في صباح ماطر، حملت يواكينا كولاكو 70 سنة مظلتها ومشت في ممرات سوق مارغاو المزدحم في ولاية غوا الهندية، آملة بالعمل طوال النهار. جلست بالقرب من متجر للنجارة في انتظار زبائن يحتاجون إلى"حمّالة"تنقل لهم أغراضهم. فمهنة النساء الحمّالات، اللواتي يحملن كل شيء فوق رؤوسهن، من البقالة إلى المفروشات، تعود إلى عهد الاستعمار البرتغالي في القرن ال18. ولا يعرف كيف تطوّر هذا العمل إلى مهنة، لكن منافسة السيارات والحافلات والقطارات والرجال للحمّالات تهدد بالقضاء كلياً على مهنتهن. "لا نعمل كثيراً هذه الأيام"، تقول كولاكو وهي تدخن سيجارة، مضيفة:"الرجال الحمّالون أقوى منا بكثير وهم مستعدون للعمل مقابل أجر أقل". توافقها زميلتها ألبيرتينا الرأي قائلة:"الرجال يحملون أحياناً أغراضاً فوق رؤوسهم من دون مقابل، أو مقابل مشروب الكاجو أو جوز الهند". وجاءت سكة الحديد، التي أنشئت في كونكان في التسعينات وتمتد 760 كيلومتراً على الساحل الغربي للهند عبر غوا، لتُنذر باقتراب نهاية زمن النساء الحمّالات. فهذا الخط الذي يربط مدينة مانغالور الجنوبية بالعاصمة مومباي التي تشكل مركزاً للمال والترفيه، نقل شباناً من ولايات مجاورة أتوا إلى غوا بحثاً عن عمل. في الوقت نفسه، ارتفع عدد السيارات في شوارع الولاية الضيقة، ما سهّل وسرّع نقل الحمولات الكثيرة والثقيلة. وشرحت كولاكو أن"ابنة الحمّالة كانت تعمل حمّالة بدورها، فيما لم يكن يسمح للأبناء بخوض هذا المضمار. واليوم، نخشى الاندثار لأن الجيل الجديد غير مستعد للحفاظ على الإرث". وسألت:"هل تتوقعون أن تجلس ابنتي التي ترتدي سروال الجينز هنا وتعمل حمّالة؟". وكان ديغامبار كامات، رئيس وزراء غوا، أعلن في آذار مارس الماضي عن دفع 25 ألف روبية 550 دولاراً لكل حمّالة عملت 25 سنة، تكريماً ل"تفانيها في خدمة المجتمع". وبحسب أودا فييغاس، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، فإن"أصغر حمّالة تبلغ من العمر 50 سنة، لا نجد حمّالة أصغر سناً". قبل خمس سنوات، كان عدد الحمّالات بالمئات، وكانت النساء يحملن الأغراض لمسافة تصل إلى خمسة كيلومترات خارج المدينة. أما اليوم فيقدر عددهن بالعشرين تقريباً. ومع اختفائهن المحتمل قريباً، سيدخل وجه آخر من أوجه الحياة الهندية التقليدية التاريخ. وعلى رغم الهبة الحكومية، يبدو المستقبل غامضاً بالنسبة إلى الحمّالات. فمهما كانت أحوال الطقس، يمضين أيامهن في نقل الحمولات، منذ الصباح الباكر عندما تفتح السوق، وحتى المساء. وهن يجنين روبيتين أو خمساً في الجولة الواحدة، وهو مبلغ بالكاد يكفيهن لشراء السلع الأساسية. وقالت فييغاس:"معظم الحمّالات أمّيات، لذلك لا يمكنهن ممارسة عمل آخر. وقد تقدمن في السن الآن ولا يرغبن في التغيير لأنهن مارسن هذا العمل طوال حياتهن".