وزير المالية: الاقتصاد السعودي تجاوز إصلاحات هيكلية مؤلمة    الخريف: الصندوق الصناعي اعتمد مشاريع بقيمة 12 مليار ريال في 2024    الجاسر: قطاع النقل حقق نسبة نمو 17% منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    البنيان: رصدنا أكثر من 166 مشروعا تعليميا في 2025    "أنا المدينة".. تجربة واقع افتراضي تنقل الزوار إلى العهد النبوي    نائب أمير الشرقية يستقبل جمعية"ترابط" ويرأس اجتماع مجلس إدارة هيئة تطوير الأحساء    الكهموس: المملكة جعلت مكافحة الفساد ركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030    وزير الطاقة يعقد اجتماعًا ثلاثيًا مع نائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الطاقة الكازاخستاني    المملكة ضيف شرف لمنطقة الشرق الأوسط في معرض «أرتيجانو إن فييرا» بإيطاليا    نائب وزير الصحة يستعرض إنجازات "مستشفى صحة الافتراضي" ضمن ملتقى ميزانية 2025    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية لتشغيل مركز الأطراف الصناعية في مأرب    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    المملكة تشارك في اجتماعات الدورة ال29 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    توقيع مذكرة لجامعة الملك خالد ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    السفير الجميع يقدم أوراق اعتماده لرئيس إيرلندا    هدنة لبنان.. انسحابات وإعادة انتشار    انتقادات من جيسوس للتحكيم بعد مواجهة السد    الأونروا تحذّر من وصول الجوع إلى مستويات حرجة في غزة    "الطيران المدني" تُعلن التصريح ببدء تشغيل الخطوط الجوية الفرنسية Transavia France برحلات منتظمة بين المملكة وفرنسا    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    هؤلاء هم المرجفون    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"جمهورية مقدونيا" تبحث عن اسمها وهويتها وسط توتر داخلي وإقليمي
نشر في الحياة يوم 24 - 05 - 2010

استقلت جمهورية مقدونيا عن يوغسلافيا السابقة في 1991، وكانت الوحيدة التي خرجت من المظلة اليوغسلافية من دون مشاكل، الا أنها سرعان ما واجهت الحصار اليوناني الاقتصادي والديبلوماسي بسبب اسمها الذي تعتبره اليونان من تراثها القومي. ولأجل ذلك فقد عرقلت اليونان قبول هذه الدولة المستقلة الجديدة في الامم المتحدة تحت هذا الاسم، وقبلت آنذاك باسم موقت هو"فيروم"اختصار"جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة" الى أن تتفق الدولتان على حل توافقي.
ولكن هذا الحل"الموقت"استمر ثلاثين سنة وأصبح في السنوات الأخيرة يضغط أكثر وأكثر على"جمهورية مقدونيا". فقد فقدت سكوبيه في العام الماضي فرصة الانضمام الى الحلف الاطلسي فقط بسبب الفيتو اليوناني، ولذلك أجّل مجلس الحلف هذا الأمر الى أن يتفق الطرفان على هذه المسألة. صحيح أن اليونان انشغلت في الأشهر الأخيرة بأزمتها الاقتصادية الطاحنة، التي أصبحت معها تحت رحمة الاتحاد الاوروبي، الا أن موقفها من هذا الامر لم يضعف أبداً حتى ان وزير الخارجية المقدوني انطونيو ميلوشفسكي وبعد لقائه وزير الخارجية السويدي في 7 أيار مايو انتقد اليونان لتشبثها ب"الخطوط الحمر"التي وضعتها.
ومع وجود الحزب القومي على رأس الحكومة في سكوبيه لا يبدو الحل قريباً. فقد أجريت في الاسبوع الاول من أيار"محاكاة"لمفاوضات يونانية مقدونية في المدينة الحدودية أوهريد بتوسط دولي الا أن رئيس جلسة المحاكاة فيتون سوروي رئيس فريق التفاوض الكوسوفي مع صربيا أبلغ"الحياة"أن المسافة لا تزال كبيرة وأن من المقترحات المطروحة"تقاسم"مقدونيا بحيث تحمل الجارة الشمالية لليونان اسم"جمهورية مقدونيا الشمالية". ولكن الخلاف لا ينحصر في الاسم بل في الرموز الاخرى المرتبطة به العلم والنشيد الوطني الخ.
ولكن التوتر وعدم الاستقرار في"جمهورية مقدونيا"ليس مصدره فقط اليونان وأزمتها الاقتصادية بل هو في النزاع المتجدد بين المكونين الرئيسين الدولة: السلاف حوالى 65 في المئة والألبان حوالى 30 في المئة. فقد كان الألبان يشكون من تهميشهم انطلاقاً من التصور الاحادي للدولة التي كانت توصف في الدستور بأنها"دولة قومية"للسلاف المقدونيين، وأدى هذا الى اندلاع النزاع المسلح في ربيع 2001 مع ظهور"جيش التحرير القومي"في مقدونيا الغربية التي يشكل فيها الألبان الغالبية. ونظراً لخطورة التداعيات الإقليمية فقد أدى التدخل القوي للاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الى حمل الطرفين على التفاوض والتوقيع على"اتفاقية أوهريد"التي صاغت مفهوماً جديداً ل"جمهورية مقدونيا"جعلها تقوم على مفهوم المواطنة المتساوية.
