"محجبات ومن دون حجاب... النساء هن ضد الفساد"، واحد من التصريحات الحاسمة إزاء المرأة في المغرب، تلخص موقف الحزب الإسلامي الفائز بغالبية ساحقة في أول انتخابات تشريعية أجريت يوم الجمعة 25 تشرين الثاني نوفمبر الماضي بنسبة مشاركة بلغت 45 في المئة من الناخبين، بعد تعديل الدستور الصيف الماضي. لاحق السؤال في أكثر من صيغة، حزب"العدالة والتنمية"ذي التوجه المعتدل الذي يترأس للمرة الأولى الحكومة المغربية الجديدة، تطبيقاً لمقتضيات الدستور المعدل، سواء قبل انطلاق الحملة الانتخابية أم إبانها أم بعد إعلان النتائج، عاكساً تخوفات داخل المجتمع المغربي من لجوء التيار الإسلامي إلى سياسة متشددة إزاء المرأة. وأكد الحزب في بدء حملته الانتخابية أنه غير منشغل بقضايا تهم الحريات الفردية من قبيل الحجاب والاختلاط في البحر وما إلى ذلك. وقال أمين عام الحزب، عبد الإله بنكيران:"لن يلاحق المواطنون في الشارع، وتُترك قضايا المواطنين الكبرى، مثل الصحة والتعليم وغلاء المعيشة والفساد"، موضحاً أن مهمته"مواجهة الفساد السياسي والاقتصادي والمالي في البلد"و"إقرار الحكم الجيد"، مؤكداً أن الحزب لا ينوي إعادة النساء إلى المنازل، لأنها"تقاليد مجتمعية تعود إلى عصر الانحطاط"، في حين أن حزبه"له منطق تجديدي للتقاليد ولقيم المجتمع". لم تفد تطمينات حزب"العدالة والتنمية"المتكررة في تبديد المخاوف المشتركة إقليمياً مع صعود نجم الإسلاميين إلى السلطة في خضم ثورات الربيع العربي. وبعد ساعات فقط من إعلان النتائج مساء الجمعة الماضي، تجمعت بضع عشرات من النساء أمام مبنى البرلمان في قلب العاصمة الرباط ليعبّرن علناً عن مخاوف ضرب مسيرة تحرر المرأة المغربية وفرض الحزب الإسلامي الفائز في الانتخابات التشريعية قوانين تحد من حرية المرأة وتسحب منها حقوقها المكتسبة. "لا تحرر للمجتمع من دون تحرر المرأة، ولا تحرر للمرأة من دون تحرر المجتمع"، شعار رفعته"العيالات جايات"، أي النساء قادمات، في وقفتهن"وقفة رجال"متضامنات مع مطالب هذه الحركة النسائية الجديدة التي أعلنت عن نفسها قبل وقت قصير من على الموقع الاجتماعي فايسبوك بصفتها حركة نضال شعبية غير سياسية. طالبت المتظاهرات بعدم التراجع في مجال المكتسبات الحقوقية والاجتماعية التي حققها نضال النساء، وعدم اضطهاد وتهميش المرأة في المجتمع، وقلن إنهن لن يسكتن عن أي ممارسة تضطهد المرأة المغربية أو فرص سلوك اجتماعي غريب على المجتمع المغربي المسلم غير المتشدد. ودفع حزب"العدالة والتنمية"عن نفسه التهمة جملة وتفصيلاً فور الإعلان عن فوزه، حاسماً في طبيعة عمله بأنه"حزب سياسي وليس حزباً دينياً". وكرر بنكيران الرد على سؤال حول الحجاب والنقاب والحريات الفردية:"إذا أردنا الفشل فشلاً مطلقاً سنفرض الحجاب". واستطرد مؤكداً عدم نية الحزب تغيير التقاليد المجتمعية الراسخة قائلاً:"لن نتدخل في اختيارات الناس. لن نفرض الحجاب على امرأة واحدة، وليس كل النساء، إذا كنا جادين في النجاح". وينص الدستور المغربي على المساواة بين الجنسين واحترام حقوق النساء، لكن"العيالات جايات"متخوفات من عدم تطبيق مقتضياته في الحياة العامة، ف"كم من دستور عربي يحترم المرأة على الورق فقط؟". وكانت التنظيمات النسائية، يسارية ويمينية، سجلت خيبتها من القانون الانتخابي الجديد الذي أقرّ 60 مقعداً فقط للنساء في البرلمان عبر القائمة الوطنية، بعد اقتسام حصة 90 مقعداً مع الشباب، لبلوغ نسبة ثلث مقاعد البرلمان المقبل كمحطة تدريجية للوصول إلى مبدأ المناصفة، على رغم نص الدستور على المساواة بين الجنسين وإعطاء المرأة قوة تمثيلية داخل المؤسسة التشريعية تمكنها من المشاركة في اتخاذ القرار. كما كانت خيبة النساء كبيرة من الأحزاب التي لم تجرؤ على ترشيحهن على مستوى القوائم المحلية 3.75 في المئة، في تناقض واضح مع التزاماتها وشعاراتها المعلنة بالمساواة والمناصفة المكفولة في الدستور الجديد.