الآن وقد خرجنا من المخابئ لماذا نعيش مجدداً في مقابر من صنع ارواحنا؟ والجثث المتقطعة التي اعدنا جمعها بالصلاة والعزاء ماذا تكون أجزاؤها الممزقة سوى اللحم؟ الآن وقد تذوقنا الأمل وكسونا جراحنا أساطير وحدتنا ألا نفضّل ان نغلق افواهنا الى الابد على النبيذ المنسكب داخلها؟ بعد ان راودنا الحلم نفسه بعد ان وجدنا المياه التي تدفقت وراء ألف سراب لماذا نخفي الشمس مرة أخرى؟ لماذا نخشى سماء الليل بعدما وصلنا الى نهايات الظلمة أنعيش في الموت مرة أخرى بعد كل الحياة التي قدمها امواتنا لنا؟ زويا، بيداء، أجدابيا، طبرق، نالوت، درنة، مصراتة، بنغازي، زنتان، استمعي اليّ استمعي اليّ ايتها المنازل والأزقة والساحات والشوارع التي حشدت عروقي في يوم قريب في ضوئك المتحرر وظلال أشجارك الشامخة سيعود أبطالك الى عروشهم في ساحات الشهداء وسيمسك العشاق بعضهم أيدي بعض. لست بحاجة ان أنظر بعيداً لأتخيّل الأعصاب التي تموت رفضاً لحياة ترسلها الدماء لست بحاجة ان أنظر عميقاً في ماضيّ لأبحث عن ألف افق ميؤوس منه ولكن، الآن وقد تذوقت الامل سقطتُ في أحضان براءتي الوعرة والخاصة. كم كانت طويلة ايامي القديمة؟ لم يعد يهمني ان أحصيها كم كانت عالية الجبال في قامة محيط بلادي؟ لم يعد يهمني ان أقيسها كم كان مراً خبز المرارة؟ لم يعد يهمني ان اتذكر الآن وقد تذوقنا الأمل الآن وقد عشنا على هذه القشرة بشق الأنفس سنعجل الموت فضلاً عن اي طعم آخر للحياة اي وسيلة اخرى لنكون بشراً * شاعر ليبي يكتب بالانكليزية ترجمة: جنى فواز الحسن