ومع أن"جيش التحرير القومي"بقيادة علي أحمدي تحول الى حزب سياسي باسم"الاتحاد الديموقراطي للإندماج"وحتى انه شكّل حكومة ائتلافية مع الحزب القومي المقدوني برئاسة نيقولا غرويفسكي خلال 2002 - 2006، الا أن الامور عادت للتوتر بعد أن عاد الطرفان الى الحكم من جديد في 2007. وقد وصل هذا التوتر الى ذروته حين أعلنت الحكومة عن اكتشاف مخبأ للأسلحة قرب الحدود مع كوسوفو، وحين صدر في 2 أيار أول بيان ل"جيش التحرير القومي"ما أعاد الى الأذهان تجربة عام 2001.
وعلى رغم أن الزعيم السابق ل"جيش التحرير"علي أحمدي نفى صحة هذا البيان أو نفى وجود هكذا"جيش"الا أن أحمدي اعترف بأنه اتصل مع الاطراف الدولية الضامنة ل"اتفاقية أوهريد"والقيادة السياسية لكل من كوسوفو وألبانيا المجاورة ل"التشاور حول الموضوع". ويعتقد بعض المراقبين أن هذا البيان وهذا الموقف قد يكونا محاولة من أحمدي لاسترجاع بعض ما خسره في السنوات الاخيرة في الشارع الالباني بسبب مشاركته في الحكومة الائتلافية مع غرويفسكي الذي يتولى الآن تنفيذ أكبر مشروع انشائي في العاصمة سكوبيه 2014 على رغم المعارضة الألبانية الحزب الديموقراطي الألباني واليسارية الحزب الاشتراكي الديموقراطي.
وتأخذ المعارضة اليسارية على رئيس الحكومة غرويفسكي انه ينفق ببذخ على هذا المشروع التجميلي 240 مليون يورو بحسب المعارضة على حساب الحاجات الملحة للعاصمة والمدن الرئيسة الاخرى. أما المعارضة الالبانية فتضيف أن غرويفسكي يريد بهذا المشروع أن يعطي وسط العاصمة لوناً واحداً قومياً دينياً سلافياً مسيحياً في الوقت الذي يقسم فيه نهر فردار العاصمة الى مدينتين مختلفتين: الاولى بطابع سلافي مسيحي والثانية بطابع ألباني مسلم.
وقد توترت الأجواء أكثر حين انضمت الى المعارضة"الجماعة الدينية الاسلامية"، التي تمثل المسلمين أمام الدولة وتتمتع بتأثير كبير لكونها تشرف على كل الجوامع في الجمهورية. فقد احتجت الجماعة بقوة على قرار الحكومة بناء كنيسة في وسط العاصمة ضمن مشروع"سكوبيه 201"، وبالتحديد على بعد أمتار من المكان الذي كان فيه أجمل جوامع البلقان حتى عام 1924 جامع بورمالي. وكان هذا الجامع التاريخي دمرته السلطات الصربية التي كانت تحكم البلاد آنذاك لتبني مكانه"نادي الضباط"الذي تدمر بدوره بعد زلزال سكوبيه العنيف في 1963. ولذلك فقد طالبت الجماعة الاسلامية الحكومة بأن تسمح لها بإعادة بناء الجامع ليكون مع الكنيسة المقترحة رمزين للعاصمة والدولة المشتركة.
ويبدو أن موضوع"جامع بورمالي"فتح بدوره ملفات أخرى اذ تبيّن أن الحكومة تقوم ضمن مشروع"سكوبيه 2014"ببناء مقر ضخم للفرقة الموسيقية الهارمونية في أرض وقف للجماعة الاسلامية ، كما فتح ملف العلاقة بين الدين والدولة. فالدستور الجديد ينص على وجود"دولة علمانية"يفترض أن تكون محايدة او أن تقف على مسافة واحدة من الاديان، بينما ممارسات الحكومة في السنوات الاخيرة تحتاج الى تعريف جديد ل"العلمانية"المذكورة في الدستور.
مع هذا التوتر الداخلي بين اليمين واليسار وبين السلاف والألبان، والتوتر الإقليمي بين"جمهورية مقدونيا"واليونان، وانعكاس الازمة الاقتصادية في اليونان على الجوار، تتضرر"جمهورية مقدونيا"من خسارة الاستثمار الاجنبي التي هي في أمس الحاجة اليه. فالجمهورية تتمتع بإمكانات اقتصادية كبيرة يمكن أن تحولها الى"سويسرا البلقان"، كما كان طموحها بعد 2001، ولكن الأمر يحتاج الى قرار سياسي جريء من رئيس الحكومة والى توافق جديد سلافي ألباني على الثوابت بما في ذلك الاسم والرموز والحقوق والواجبات قبل التفاوض من جديد مع اليونان المتشبثة ب"الخطوط الحمر".
نشر في العدد: 17216 ت.م: 24-05-2010 ص: 25 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.