مؤسسات الدولة لتطوير الأداء ومواكبة للمستجدات العالمية في ميدان الإدارة بتنوع مستوياتها، لاسيما ما يتعلق ببرامج تقنية المعلومات.
أيها الإخوة الكرام:
على الرغم من أن العالم يعيش ترددات الأزمة الاقتصادية وتصدعاتها، إلا أن السياسات المالية والاقتصادية المتزنة التي تنهجها الدولة، وتسهيل قواعد العمل وآلياته المعتمدة في التعاملات المالية والاستثمارية قد جنبتنا - بفضل الله - الآثار السلبية لتلك الأزمة الدولية، بل وعززت مكانة المملكة في سلم الدول الجاذبة للاستثمار العالمي، وهيأتها لتصبح واحة استثمارية خصبة وآمنة لرؤؤس الأموال الأجنبية.
ولذلك فإننا مصممون على الإنفاق على المشاريع الكبيرة والعملاقة على المستوى الاقتصادي من أجل التأكيد على إبعاد المملكة عن أي تأثير لتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وسوف نستمر بعون الله في تطوير الأنظمة القائمة، ووضع التشريعات الملائمة لتمكين الاقتصاد الوطني من النمو والتنوّع والتوسع، ناهيك عن إتاحة الفرصة للمواطن والمستثمر المحلي والأجنبي ليكونوا شركاءً في التنمية والرفاه.
الأهداف الإستراتيجية للميزانية العامة للدولة
أيها الإخوة الكرام:
لقد تم بحمد الله إعلان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1432/1433ه المنسجمة مع الأهداف الإستراتيجية لخطة التنمية التاسعة في دعم التنمية المستدامة وتطوير هيكلية الاقتصاد السعودي وتحسين مستوى معيشة المواطن وتحقيق تنمية متوازنة بين المناطق.
وقد بلغ إجمالي الإنفاق العام فيها 580 مليار ريال بزيادة حوالي 7% عن العام الماضي، حيث تم تخصيص نحو 150 مليار ريال لقطاع التعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة بزيادة 8% عن ما تم تخصيصه في العالم الماضي، وتخصيص 68.7 مليار ريال لدعم قطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية بزيادة 12%، وتخصيص 24.5 مليار ريال لقطاع الخدمات البلدية بزيادة نسبتها 13%، وتخصيص 25.2 مليار ريال لقطاع النقل والاتصالات بزيادة 5%.
وقد حققت ميزانية العام المنصرم فائضاً للعام السابع منذ عام 2003م، كما أن هذه الميزانية والتي تُعد الأضخم والأعلى في تاريخ المملكة جاءت لتؤكد قوة ومتانة الاقتصاد السعودي لاسيما في ظل المتغيرات الاقتصادية التي يعيشها العالم اجمع.
أمن البحرين ودول الخليج جزء من الأمن السعودي
أيها الإخوة :
إن ما يربطنا بمحيطنا الخليجي والعربي والإسلامي يتجاوز التاريخ والجغرافيا، فروابط الدين والمصير وقضايا الأمة ومصالحها، هي بلا ريب بمثابة علاقة متجذّرة راسخة لا نفتأ أن ُنعززها بكل ما استطعنا من جهد. فعلى صعيد التعاون الخليجي الذي يسير بخطى ثابتة وواضحة فإن المملكة تسعى دوماً لتوطيد وجودها الاستراتيجي في هذه المجموعة الجغرافية إدراكاً منها لما يربطها مع شقيقاتها في دول مجلس التعاون من سمات مشتركة، ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها.
إن أمن دول مجلس التعاون الخليجي جزء لا يتجزأ من أمن المملكة. وفي هذا السياق لا يفوتنا أن نعبر عن ارتياحنا لعودة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين الشقيقة، ونجدد رفض المملكة لأي تدخل خارجي يمس أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية.
إن تجربة مجلس التعاون وما تم إنجازه تحت مظلته من اتفاقيات ومشروعات رائدة هو خير دليل على رغبتنا الأكيدة في مواصلة التفاهم والتعاون مع أشقائنا في دول المجلس.
كما أن ما تم تحقيقه من تكامل وتنسيق حتى الآن إنما يهدف لتحقيق مصالح شعوبه. فقد أقرت المملكة اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي، وساهمت بفاعلية في تحقيق التكامل الدفاعي الخليجي المشترك لخلق توازن عسكري قادر - بإذن الله - على حماية أمن الخليج وصون استقراره. كما نُقدر دعم مجلس التعاون لمبادرتنا المتمثلة بالدعوة لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب.
ولا يفوتنا هنا أن نرحب بتأسيس مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي يأتي تتويجا لجهود المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض عام 2005م، الذي اقترحنا فيه تأسيس مركز عالمي لمكافحة الإرهاب برعاية منظمة الأمم المتحدة، وإيماناً منا بضرورة تكاتف الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب ولتفعيل دوره فقد ساهمت المملكة بمبلغ عشرة ملايين دولار لتمويل المركز.
أما على الصعيد العربي وإزاء ما تشهده الساحة الإقليمية من متغيرات ومستجدات، فإنه يحدونا الأمل في أن يعم الأمن والاستقرار عالمنا العربي، مؤكدين احترامنا ودعمنا لخيارات الشعوب، مع رفضنا الحازم لأي تدخل خارجي في قضايانا العربية.
ففي اليمن يؤلمنا ما يشهده من أحداث عنف ترتب عليها سقوط قتلى وجرحى، وأُهيب بكافة الأطراف ضبط النفس وتحكيم العقل لتجنيب اليمن الشقيق مخاطر الانزلاق إلى المزيد من العنف والاقتتال. ونرى بأن المبادرة الخليجية لا زالت هي المخرج لحل الأزمة اليمنية، وتحول دون تدهور الأوضاع بما يحفظ للجمهورية اليمنية أمنها واستقرارها ووحدتها.
كما لا تخفى عليكم المساعي الحثيثة التي تبذلها دائما المملكة العربية السعودية على مستوى المصالحة العربية - العربية من باب توحيد الصف العربي وتعزيز وخدمة للمصالح العربية، وما جولاتنا وزياراتنا لبعض العواصم العربية في العام المنصرم إلا لتنقية الأجواء وإصلاح ذات البين ودعم قضاياها. فكانت جهود المملكة تنصب في تحقيق السلم الأهلي في لبنان، وما زلنا ندعم أمنه ووحدته وعروبته واستقراره.
كما أننا نتطلع لبقاء العراق كياناً سياسياً عربياً إسلامياً موحداً ومستقلاً لجميع طوائفه وأبنائه، وان يكون بمنأى عن التدخل في شؤونه الداخلية.
أهمية الحوار بين الحضارات
أيها الإخوة :
إن دعوتنا للحوار بين الحضارات والثقافات وأتباع الديانات هي دعوة متأصلة من إيماننا بأن الحوار هو السبيل الأمثل لحل القضايا الدولية المختلف حولها بالطرق السلمية.
وإنني على يقين بأن الحوار بين الحضارات وأتباع الديانات هو السبيل الأمثل لتفويت الفرصة على العديد من الدعوات المتطرفة الني تخرج من مجموعات منتشرة في العديد من دول العالم باسم الدين تارة، وباسم العرق تارة أخرى، هدفها الرئيس هو تسميم العلاقات بين الشعوب والحكومات، وتقويض المشاركة الإنسانية في الحفاظ على الحضارات والتواصل بين أتباعها، وتحويلها إلى صدامات وحروبٍ أنهكت العالم لقرون عديدة، في الوقت الذي نؤمن فيه بأن ما يجمع الغالبية العظمى من شعوب العالم هو أكثر مما يختلفون عليه.
وانطلاقنا من وسطية إسلامنا وسماحة شريعته، فإننا كنا قد وجهنا في خطابنا لسماحة المفتي ما يتعلق بضبط الفتوى، بعدما رصدنا تجاوزات لا يمكن أن نسمح بها، ومن واجبنا الشرعي الوقوف إزاءها، وأكدنا أن كل من يتجاوز ذلك الترتيب فإنه سيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائناً من كان، فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار.
إن الحوار الذي ندعو له، وتمليه علينا ظروف حضارتنا الراهنة سوف يجنب العالم أجمع - بمشيئة الله - مآسي الصدامات والنزاعات بين الحضارات والديانات، ويدفعها للتعايش السلمي، والتفكير في القواسم المشتركة التي تجمعنا عوضاً عن الغوص في الاختلافات التي تفرقنا.
وإنني من مجلسكم الموقر أدعوا العالم إلى تفهم أهمية الحوار، واتخاذه وسيلة أساسية في تقارب الشعوب، وتوطيد العلاقات البشرية بين أفرادها وحكومتها .
أيها الإخوة الكرام:
إنني اشكر لمجلس الشورى الجهود الواضحة والعمل المستمر الذي تقومون به في دراسة الأنظمة، والتقارير السنوية، وتقديم الاقتراحات والمشورة، وهذا بالتأكيد محل تقدير الجميع، وإنني أُثني على ما يَرِدُنا من مجلسكم الموقر، وأتطلع منكم إلى بذل المزيد خدمة لبلادنا المباركة وشعبنا الوفي. كما أنني أُثمّن لكم - رئيساً وأعضاء ومنسوبين- تلك المساعي الحثيثة التي تبذلونها للتعريف بالتجربة البرلمانية لبلادنا في المحافل الدولية على الوجه الأمثل، وإبراز الدور التكاملي لمجلس الشورى في بلورة رأي المملكة تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ومساهمته في تبادل وجهات النظر حول القضايا المحورية التي تهم المملكة خاصة والمنطقة عموماً. الأمر الذي يؤكد بوضوح على وجود مجلس الشورى ضمن خارطة العمل السياسي الوطني. فمشاركاتكم وتمثيلكم المشرف لوطنكم دائماً ما يكون محل تقديرنا واهتمامنا.
وختاماً أيها الإخوة الكرام فإن أمامكم رسالة سامية، وأمانة كبيرة، وأنتم جديرون بحملها إن شاء الله. فبارك الله جهودكم، ووفقنا وإياكم لما فيه خير البلاد والعباد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.